السؤال
السلام عليكم.
أنا على علاقة بشاب منذ سنة كاملة, وبعد شهرين من معرفتنا طلب من أبيه أن يخطبني له، ولكن الوالد رفض؛ لأنه بطبعه لا يحب أن يختار أبناؤه زوجاتهم بأنفسهم, واستمر يطلب منه ذلك بطرق مختلفة وبخطط جديدة ستة أشهر تقريبا, ولكنه كان رافضا حتى عيد الفطر, ثم وافق بعده، وكان سبب الموافقة أن أخاه قال له: لن تسافر إلى الدراسة أنت بل ستسافر من أجل الحب، فلما علم أبوه بذلك قرر أن يوافق؛ لأن حلمه أن يصبح ابنه طبيبا، وقال له: الخطبة ستكون في شهر مارس القادم، وبقي للخطبة آنذاك ستة أشهر، وأخذتنا الشكوك والظنون: لماذا شهر مارس؟ وقال لي الشاب: عندي امتحانات وقتها, وعندما تنتهي سيخطبك لي, وكانت هذه الستة الأشهر بطيئة من جهة, ومن جهة أخرى بنينا فيها كل أحلامنا بيقين تام, إلا أن الشك كان يراودني أحيانا، وفي شهر فبراير - قبيل الامتحانات بأسبوع - أبلغ ابنه أنه لن يخطبني له, وأنه سيزوجه بأخرى, فقلت له: بعد الامتحانات سندبر الأمر-إن شاء الله- وبعدها بأسبوع فقط أبلغه أنه خطب له، فاتصل الشاب بوالد الفتاة, وقال: لن أدخل على ابنتك وسأتزوج بغيرها، فكان رده بلا رحمة على ابنته: لا بأس تزوج بأخرى، علما أنه كان يعرف بأنه يحبني.
لا أريد أن أنساه، والكثيرون يقولون لي: ربما لا خير فيه، ولكن الله - سبحانه وتعالى - عنده الخير كله، فما علينا إلا أن نطلبه، وكل يوم أدعو وأبكي وأستغفر، فأنا أريده ولا أريد غيره، بل لا أتخيل نفسي من دونه.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
بداية: نرحب بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يقدر لكم الخير ثم يرضيكم به.
وكم تمنينا أن يدرك الآباء أنه ليس لهم أن يقفوا في طريق أبنائهم إذا اختاروا صاحبة الدين والخلق، أما إذا كان هناك تجاوز, وكان في دين المخطوبة ضعف أو في دين الخاطب ضعف، فمن حق الآباء والأمهات والأولياء - بالنسبة للبنات - أن يتدخلوا، وكم تمنينا أيضا لو أدخل كل شاب يريد أن يبدأ المشوار أهله في الصورة منذ البداية، وليس بعد أن تتعمق العلاقات، وبعد أن يتعرف على الفتاة؛ لأن هذا يزعج الآباء والأمهات.
ومع ذلك فإننا ندعو هذا الشاب إلى أن يكرر المحاولات, وأن يتوجه إلى رب الأرض والسموات, وأن يدخل أصحاب الوجاهة، وعليه أن يدرك أنه لا بد لمكثر القرع للأبواب أن يلج، وسوف يأتي اليوم الذي يقبل منه الوالد إذا لحظ منه الإصرار، خاصة بعد الموقف الذي ظهر فيه للوالد أن هذا الشاب لا يمكن أن يسير في طريق لا يريده، وليس في ذلك مصلحة للشاب وللفتاة التي يتزوج بها، وحتى يحصل ذلك ندعوه وندعوك إلى التوقف عن هذه العلاقة، واللجوء إلى الله - تبارك وتعالى - وعليه أن يكرر المحاولات، ويأتي البيوت من أبوابها، وتستطيعين أن تتوجهي إلى الله ليلا ونهارا بالدعاء، فإن الله - تبارك وتعالى - يجيب المضطر إذا دعاه.
ولكننا نتمنى - من جانب الرجل - أن تكون له محاولات، وأن يكرر المحاولات والطلب وإقناع والديه، فإذا تبتم إلى الله ورجعتم، وثبت له صلاحك, ولا زال ميله إليك باقيا فعليه عند ذلك أن يطلبك رسميا، ونتمنى أن ينجح في إقناع الوالد، وإذا كنت صاحبة دين وخلق والاختيار تم على قواعد صحيحة، فإنه ليس للوالد - ولا لغيره - أن يقف في طريقه, ومع ذلك فإننا ندعوه إلى أن يجتهد في إرضاء الوالد، وإذا علم أن الوالد يمكن أن يرضى بعد الزواج فلا مانع من أن يمضي في هذا السبيل.
ونتمنى أن يجد مساعدة من الأعمام والعمات والأخوال والخالات، وكل من له تأثير على الوالد، ومن جانبك أرجو أن تستمري في الدعاء، وتتوجهي إلى رب الأرض والسماء، وأرجو أن يصل لنا بيان عن إصرار هذا الشاب، إذا عرفنا هذا فإننا عند ذلك سوف نقرر، ونتفق جميعا على وضع الخطوط التي يمكن أن تسيري عليها.
نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان, ثم يرضيك به.