إدمان الكمبيوتر مشكلة تحتاجُ لعلاج.

0 447

السؤال

السلام عليكم..

لدي مشاكل عديدة، لكن يكفي أن أعرض مشكلتين فقط:

أنا أحب الكمبيوتر جدا، فعندما توفي أبي وأنا في الـ 11 من عمري كنت أحب الكمبيوتر، وأبقى عليه لوقت طويل، ولما توفي أبي -رحمه الله- ما كنت أفهم شيئا، وكنت أبقى على الكمبيوتر 24 ساعة، ولم أذهب للمدرسة، وصرت أرسب كل سنة، ولا أعلم ما هي الخطورة!؟ حتي جاءتني حالة أني لا أرغب بمشاهدة أي شخص، فقط أبقى على الكمبيوتر 24 ساعة، ولا أحب الخروج، قد أخرج كل شهر مرة.

المشكلة الثانية هي في جسمي ومظهري، الحقيقة أنا ندمت كثيرا على الذي كنت أفعله، لا أخرج مثل الأول، مع أني كنت نشيطا جدا، أصبح لدي وزن زائد، ولدي مشكلتان بسببهما لا أريد الخروج، هما: تضخم بسيط في الثدي، لكن يظهر عندما ألبس "تيشرت نصف كم" وتضخم بسيط في البطن، وظهور الكرش!

كنت أمارس العادة السرية منذ طفولتي حتى الآن، وفي كل مرة أقول: لن أفعلها مرة أخرى، لكني أفعلها! أنا حقا أريد أن أكون شخصا جيدا، ويحبني الناس كالسابق، فأرجو إفادتي حتى أبدأ صفحة جديدة في حياتي، فأنا لا أحد يعتني بي منذ أن غادر أبي الدنيا، ولا يوجد شخص طيب بالعائلة.
أرجوكم ساعدوني، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الابن الفاضل/ م-ا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وقد فهمت من سؤالك أنك وفي خلال الخمس سنوات الماضية لم تخرج كثيرا من البيت، ومعظم الوقت على النت والكمبيوتر، ومن النتائج المتوقعة لهذا زيادة الوزن وقلة النشاط والحيوية.

لاشك أنه أمر مؤلم أنك لم تجد في حياتك من يهتم بك بعد وفاة والدك -رحمه الله- وربما ما تعانيه مشكلة واحدة ولكن لها وجهان، فمن جهة أنت لا تخرج من البيت ولا تختلط بالناس، والوجه الثاني: أنك جالس معظم الوقت على الكمبيوتر والنت، ومن أجل العلاج والإصلاح لابد من معالجة الأمرين معا، ولا يكفي الواحد دون الآخر.

لابد أولا من الخروج من البيت ولأي سبب كان، ويمكنك أن تقوم بهذا الخروج لأمر مفيد ونافع، كأن يكون للسؤال عن موضوع الدراسة أو العمل، وما هي الفرص، وما هي الخيارات المتاحة لك بعد هذه المدة من الانقطاع؟ ويمكن أن يكون الخروج من البيت للرياضة والمشي، وأنا أقترح عليك أن تخرج لأمر بسيط كمجرد المشي مثلا.

والأمر الثاني وهو مشكلة النت والكمبيوتر: لقد أصبحت مشكلة التعامل مع النت ومع وسائل التواصل الاجتماعي مشكلة عند الكثير من الناس، وهناك الآن حديث جدي عن "إدمان النت" و"إدمان البلاك بيري" وغيرهما من هذه الوسائل، وهناك أيضا مراكز متخصصة لعلاج هذا الإدمان، والذي يدخل تحت مسمى "السلوك الإدماني" وأنا أعمل استشاريا للطب النفسي في واحد من هذه المراكز.

ربما أهم نقطة في قضية إدمان النت ليس كيف تترك النت، وإنما ما هي الأعمال التي ستقوم بها عندما لا تكون على النت؟ أي ما هي البدائل؟
فطالما لا يوجد عندك شيء يغريك ويشجعك على قضاء بعض الوقت معه، فلماذا تترك جهاز الكمبيوتر، ولماذا تهجر النت، طالما لا يوجد عندك بديل، فهذا أفضل من الجلوس هكذا تنظر في فضاء السماء!

فإذا: حدد أولا ما هي الأعمال؟ والأفضل ما هو العمل الذي تريد القيام به، عندما تتاح لك فسحة من الوقت؟ هل هو الدراسة، أو أي أمر آخر؟ فعندما تحدد ما هو المطلوب منك، وما هو العمل الذي تريد أن تجلس عليه ساعة أو ساعتين، فقد يسهل عندها ترك الكمبيوتر، والتفرغ لهذا العمل، طبعا هناك أمور أخرى كثيرة يمكنك القيام بها، وأذكر منها على سبيل المثال، لا الحصر:

- أغلق الجهاز، وضعه بعيدا عنك.
- أعط الجهاز لأحد أفراد أسرتك، واطلب منهم أن لا يعطوك إياه إلا بعد ساعتين -مثلا- أو أكثر.
- اترك الجهاز في البيت، وحاول أن تدرس وتنهي أعمالك في مكتبة عامة بعيدا عن البيت.
- حدد وقتا لاستعمال النت، بحيث بعد ساعة مثلا أطفئ الجهاز -أي لا تنقطع كليا عنه وإنما حدد وقتا مخصصا-.
- ادرس مع صديق لك، بحيث تلتزم بالجلوس معه طول مدة الدراسة.
- خصص يوما في الاسبوع لا تستعمل فيه الكمبيوتر، وإذا استطعت يمكن أن تجعلها ليومين.
- حدد وقتا في المساء كآخر ساعة تستعمل فيه الجهاز، فمثلا لا استعمال بعد الساعة الـ8 مساء.
- حدد وقتا أثناء النهار بلا جهاز، مثلا بين الساعة الـ12 ظهرا والـ8 مساء، بحيث تكافئ نفسك على الدراسة باستعماله بعد هذه الساعة.

وهكذا ترى أن هناك وسائل كثيرة يمكننا من خلالها أن ننظم أمور حياتنا، ونسيطر على ظروفنا، ولا نجعل "ظروفنا" تتحكم بنا، وربما العنصر الأساسي في نجاح هذه الإجراءات هو صدق العزيمة، واتخاذ الأسباب، كما يقول تعالى في موقف مشابه عن مدى استعداد الإنسان للقيام بعمل ما يحتاج صبرا وعزيمة: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة}.

أرجو منك الآن، وبعد قراءة جوابي هذا أن تطفئ الجهاز، ولا تعود إليه إلا بعد ساعتين من الآن، وسترى كيف يمكن علاج المشكلة، ومن نفسك، ولكن لابد من اتخاذ الخطوات البسيطة هذه.

وفقك الله ويسر لك الخير.

مواد ذات صلة

الاستشارات