أهتم بالآخرين على حساب نفسي وزوجي .. هل هذه حالة نفسية؟

0 346

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أعلم من أين أبدأ ولكن سأحاول أن أضع مشكلتي بين أيديكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 عاما، متزوجة ولدي بنت، وقد أنعم الله - سبحانه وتعالى - علي بحياة مستقرة، وزوج محب لي، إلا أن الوساوس تسيطر علي، وتجعلني غير طبيعية، فأنا مثلا شديدة الحساسية، ودائما تأتيني أفكار بأني عديمة الإحساس بغيري من الضعفاء والمساكين، وأني سعيدة بحياتي، ولا أفكر فيهم، فأصبحت شديدة البكاء والحساسية، حتى أني أصبحت لا أهتم بشكلي أمام زوجي، ولا أشتري كل ما يعجبني، وكل ما هو غال، ومهملة نفسي بشكل كبير، ولا أهتم ببيتي، ولا أتقرب من زوجي كثيرا، وكأني أريد عدم إظهار ذلك، حتى لا يشعر أحد بالغيرة والحسرة مما أنا فيه، فأنا أراعي مشاعر الناس على حساب سعادتي، وحينما اعتزلت الناس شعرت بالاكتئاب.

أبكي كثيرا عندما أرى الفقراء لا يجدون ما يأكلون، وهم يعلمون أننا نعيش بأمان، ونسرح ونمرح، مع العلم أني ملتزمة بديني، وأخاف الله في كل شيء، ولكن أشعر أن هذه الوساوس قد تدمر حياتي، وتجعلني أقع في أمور محرمة من حيث لا أدري، فقد أخرب بيتي بيدي، وقد تضررت ابنتي كثيرا من هذا الأمر، وهذه الأعراض بدأت تظهر جليا بعد زواجي - أي بعد أن حقق الله لي أمنيتي – وأخاف أن أهدمها بيدي.

هل هذه اضطرابات ذهانية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى حرصك على مصلحة الآخرين ومشاعرهم، ويا ليت عندنا الكثير من أمثالك، في إحساسهم بما يقع للناس، ونحن نشهد يوميا بعض معاناة الناس في بلاد مختلفة كسوريا وغيرها -أعانهم الله وسدد خطاهم -.

ولكن! وكما نعلم أن ما زاد عن حده انقلب إلى ضده!

نعم نحن نقلق للآخرين، ولكن لا ننس أن هناك حكمة إلهية من كل ما يجري، وصحيح أن بعض الأحداث تؤلمنا وتحرمنا النوم، إلا أن الله - تعالى - بالغ أمره، وأن مع العسر يسرا.

يقول الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - معلنا وموجها لنا في هذا الإطار "إن لنفسك عليك حقا".

إن واجبك تجاه نفسك وتجاه زوجك وأسرتك... فرض عين عليك، بينما مساعدة الآخرين، والشعور بمشاعرهم قد يكون فرض كفاية، إن قام به البعض سقط عن الآخرين.

فلا تتركي ما هو واجب عليك بعينك، على ما هو واجب عليك وعلى غيرك.

والأمر الآخر: أن هذه الحساسية، وهي مطلوبة، قد تتسبب في حالة من الحزن الشديد الذي قد يصل إلى الاكتئاب، والذي لن يفيدك ولن يفيد الناس الآخرين الذين تألمت لهم. فبماذا سيستفيد الناس إن أنت أهملت نفسك وأسرتك؟ هل حال الناس سيتحسن إن ساءت حالتك وصحتك وأسرتك؟!

إذا طال عليك الأمر، ولم تجدي تغيرا واضحا خلال أسبوع أو أسبوعين، فأرجو أن لا تترددي في استشارة أخصائية نفسية قريبة من مسكنك، لتتحدثي معها، وتصلي معها إلى تحديد دقيق لطبيعة المشكلة، سواء كانت الوسواس أو الاكتئاب الذي يحتاج ربما للعلاج المباشر.

وإن كنت على ثقة من أنك ستستطيعين تجاوز هذا ومن دون الحاجة للعلاج النفسي.

فيا أختي الكريمة: عليك برعاية ابنتك، ورعاية زوجك، وأولا وأخيرا رعاية نفسك؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

من اليوم وأنت تقرئين هذا الجواب، صممي على ترتيب أولوياتك في الحياة، وأن نفسك وابنتك وزوجك وأسرتك قبل أي شخص آخر، والحبيب المصطفى يقول لنا أيضا: "خيركم خيركم لأهله" وأنا أفهم من هذا أن نقدم الرعاية لأهلنا ولأسرتنا.

ومما سيعينك كثيرا أنك - ما شاء الله - ملتزمة بدينك، وتخافين الله - تعالى - فحولي هذا الخوف منه - تعالى - إلى طاقة إيجابية تدفعنا للعمل والنشاط.

وفقك الله، وشرح الله صدرك للخير، وأسعدك دنيا وآخرة.

مواد ذات صلة

الاستشارات