السؤال
أخاف من الجو - الأمطار والغيوم - ومن الخروج من القرية التي أسكن فيها، وقد أصابتني الحالة عندما كنت في الثامنة عشرة من عمري، و لم أفكر في حياتي بأشياء كهذه، لكنها بدأت منذ الخدمة الإلزامية، فمن يومها وأنا أعاني، وأرى الموضوع يكبر، وأنا - يا دكتور - أحرج من أصدقائي وأقربائي بسبب هذا الخوف؛ رغم أنهم يعرفون أني رجل في كلامي، لكن هذا الخوف قد أبعدني كثيرا عن أصدقائي وعملي، فأنا أعمل وأدرس، وحالتي يرثى لها، لقد تعبت، وأنا أصلي -والحمد لله- وقريب من ربي، وأدرس في منطقة تبعد عن قريتي 45 كم، وعندما أذهب أشعر بضيق في النفس، وأشعر بصداع، وأنا متيقن أنه ليس مرضا، ولكن هذا ما أشعر به، فهل يعد هذا مرضا نفسيا؟ وهل يمكن زواله؟ وكيف يمكن علاجه سلوكيا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
إن المخاوف يمكن أن تكون من أي شيء، وهي بالطبع غير منطقية، وغالبا ما تكون مكتسبة وناتجة من تجارب سالبة.
نوعية الخوف الذي تعاني منه نسميه الخوف المبسط، ولديك أيضا جانب مما نسميه برهاب الساحة، أي أنك تخاف حين تكون مبتعدا عن أمان المنزل، فالتشخيص النهائي لحالتك هو أنك تعاني من قلق المخاوف البسيط، وهذا يعالج سلوكيا من خلال تحقير الفكرة، فلا تقبل هذه الفكرة أبدا، لماذا تخاف من المطر؟ لماذا تخاف من الغيوم؟ فهذه نعمة عظيمة من نعم رب العالمين، وحين ينزل المطر ينزل على جميع الناس، وحين تأتي الغيوم تغطي جميع الناس، وحين يكون هناك رعد يسمعه كل الناس، وتذكر أن الرعد يسبح بحمد الله، فتذكر هذا وضعه في مخيلتك دائما، وأكثر من الاستغفار والتسبيح؛ لفعل من قال فيهم رب العالمين: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار} واسأل الله تعالى خير ما جاءت به الرياح - اسأل الله تعالى من خيرها ومن خير ما أرسلت به، واستعيذ بالله تعالى من شرها ومن شر ما أرسلت به - وقل: (مطرنا بفضل الله ورحمته), وأكثر من الاستغفار، وتذكر عظمة الجبار حين تأتي هذه الريح, فهذا ينزع منك كل خوف لو أخذت الأمور ببساطة شديدة جدا، واقرأ عن المطر كيف يتكون، واقرأ عن الغيوم كيف تتكون، واقرأ عن الريح كيف تتكون, وما هي سرعتها؟ فالإنسان حين يجهل الشيء قد يكرهه, وقد يخاف منه، لكن من أفضل وسائل إزالة الخوف هي التقرب، والإلمام بالشيء وبكل أسراره ومكوناته، فأريدك أن تعرض نفسك لمصادر مخاوفك من خلال ما ذكرته لك من إرشاد.
الأمر الثاني هو العلاج الدوائي: لا بأس أبدا أن تتناول أحد الأدوية المعروفة جدا بفعاليتها لعلاج هذا النوع من المخاوف، وعقار سيرترالين - الذي يسمى لسترال وزولفت, وربما يكون له مسمى تجاري آخر في الأردن - نعتبره من الأدوية الجيدة جدا، وأنت تحتاج له لمدة بسيطة بجرعة صغيرة، فابدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا – أي نصف حبة – استمر عليها لمدة عشرة أيام، وبعد ذلك اجعلها خمسين مليجراما – أي حبة واحدة – ليلا، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء, فقد تحدثنا عن العلاج السلوكي, وتحدثنا كذلك عن العلاج الدوائي، وعليك بالعلاج الاجتماعي – فهو مهم جدا – فأكثر من التواصل الاجتماعي، وكن بارا بوالديك ورحمك، ولا بد أن تكون لك أنشطة رياضية، فهذه كلها إضافات علاجية مهمة جدا, فلا تتجاهلها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد.