السؤال
أختي الصغيرة في نهاية هذا الشهر سيصبح عمرها خمس سنوات، وعندما كانت صغيرة كانت تتكلم وتفهم وتلعب - مثل أي طفل – لكنها فجأة لم تعد تتكلم, ولم تعد تفهمنا, وعندما نناديها لا ترد علينا, وهي تتكلم كلاما غير مفهوم فذهبنا بها للطبيب, وقال: إنها سليمة, فماذا نفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فعمر الخمس سنوات هو عمر يكتسب فيه الطفل الكثير من المهارات القوية، والقدرة على التواصل مع الآخرين، والمقدرات القوية لدى البنات أفضل مما لدى الذكور قطعا.
هذه الصغيرة - حفظها الله - كما ذكرت وتفضلت كان مخزونها اللغوي وقدرتها على التعبير جيدا، لكنها بعد ذلك أصبحت تتكلم كلاما غير مفهوم مع تدهور في أدائها اللغوي.
الطبيب أكد لكم أنها سليمة، وهذا أمر مشجع، وربما يكون الطبيب قد قصد أنها سليمة من الناحية العضوية، لكننا لا بد أن نبحث من الناحية النفسية.
بعض الأطفال يحدث لهم ما نسميه بالنكوص, والنكوص هو نوع من التراجع في المقدرات التطورية والإنمائية في الطفل، بل الطفل بعد أن يتحكم في البول لمدة سنة أو سنتين يبدأ فجأة في التبول اللاإرادي، فهذا نوع من النكوص، أو أن يبدأ بطلب ثدي أمه بعد ستة أو سبعة أشهر من الفطام، وهذا نوع من النكوص، أو أن يكون الطفل قد اكتسب مقدرات لغوية جيدة جدا، لكنه بعد ذلك يبدأ في التلعثم أو يتكلم كلاما غير مفهوم، أو تكون كلماته ولغته متداخلة، وهذا نوع من النكوص أيضا.
فهذه الطفلة يجب أن نتأكد: هل تعاني من نكوص أم لا؟
ومن أسباب النكوص دائما أن يكون الطفل غير مرتاح من الناحية النفسية، فهنالك بعض الأسباب كالمتغيرات الأسرية، بأن تنتقل الأسرة من مكان إلى مكان، أو أن يبدأ الطفل المدرسة، أو أن ينتقل إلى مدرسة جديدة - وهذا طبعا لا ينطبق على هذه الصغيرة – أو أن يأتي مولود جديد في الأسرة، وهكذا.
إذن فهناك أحداث حياتية ذات صلة بحياة الطفل هي التي قد تؤدي إلى النكوص، وهذه علاجها من خلال طمأنة الطفل، وأن نعطيه انتباها أكثر، وأن نحفزه، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: بعض الأطفال يكون لديهم ما يسمى بالصمت الاختياري، بمعنى أن الطفل يتكلم كلاما جيدا في مواقف معينة، وفي بعض المواقف يكون كلامه غير واضح، أو أنه يكون صامتا، وهذا ناتج قطعا من بعض الصعوبات النفسية التي تعالج بنفس المنهج الأول الذي ذكرناه.
هنالك أطفال بعد أن يكتسبوا اللغة يحدث له تدهور سريع في مقدراتهم اللغوية، وهؤلاء الأطفال غالبا ما يعانون من علة مرضية عصبية تعرف بمتلازمة (REPPS), وهذه المتلازمة نادرة جدا، ويصعب علاجها، وهي قطعا لا تنطبق - إن شاء الله تعالى - على أختك أبدا، ولكني حاولت أن أذكرها من أجل توضيح المعلومة العلمية بصورة واضحة فقط.
فما دام الطبيب قد أكد لكم أن هذه الطفلة سليمة، فالذي أراه هو أن تشعروها بالأمان، وبالطمأنينة، وأن تعطوها الفرصة لأن تلعب مع أطفال في عمرها، وأن تلاعبوها أنتم في المنزل أيضا، وتلاعبوها بنوع من التمثيليات أو الدراما التي تناسب عمرها، ومن يلاعبها يجب أن ينزل إلى مستواها العمري، فهذا مهم جدا.
وحاولوا أيضا أن ترددوا معها كلمات، وأن تقرؤوا لها بعض سور القرآن – كالفاتحة, والمعوذتين والإخلاص - ودعوها تردد بعض الأناشيد, وهكذا، وأعتقد أن مشكلة هذه الطفلة سوف تحل تماما من خلال هذا النوع من البرامج، وأعتقد أن فترة ستة أشهر سوف تكون فترة كافية جدا لنرى إلى أي مدى سوف تتقدم هذه الطفلة، وإن تم حل المشكلة فهذا أمر طيب، وإن ظلت الطفلة على حالها وتدهورت فهنا لا بد أن تعرض على المختصين، وطبيب الأطفال المختص في الأمراض العصبية سيكون هو الأفضل.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.