السؤال
لقد حدثت لي مفاجأة هذه السنة، وهي أني في هذه السنة لم أذاكر مذاكرة جيدة تجعلني أحصل على ترتيب على المدرسة، وكنت أهمل في بعض المواد، بل لا أذاكر إلا قبل ليلة الامتحان، بل إن بعض المواضيع لم أذاكرها أبدا، ودخلت الامتحان هكذا, وأنا مقصر في صلاتي، فكثيرا لا أصليها في وقتها، ومقصر في قراءة القرآن، وأعصي الله كثيرا، وأحيانا أتوب، وأحيانا لا أتوب، وكانت أحيانا أمي تغضب علي، وتقول لي: لست راضية عنك! ولكنها كانت عند ذهابي للامتحان تدعو لي بالتوفيق.
أنا كنت في بداية الدراسة أتمني أن أكون الأول، وكنت أذاكر بجدية، ولكن جاءت أيام وتراكمت علي الدروس، ففقدت الأمل، وقصرت في مذاكرتي، ودخلت الامتحان، فأجبت على بعض الأسئلة بطريقة خاطئة، وأسئلة لم أعرف هل هي صحيحة أم خطأ, وهنا تحدث المفاجأة .. حيث عندما ظهرت النتيجة وجدت نفسي حصلت على مجموع كبير لم أتوقعه أبدا، وأصبحت من الأوائل بالرغم من التقصير في المذاكرة، والمعاصي، والتقصير في العبادة، وغضب والدتي, وأنا لم أتذكر ما فعلته من خير إلا قليلا من الطاعات، وهو أنني كنت أدعو الله كلما تذكرت أن أدعوه في أي وقت كنت أدعوه بأن يجعلني من الأوائل، ويوفقني في الامتحان، وكنت أدعو أيضا لجميع الطلبة أن يوفقهم الله، ويعطيهم ما يريدون، حيث كان هناك من أصحابي طلبة ضعفاء، ومحبطين، فكنت أدعو الله أن يوفقهم ويساعدهم، ويبعد الإحباط عنهم، فهذا كل ما كنت أعمله، الدعاء، وقليلا من المذاكرة، والصلاة، والقرآن.
أرجو منكم أن تبينوا لي كيف حصلت على هذا المجموع بالرغم من قلة المذاكرة، وأن كثيرا من الطلاب ذاكر، وأجتهد أكثر مني، ولكني حصلت أكثر منهم، أو فرق بسيط بيني وبينهم في المجموع، فكيف حدث كل هذا؟
هل هو بمجرد الدعاء فقط أم بماذا؟ بعض الأشخاص قال: ربما أعطاك هذه السنة؛ لأنه لن يعطيك السنة القادمة، والطلاب الذين لم يوفقوا وذاكروا أكثر مني سيعطيهم، فهل صحيح أن الله لن يجعلني من الأوائل في السنة القادمة؟
أتمني أن تجيبوني في أسرع وقت.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mido حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نرحب بك - ابننا الفاضل - ونسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يعينك على الخير، ونبين لك أن الله تبارك وتعالى لم يرض الدنيا ثوابا لأولياءه، ولا عقابا لأعدائه، ولذلك يمكن أن يعطي هذه الدنيا لكل إنسان مهما كان دينه، لكنه لا يعطي الدين والخير إلا لمن أحبه، فنسأل الله أن يعيننا وإياك، وأن يجعلنا ممن تمسكوا بهذا الدين، وممن شرفهم الله بالطاعات.
ثم أرجو أن تعلم أن الله قد يعطي الإنسان وهو في المعصية، وهذا نوع من الاستدراج والابتلاء، وهذا الذي ينبغي أن يفهمه، كذلك ينبغي أن تعلم أن المشاعر النبيلة التي كنت تحملها لها أثر كبير، وهذا معنى جميل جدا في تحقيق النجاح، أن تكون لدينا مشاعر طيبة، ونحرص على الخير، ندعو للضعاف، ونتوجه إلى الله تبارك وتعالى الذي يجيب المضطر إذا دعاه، فإن الله لم يقل أمن يجيب المصلي، وإنما قال:{أمن يجيب المضطر إذا دعاه}.
وحدث القرآن عن أهل الكفر لما كانوا يركبون السفينة، وتهيج بهم الأمواج دعوا الله مخلصين له الدين، فكان ينجيهم من الورطات التي هم فيها، بعد ذلك كانوا يرجعون، لكن العظيم يمهل ولا يهمل سبحانه وتعالى، ولذلك هذه معاني ينبغي أن تستحضرها، وإذا كان يعطي من لا يطيع والدته، ولا يساعد في برها، فكيف بمن بر بوالدته.
إذن لمزيد من التوفيق، والثبات على هذا التوفيق ونيل الخير، ونيل طعم النجاح والحلاوة ينبغي أن نزداد لله طاعة، وأن نتقرب إلى الله تبارك وتعالى؛ ولذلك أرجو أن يكون في ذلك درس عظيم، يدعوك إلى مزيد من التوبة والاجتهاد، والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فإن الله هو القائل: {لئن شكرتم لأزيدنكم} هذه نعمة تزداد بالشكر، ولئن كفرتم نعمتي بأن جحدتموها أو صرفتموها لغيري، أو استخدمتوها في غير طاعة، {ولئن كفرتم إن عذابي لشديد} بتعذيبكم، وبسلب هذه النعم، فقد يسلب الإنسان نعمة إذا لم يطع الله فيها، إذا لم يستخدمها فيما يرضي الله تبارك وتعالى.
فنسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وأن يلهمك السداد والرشاد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.