السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجزاكم الله تعالى على هذا الموقع، وجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
سؤالي كالتالي: لدي طفلان أحدهما في الثانية عشر، والآخر في العاشرة، بالنسبة للصغير ليس لدي مشكلة معه.
أما الكبير فهو عنيد بعض الشيء، يعني إن طلب شيئا يصر عليه، رغم أني أجاهد كي أفسر له أن هذا الطلب لا يمكن تحقيقه الآن حتى أتعب، ولكنه لا يفهم، أنا أفعل ذلك كي لا يحس بالقهر مثلا، وفي بعض الأحيان يفعل أشياء يستحق عليها الضرب، ولكني لا أستطيع أن أضربه، وبسبب ذلك أحس أنه يتمادى؛ لأننا لا نعاقبه حتى إن أردنا عقابه بطريقة أخرى كحرمانه من بعض الألعاب لا نستطيع الاستمرار في ذلك إلى الوقت الذي حددناه.
فكيف أجعله يسمع كلامنا في الأشياء التي نتوقع نتيجتها مسبقا؟ وكيف نتصرف عندما يقع في ما حذرناه منه؟ وكيف أتصرف أنا خصوصا أنني لا أستطيع ضربه عندما يستحق ذلك؛ لأنني ضعيفة نفسيا وحساسة جدا، وأحبه كثيرا، وحتى إن تشجعت وضربته قليلا، أندم ويؤنبني ضميري وأمرض بسبب ذلك.
وشكرا لكم على جهودكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ خديجة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك - ابنتنا الفاضلة – في الموقع، ونسأل الله أن يبارك لك في النية والذرية، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
وأرجو أن تعلمي أن التربية فعلا مهمة صعبة، علينا أن نستعين بالله تبارك وتعالى ونتوكل عليه، ونطلب منه المدد والتأييد، ونحتكم إلى شرعه الحنيف، لنكون أولا قدوة لأبنائنا، فإذا كنا قدوة لأبنائنا بتمسكنا بهذا الدين فإن هذا يقصر الطريق ويسهل المهمة؛ لأن الجزء الأكبر والأساس في التربية هو ما يأخذه الأبناء والبنات من القدوة التي أمامهم سواء كان الأب أو الأم.
فاحرصوا على كل ما يرضي الله تبارك وتعالى، وأكثري من الدعاء لأنفسكم وللأبناء والبنات، ونسأل الله أن يصلح لنا ولكم الأحوال.
لا شك أن الطفل الذي عمره اثني عشر عاما يمر في مرحلة العناد، مرحلة المراهقة المبكرة، أو هو على أبوابها، يعني هذا حسب الصحة وحسب البلد، لكنه تقريبا في هذا المدى، لذلك هذا شيء طبيعي، وأرجو ألا تعاملوه كطفل، وإنما تحاوروه وتناقشوه، ولا تكثروا عليه من إصدار التعليمات، وإذا لاحظتموه يعاند فلا تقابلوا عناده بعناد، ولكن عليكم أن تتعاملوا معه بالحكمة والهدوء، وتنفذوا له بعض الأمور المعقولة الممكنة، فنحن أيضا لا نريد كل طلب يرد بالنسبة له خاصة في هذه السن التي بدأ يشعر فيها أنه خرج من الطفولة إلى الرجولة، هو خرج من الطفولة، لكنه لم يصل المرحلة الثانية، وهو في مرحلة يفقد فيها التوازن، من هنا كان لابد أن نستبدل الأوامر والوصايا بالحوار، بالإقناع، بالمجالسة بالقرب، بالتقبل له، بالحرص على أن نأخذ بيده رويدا رويدا إلى الطريق الذي يرضي الله تبارك وتعالى.
ونتمنى في هذه المرحلة أن تكون هناك خطة تربوية موحدة، ونتمنى في هذه المرحلة كذلك أن يكون للأب دور في تربيته وتوجيهه، وعليكم أن تعرفوا خصائص هذه المرحلة، واحتياجات المراهق في هذه المرحلة، كذلك تعرفوا ميول المراهق في هذه المراحل التي ستأتي.
ونحذر من الاضطراب في المنهج، ونحذر من الضرب كذلك، فإن هذه السن لا ننصح فيها بالضرب، لأن الإنسان يلاعب ابنه سبعا ويؤدبه سبعا ثم يصحبه سبعا، وهو في الجزء الثالث، هذا الذي ينبغي أن يتخذ فيها أخا، إنسانا عاقلا، يحاور ويناقش، ولا نحاول أبدا أن نستخدم معه الضرب حتى ولو قدرنا عليه؛ لأن الضرب أصلا وسيلة سلبية، وإذا كررناها تصيب المتربي بعاهات منها التردد، ومنها الضعف ومنها الدونية، ومنها النفاق الاجتماعي، فهو يخاف من العصا، ولا يعمل إلا بالعصا، يخاف من هو أكبر منه، ويحتقر من هو أصغر منه.
نحن لا نريد هذه الآفات أن تسارع، والكمال هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم – الذي ما ضرب بيده امرأة ولا طفلا ولا خادما، -عليه صلاة الله وسلامه-.
ونعتقد أن الحب والقرب والاحترام والتقدير والاهتمام، هذه بدائل تغنى عن العصا، إذا شعر أنه مهم، وأننا نقدره، وأننا أصبحنا نشاوره ونحاوره، أصبحنا نحمله بعض المسؤوليات، أصبحنا نقترب منه وندخل لعالمه، أصبحنا نسمح له في بعض الأمور ليكون له فيها رأي، أصبحنا نشعره بحاجتنا إليه، لأنه الأكبر في البيت، ولأنه قائد في البيت، فإن هذا سيخفف من هذا التوتر الحاصل.
وإذا كنت ضعيفة فينبغي للأب أن يأخذ دوره في التوجيه في هذه المرحلة، وإذا حصل أن مارست معه عقوبة فلا تظهري الانهزام والضعف والبكاء، فإن ذلك يشعره بأنه مظلوم، يشعره بأنك لست على حق، ويشعره بأنكم أخطأتم وتأسفتم، وقد يشعره بعجزكم عن تربيته وتوجيهه، وكل هذا له انعكاسات سالبة عليه.
عموما ليس هناك داعي للانزعاج، فقط نتمنى أن تقرئي عن هذه المرحلة، وأن تتواصلي مع الموقع، وكنا نتمنى أن تطرحي لنا نماذج للأمور التي عاند فيها، ما هي وجهة نظركم؟ وما هي وجهة نظره؟ حتى نحلل الطريقة التي تتعاملوا بها معه، ونعرف أسباب الرفض من خلال خصائص المراهق وميوله واحتياجاته.
نسأل الله تبارك وتعالى أن يقر أعينكم بصلاحه، وأن يلهمنا جميعا السداد والرشاد، وأن يصلح لنا ولكم النية والذرية، هو ولي ذلك والقادر عليه.