السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طـالب في الجامعـة، وعمري 23 سنة، وأدرس بعيدا عن أهلي، ولكن حدث لي موقف قبل 6 أشهر، حيث إني دخلت في شجار كلامي مع صديقي في السكن بسبب موضوع تافه، وأحسست وقتها بالانهزامية .. ومن ذلك الوقت وأنا أشعر بفقدان الثقة، وأصبح لدي شعور غريب في الفصل، أشعر بتوتر واحمرار في الوجه، ودقات قلب متزايدة، وفقدت التواصل مع الأصدقاء، وأتجنب ملاقاتهم، حتى المقربين منهم، وتطور الوضع حتى أصبح هذا الشعور مع الأهل أيضا، ودخلت في حالة اكتئاب وضيق ونوع من الهلوسة من شدة التفكير في هذا الموضوع.
أنا حاليا أجلت دراستي لترم دراسي، وأفكر في ترك دراستي والتوظف بشهادة الدبلوم؛ لأني أرتاح عند أهلي، وأيضا أعاني عند ذهابي للشراء والتحدث مع البائع، وأعاني أكثر عند محادثتي إحدى الفتيات مثلا في مكتب الاستقبال في المستشفيات، وأشعر بدقات قلبي، وبالتوتر، وفي بعض الأحيان ارتجاف في اليد.
ابتعدت عن المناسبات الاجتماعية، وعن الأصدقاء، وأقضي يومي في المنزل، وأحاول التغلب على المشكلة بفعل الإيحاءات الإيجابية، ولكن بمجرد النوم والاستيقاظ يذهب جميع ما بنيت، وأستيقظ ودقات قلبي عالية، وأنا في حالة فجع.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب.
أنت لديك درجة بسيطة من قلق المخاوف، وشقه الأساسي هو: ما نسيمه الرهاب الاجتماعي البسيط، لديك أعراض نفسية واضحة هي: أعراض الخوف عند المواجهات، ولديك أعراض جسدية منها: احمرار الوجه وتسارع ضربات القلب، وهذه التغيرات الفسيولوجية تنتج من إفراز مادة (الأدرينالين) عن طريق الجهاز (السمثاوي)، وهذا الجهاز مهمته أن يحضر الإنسان للمواجهات، لكن حين يزداد إفراز المادة التي أشرنا إليها تحدث هذه التفاعلات الفسيولوجية، وتكون معيقة لصاحبها.
إذن: - أيها الفاضل الكريم - الحالة حالة بسيطة جدا، يمكن علاجها، وكونك تمارس الإيحائيات الإيجابية هذا كلام طيب وجيد، ولكن أريدك أيضا أن تثابر في المواجهات الاجتماعية، وأن تعرف أنك لست بأقل أو أضعف من الآخرين، وأنا أؤكد لك: أنك لن تفشل في أي موقف اجتماعي، ولا أحد يقوم بمراقبتك، حتى احمرار الوجه الذي هو ناشئ عن تدفق زائد للدم، لا يلاحظه أحد، وضربات القلب هي أيضا خاصة بك.
إذن: من خلال هذا النوع من التأثيرات الإيحائية الإيجابية، يمكنك أن تتحكم حتى في الجوانب العضوية التي تبرز من خلال ظهور القلق والرهاب.
الجانب الآخر هو: ضرورة أن تكون لك برامج يومية؛ للتواصل الاجتماعي، وأولها: أن تكون الصلوات الخمس في المسجد، وأن تقوم بزيارة الأصدقاء، وأن تصل الأرحام، وأن تشارك في الأنشطة الدراسية، هذا مهم جدا من خلال الجمعيات الثقافية والأنشطة المجتمعية والخيرية، يمكن للإنسان أن يتمازج اجتماعيا، وهذا يزيل الرهبة تماما.
الجزء الأخير من العلاج هو: العلاج الدوائي، توجد أدوية فعالة جدا وممتازة جدا؛ لعلاج قلق الرهاب، وقطعا الدواء سوف يحسن المزاج أيضا، ومن أفضل الأدوية التي يمكن أن تتناولها: عقار يعرف باسم (زيروكسات ) وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة، ابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة أي (10) مليجرام، تناولها ليلا بعد الأكل لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة تناولها ليلا لمدة ثلاثة، ثم خفضها إلى (10) مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم (10) مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هنالك دواء آخر مصاحب يعرف باسم (أندرال) سوف يكون من الجميل لو تناولته بجرعة (10) مليجرام يوميا لمدة أسبوع، ثم (10) مليجرام صباحا ومساء لمدة شهر، ثم (10) مليجرام صباحا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناوله.
أيها الفاضل الكريم: هذا هو علاج حالتك، عليك بالتطبيق، وأنا أؤكد لك أن ما بك سوف يزول، وأرجو أن تركز على دراستك، وأن تحاصر هذا الشرور الانهزامية والمواجهات الانفعالية، ولا داعي لها أصلا، نحن لا نريد أن يزول خوفك ورهابك من أجل التشاجر - هذا لا ندعو له أبدا وأنت لا تفضله - كن فاضلا كريما ودودا، وسوف تجد أن نسيجك الاجتماعي أصبح قويا، وزالت عنك هذه الرهبة التي تعاني منها.
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.