كيف أقنع والديّ برغبتي في دراسة أصول الدين؟

0 409

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب أبلغ من العمر سبعة عشر عاما، متفوق في دراستي -ولله الحمد-، وأريد أن أدخل كلية أصول الدين بعد تخرجي من الثانوية, وأن أكمل فيها البكالوريوس والماجستير والدكتوراه، ولكن والدي يرفضان أن أدخل كلية أصول الدين، ويريدان مني أن أدخل كلية لها مستقبل وظيفي مرموق، مثل كلية الطب، أو الهندسة, ويقولان لي: أنت متفوق وذكي، وكلية أصول الدين أو الشريعة ليس لها مستقبل وظيفي.

هما مصران على رأيهما, وأنا أعلم أن الرزق مكتوب ومقدر, وأريد أن أتفرغ لطلب العلم الشرعي, ولا أريد أن يشغلني عنه شيء آخر, فهل قراري صحيح؟ وكيف أقنع والدي؟

أطلب مشورتكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحابته ومن والاه، نسأل الله لك التوفيق والسداد، ونسأل الله أن يحقق لك المراد.

وأرجو أن تعلم ويعلم الآباء والأمهات أن الأرزاق لا علاقة لها بالوظائف, فقد يكون ذلك التاجر الذي تخرج من المدرسة الابتدائية واسع الرزق, ويكون ذلك الطبيب والمهندس الذي نال أرفع الدرجات رزقه قليل: {إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين* والله فضل بعضكم على بعض في الرزق }، هذا معنى ينبغي أن يكون واضحا.

المسألة الثانية: ينبغي أن تجتهد في إرضاء أهلك وفي شرح الأمر لهم ستجد من العلماء والفضل ممن تميزوا ووسع الله لهم في الدنيا, بجانب الفضائل التي نالوها بدراستهم للشريعة, ولكننا نوصيك بأن تتفوق وأن تتميز, فليس كل الأطباء نابهين, ولكن الجاد الحريص الذي عنده رغبة وطور نفسه هذا ينال رتبا عالية, وكذلك الأمر بالنسبة لعلماء الشريعة فإن الذي يجتهد ولكل مجتهد نصيب.

وإذا بذل الإنسان الأسباب ثم توكل على الكريم الوهاب, ثم رضي بما يقدره سبحانه وتعالى؛ جاءته الخيرات من الله تعالى ونال الرضى، وقد يفيدك في هذا أن تطرح لهم نماذج من الأسماء اللامعة الكبيرة من علمائنا ومشايخنا من خريجي الشريعة؛ الذين ربما أظنك تابعت حديث بعض الصحف عن دخلهم, وعن مستواهم المالي, وكيف أنهم ربحوا من مؤلفاتهم, وكيف أنهم ربحوا من محاضراتهم, وكيف أنهم ربحوا من هذا العلم الذي نرجو أن يكون الناس قصدوا به وجه الله تعالى.

لإنسان إذا قصد بطلبه العلم وجه الله نال الخيرين, خيري الدنيا والآخرة، الدنيا سينال ما قدر الله له من رزق، والآخرة ينال الثواب والأجر عند الله تعالى، وإذا أردت أن تدخل هذا الجانب عن رغبة وميلا فإنك -ولله الحمد وبتوفيق من الله وفضله- سوف تتفوق, والمتوقف يبرز في كل مكان.

هناك رتب كبيرة في الهيئة القضائية, ووظائف كبيرة في الجامعات، هنالك مؤهلات كبيرة للدعاة الذين ربما يستغني بعضهم حتى عن الوظيفة, فيأتيه الخير من مؤلفاته, من إجابة الاستشارات, ومن دخوله لهذه المجالات, وتقديم البحوث العلمية والدراسات المركزة.

فأرجو أن تشرح لهم هذه الصورة, وأتمنى أن تجد من العلماء والفضلاء والجيران وأصحاب الوجاهات من يستطيع أن يقنع أسرتك بهذا الأمر, وفي النهاية ينبغي أن يختار الإنسان المجال الذي يميل إليه، ثم يحرص على أن يتميز ويتفوق لأننا في زمان انتشر فيه العلم, فليست القضية في العلم, فلا بد أن يتفوق الإنسان, لا بد أن يجتهد اجتهادا مضاعفا, ولكل مجتهد نصيب.

واعلم أخي الكريم أن الأمر في نهاية المطاف يتوقف على ميولك؛ لإغن كانت لك ميول في التخصصات العلمية كالطب والهندسة، فإننا نحثك على الدخول في هذا المجال، وتسخيره في خدمة الإسلام، ويمكنك أن تتابع تحصيلك الشرعي خارج الكلية كما يفعل البعض، فيجمعون بين التخصص العلمي، وبين الثقافة الشرعية.

إما إن كنت تميل للتخصص الشرعي، فحاول إقناع الوالد بجدوى هذا الطريق كما أسلفنا.

نسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يلهمك السداد والرشاد وأرجو أن تجتهد في إرضاء والديك وتفعل بعد ذلك ما فيه مصلحة, وما ترضي به نفسك, وأرجو أن يكون في ذلك رضى الله تعالى، الوالد والوالدة بعد الشرح ستتضح لهم الصورة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات