السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوج منذ خمس سنوات ـ زواجا تقليديا ولله الحمد ـ وفقت في زواجي مع زوجة تحوي صفات يتمناها أي زوج.
مشكلتي هي: مع شخصية زوجتي, وسيطرتي عليها, فلم أعد أحس بقيمتها؛ لأنها قدمت الكثير من التنازلات في شخصيتها, بعدما وثقت بي, فلم تعد تهتم بما أصنع؛ لأنها عرفت شخصيتي جيدا, وهي: أنني من المستحيل أن أظلمها أو أستغلها, ولكن تقول: إذا غضبت أصبحت شيئا آخر, لذا لم تعد تخالف رأيي بأي شيء، كما أنها مريحة جدا من الناحية المادية, وفي الحياة اليومية.
لكن ليس جميلا على الإطلاق أن يعيش الإنسان مع زوجة لا ثقل لها, ولا يعمل لمشاعرها, ولا لردة فعلها أي حساب.
أنا أحب من زوجتي أن تكون ذات شخصية واثقة, ولا مانع لدي أن تكون ذات شخصية قيادية؛ لأنني لا أعاني من نقص احترام لذاتي, فلا مانع لدي أن تبدع زوجتي, بل هذا ما أتمناه, وبالذات في شخصيتها.
في بداية زواجنا لم يكن الأمر كذلك, بل كنت استمتع بالصراعات بيني وبينها, ومحاولة كل منا فرض رأيه على الآخر, ولكنها آثرت الانسحاب بعد أن وجدتني شخصا لا تحتاج أن تفرض عليه شيئا؛ لأنه سيعطيها أكثر مما تطلب, هذا كلامها لي وهذا ما أشعر به.
شخصية زوجتي الآن تقريبا غير موجودة في تعاملي معها, وقد تنبهت لهذا الأمر بعد, ونبهتها له, وانتبهت لذلك, وقالت: نعم لم أشعر بذلك, وأنا أحاول الآن إعادة بنائها, ومنحتها الضوء الأخضر لعمل أي شيء لإعادة الثقة لها.
ومشكلتي الأخرى: أن زوجتي لا تجيد النقاش, ولا تعرف التعبير, وتفكيرها محدود, وفهمها بطيء جدا, عكسي تماما فأنا رغم هدوئي إلا أنني أستطيع أن أنبش السطور, وأحلل العلاقات, مما يفاجئ من أتحدث معه, وربما تكون وجهت نظري خاطئة, ولكن بأسلوبي تبدو صحيحة للجميع, وهذا ما اكتشفته مؤخرا.
لاحظت أن تفكير زوجتي محدود منذ البداية, ولكن لم يشغل بالي؛ لأنني قلت: قد يتغير الأمر. وأنا لست حريصا على تغييره لعلمي باستحالة عمل ذلك.
ولكن كيف لزوجتي أن تستعيد بريق شخصيتها من جديد كما كانت في بداية الزواج؟
ولكم جزيل الشكر والتقدير, والسلام عليكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ saad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا السؤال الجميل، ونعتقد أننا إذا حاولنا أن ننظر إلى زوجتك من الناحية الأخرى, فإنا نرى قوة في شخصيتها, وقدرة على إدارة البيت، فإن الإنسان يستطيع أن يدير الآخر إذا عرف الطريقة التي يفكر بها، وإذا اكتشف مواطن قوة وضعف شخصيته، وهذا ما استطاعت الزوجة أن تصل إليه.
ولكننا أيضا نفهم, ونقدر الجانب الثاني الذي ترى فيه أن الزوجة ينبغي أن يكون لها حراك ولها تأثير في الحياة الزوجية، فعلا الحياة الزوجية: من غير حراك, ومن غير تجديد للمشاعر, ومن غير تجديد للأفكار قد تبدو رتيبة، وهذا ما نتمنى أن يحصل من زوجتك، ولكي يحصل هذا فنرجو أن تتيح لها فرصة كبيرة للسماع، دخول في برامج تطور بها من: قدراتها, ومن ثقافتها, ومن فهمها، ونقترح عليك أن تجعلها تسمتع ولو من خلال النت، لمحاضرات المتخصصين في العلاقات الزوجية، ومتخصصين في بناء الشخصية، والمتخصصين في تطوير مهارات وقدرات هذا الإنسان، فإن الإنسان يملك من القدرات الكثير؛ لكن هذه القدرات تحتاج إلى تطوير.
ونتمنى ألا تترك هذا الأمر عندها دائما على أنه نقص، ولكن كن عمليا، حاول فتح مواضيع، حاول أن تأتي: بأشرطة, أو سيديهات, أو مقاطع تتفقوا على سماعها، ثم يحصل بعد ذلك نقاش حول محتواها وفحواها؛ لأن هذه وسيلة مهمة جدا في تكوين الثقافة والقدرة على المناقشة.
وكما أرجو أيضا أن تحاول أن تتعرف على الأشياء التي تحبها زوجتك، والأشياء التي تميل إليها، وهي أيضا ينبغي أن تقترب منك، فكلما زادت القواسم المشتركة بين الرجل وزوجته كلما كانت فرص التفاهم والتقارب أكثر وأكبر، كلما نجحت الزوجة في أن تدخل إلى عالم زوجها، فإذا كان يحب الرياضة تأخذ ثقافة رياضية، وإذا كان يحب الأسماك تتعلم أنواعها وأشكالها، وهكذا الأمر بالنسبة للزوج، لأن معرفة الطريقة التي يفكر بها الطرف الآخر، ومعرفة الأشياء التي يحبها, والاتحاد معه في عالم المحبوبات، هذا مما يقرب وجهات النظر، ومما يجعل التماسك والتقارب أكثر وأكبر.
على كل حال الأمر ليس مزعجا، لكن أنا سعيد بفكرة الاستشارة لأنها فكرة صحيحة، ونتمنى من الزوجة أن تجتهد في أن تعمل لك ولو مقالب في بعض الأمور، ولو ألغاز من أجل أن تحلها، ولو مواقف من أجل أن تسعى في فهمها، لأن هذا كله من شأنه أن يحرك ركود الحياة الزوجية، والنبي - صلى الله عليه وسلم – أخذ عائشة لتشاهد الحبشة وهم يلعبون، وسابقها فسبقته، ثم سابقها وسبقها - عليه صلاة الله وسلامه – وأيضا كان في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع عائشة حراك، مواقف للغيرة، مواقف مشهودة، مناقشات، هذا يعطي الحياة الزوجية طعما.
ولذلك هذه المواقف هي الملح للحياة الزوجية، فحياتكم الزوجية رغم جمالها إلا أنها تحتاج إلى شيء من الملح, من خلال: مثل هذه المواقف التي فيها تفاعل وفيها تبادل أدوار، وأرجو أن تستفيد الزوجة أيضا من هذه الفرص المتاحة لها، وتحاول أن تطور من قدراتها، والأبواب مفتوحة، ونفضل أن يكون ذلك مباشرا إذا كانت هناك مراكز متخصصة للنساء، وإن لم يكن كذلك فعليها أن تدخل إلى عالم النت وتتعلم منه الكثير، وهذا العالم فيه محاضرات لعلماء موثوقين، يتكلمون عن مهارات وفن إدارة الحياة الزوجية, وتربية الأبناء.
نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه.