بسبب الخلاف الدائم مع زوجتي أظل أسبوعين لا أكلمها، هل هذا صواب؟

0 655

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا على خلاف دائما مع زوجتي، وكل مرة نظل ليومين أو ثلاثة لا نكلم بعضنا وأحيانا لأسبوع وأسبوعين، وذلك علي أساس أني في مسافر حيث أعمل في دولة خليجية، ولا شيء في يدي لكي أعمله سوى ألا نتكلم مع بعضنا لفترة من أسبوع إلى أسبوعين، وأخاف بذلك أن أكون ظالما لها، ورزقني الله منها بنتا فأخاف أن أطلقها ويحرموني من البنت، وفي فترة انقطاعنا أتصل بأمها وأتكلم معها بشكل عادي وتدعو لنا -أنا وابنتها-، ولا أتكلم عن زوجتي مع أمها إلا إذا هي فتحت معي الموضوع.

لا أعرف ماذا أفعل مع زوجتي؟ مع العلم بأنها لا تصلي وهذا ما يوغر صدري عليها، ولا ينفع الطلاق خوفا على ابنتي، وأنا في بلد آخر وأحيانا أكون مشتاقا لكلام عاطفي حتى تهون علي تعب وهم الغربة قليلا.

أرجو منكم النصيحة، والرد على كل كلمة كتبتها لكي أرتاح، حيث إن ما يتعب قلبي جدا هو إحساسي بظلمها في عدم اتصالي بها، وأقول لنفسي: هي محتاجة لأن تسمع كلمة أحبك أو (اشتقت إليك)، لكن لا أقدر على ذلك لأني أكون متضايقا منها ومن تصرفاتها، ومن كونها لا تصلي.

أرجو الرد، وشكرا على تحملكم وصبركم معي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أسامة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يصرف عنكما كيد شياطين الإنس والجن، وأن يهديك وإياها صراطه المستقيم. كما نسأله تبارك وتعالى أن يرزقكما الحلم والصبر والأناة وعدم العجلة، وأن يجمع بينكما دائما على خير، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل– فإن البعد عن العين يؤدي إلى نوع من برود العواطف وتبلد المشاعر والأحاسيس، خاصة إذا طالت المدة ووصلت إلى عام –مثلا- ولذلك أنت لست وحدك حقيقة الذي يعاني من مثل هذه المشاكل، فمعظم المغتربين يعانون مشاكل من هذا النوع، سواء أكانت بنفس مستوى مشكلتك أو أقل أو أكثر منها، والسبب كما ذكرت لك إنما هذا البعد الذي يؤدي إلى نوع من جفاف العواطف وتبلد المشاعر والأحاسيس، فإنه كما يقولون (البعيد عن العين بعيد عن القلب)، وليس معنى ذلك أن المرأة تنسى زوجها –والعكس– وإنما تكون العلاقة بينهما بها نوع من البرود، خاصة إذا كان في أول الحياة الزوجية ولم يمكث الرجل مع امرأته فترة طويلة حتى تتمكن محبته من نياط قلبها، وإنما تكون المسائل عادية، فقد تزوجت في مدة شهر ثم عدت مرة أخرى إلى سفرك، وأصبحت تتردد على بلدك الأصلي بمعدل شهر أو يزيد قليلا في العام، وهذه مدة ضعيفة، فتجعل العلاقة بينكما علاقة شكلية، ليست علاقة حميمية قوية، لأنها لم تشعر بك بجوارها لفترات طويلة، ومهما كان التواصل بالهاتف أو عبر النت فإنه لا يمكن أبدا أن يوفر تواصلا كالتواصل الجسدي المباشر، لأن مجرد الابتسامة في وجه المرأة هذا يعمق المودة والمحبة بين الرجل وامرأته، وكذلك ابتسامتها في وجهك، بل إن مجرد وضع اليد أو لمس الجسد من كلا الطرفين يؤدي إلى تعميق هذه الأواصر وتقوية تلك الروابط.

هي محرومة من ذلك، فكم من أيام طويلة مرت عليها وهي تناجي الفراش وحدها، ولا يوجد معها أنيس أو أليف أو حبيب أو خليل، فتشعر بنوع من الجفوة، وتتعود هذه الحياة التي تخلو من المحبة والألفة المباشرة، ولذلك هذا أمر يؤدي إلى وجود مثل هذا النوع من الخلاف، هذا في الغالب.

ثانيا: هناك أيضا مسائل خاصة، فقد تكون هذه الفتاة لم تعرف عنك الكثير من قبل، وقد تكون طبيعتها أنها باردة في عواطفها أو مشاعرها –أو أنك أنت كذلك– لديك صعوبة في التعبير عن كلمات الحب والإعجاب والإطراء -أيضا- تكون هي السمة الغالبة، بل إني أعرف أن بعض الإخوة يقول: امرأتي ما قالت لي مرة واحدة أنا أحبك. قلت له: كم تمكث معها كل عام؟ قال: شهرا كل سنة. قلت له: إذن كلمة أحبك هذه كثيرة، لأن شهر هذا معناه لا شيء بمقارنة السنة كلها، امرأة تستمتع بها وتستمتع بك لمدة شهر، وهذا الشهر أيضا قد تتخلله بعض الانقطاعات، ثم بعد ذلك تريد منها أن تكون عاشقة متيمة، هذا أيضا أمر فيه نظر.

هذه من ضريبة البعد عن الأوطان وترك الزوجة والأولاد والأقارب، هذه ضريبة مع الأسف الشديد يدفعها الكل، وهو جفاف العواطف، وليس مع زوجتك وحدها، بل على العكس، مع كل من تتعامل معهم من أقرب الناس إليك، فتشعر بأن العواطف مع الأيام تتبلد تجاه العموم، والناس كما لو كانوا أخرجوك من ذاكرتهم وأصبحت في طيات التاريخ، لأنهم لم يروك بصفة منتظمة أو مألوفة.

وهناك عامل آخر أيضا بالنسبة لك، وهو شؤم المعصية، وأقصد بشؤم المعصية (ترك الصلاة) فالمرأة التي لا تصلي –كما تعلم– ارتكبت أعظم جريمة تحت سقف السماء، لأن من أعظم الجرائم ضياع حق الله الأكبر وهو الصلاة، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– قال: (الصلاة خير موضوع) وقال أيضا: (واعلموا أن خير عملكم الصلاة)، ومولانا الجليل جل جلاله توعد تارك الصلاة بالعذاب الأليم، حيث قال سبحانه وتعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يصلون غيا*إلا من تاب} والله تبارك وتعالى قال: {فويل للمصلين*الذين هم عن صلاتهم ساهون}.

إذن هناك وعيد شديد حقيقة لتارك الصلاة، ولعل ترك الصلاة من أعظم أسباب العقاب الشديد يوم القيامة، كما قال الله تبارك وتعالى في الحوار الذي يدور بين المؤمنين الكافرين: {ما سلككم في سقر}؟ ماذا كان رد الكافرين؟ {قالوا لم نك من المصلين} فكانت الجريمة الأولى التي أدت بهم إلى الدخول في درجة عالية من درجات النار –والعياذ بالله– أنهم كانوا من تاركي الصلاة.

ولذلك عليك -أخي الكريم– أن تجتهد في إعانة زوجتك على الصلاة، بأي وسيلة من الوسائل الممكنة. أنا لا أقول لك طلقها، لأنها في حاجة إلى دعوة، وقد تكون نشأت في بيئة بسيطة وأهلها لا يقيمون للصلاة وزنا، كحال معظم الأسر المنشغلة بلقمة العيش والبحث عن الحياة بعيدا عن جوانب الدين أو الاهتمام بأشياء كثيرة من حياة المسلمين. ولذلك أقول: عليك بالصبر الجميل، وعليك بالاجتهاد في دعوتها، وحاول أن تقلل من حدة الخلاف بينك وبينها، ولا تترك الزعل بينك وبينها أو الخصام يؤدي إلى إطالة مدة الهجر، لأنها بذلك تتعود وأنت تتعود، وهذا الهجر قد يؤدي إلى الكراهية والنفور، فتشعر بأن زوجتك أصبحت لا ترتاح لك ولا تستريح لكلامك معها، بل وقد تفكر في التخلص منك -وأنت كذلك– خاصة وأنك أيضا بدأت تشير إلى شيء من هذا.

فأنا أقول بارك الله فيك: عليك بالصبر، وعليك بالدعاء لها أن يصلحها الله تبارك وتعالى، وحاول أن تتلطف معها في الحديث، وعندما تسمعها أيضا أسمعها الكلمات الطيبة التي تحمل شيئا من الحنان والحب والعواطف والمشاعر، لأنها مسكينة، امرأة تعيش بغير غطاء، فهي تحتاج إلى غطاء على الأقل ولو صوري، وهذا يكون في الكلمات الحانية، الكلمات الطيبة الرقيقة الرقراقة التي تؤدي إلى إشعار المرأة بتقدير زوجها لها.

حاول بين الحين والآخر أن تذكرها بالصلاة وتقول لها (حاولي هذا من أجلي، وإذا كنت تحبينني حاولي أن تصلي، ولو حتى صلي الفروض واتركي السنة)، المهم أن تحاول معها، وأسأل الله أن يصلحها لك، وأن يبارك فيك وفيها، وأن يجمعكم دائما على الخير وفي الخير.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات