زوجي يكثر من ألعاب الكمبيوتر حتى كدر حياتنا عامة ماذا أفعل معه؟

0 541

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

مشكلتي منذ 6 سنوات: زوجي رجل فاضل يخاف حدود الله, غير أنه منذ زواجي مستمر في ألعاب الكمبيوتر, والانترنت ـ ألعاب عبارة عن دائرة مستمرة من قتل الوحوش شبه العارية والممسوخة بأسماء السحرة ـ.

يلعب مع أناس من كل أنحاء الدنيا, يتنافسون فيمن يقتل وحوشا أكثر.

في بداية زواجنا كان يقول لي: إنه ليس من حقي أن أطلب منه النوم معي ليلا, حيث إنه يحب أن ينام مثلا ساعتين, ثم يقوم باللعب إلى أن يتعب, ثم ينام ساعتين, ثم يعمل أو يلعب, وينام, وهكذا.

كان حينئذ يدرس الدكتوراه في الخارج, وعندما حملت بطفلي الأول كنت وحيدة بلا أهل, ولا أنيس بعد الله سواه, كنت مريضة وأحتاج إلى وجوده بجانبي, كنت أسهر الليل بالبكاء لحاجتي إليه, وهو مصر على السهر في لعبه, لأنه ليس من حقي أن أطلب منه أن ينام وقتما أشاء, وأنتظره, حتى أصبحت أنتظره بالساعات, حتى أسقط نائمة على الأريكة من التعب, وأنا في حملي الثالث في شهري التاسع بجانبه بعد يوم من ذهابي للمستشفى, ورعاية طفلين أكبرهم 3 سنوات. وإذا عاتبته على ذلك يخبرني أنه لم يجبرني على ذلك.

لكن يا شيخي ما يحملني على انتظاره غير أنسي به وحاجتي إليه؛ أنه كان علي أن أتأكد من نومه بضع ساعات, كي يتمكن من الذهاب لعمله في الصباح, وإلا نام.

ومن الطبيعي أن نستيقظ كل يوم على قوله: ماذا يحدث لو لم آخذ الولد للمدرسة؟ أو تأخرت عن العمل؟ لأني لم أنم البارحة!

وهكذا استمر الحال بيننا, خلافات بسبب هذا الموضوع إلى أن توقف عن الدكتوراه, وكان أحد الأسباب إضاعته لوقته في هذه الألعاب مما أدى إلى مشاكل كبيرة جدا بينه وبين والداه, وأثر ذلك على حياتنا عامة, وبشكل سيء للغاية, حتى أنهم أخذوا شقة زواجي مني.

حاولت بكل السبل استرضاءه, والتقرب منه, ومشاركته اللعب, وتشجيعه على الذكر, أو الرياضة, والخروج مع رفاقه, حتى أني توسلت إليه أن يحدد مثلا: ساعة أو اثنتين في أيام الأسبوع للعب.

حاولت كل شيء معه, أخبرته أني لن أسامحه, توسلت إليه أن يرحمني, أخبرته كم تشتعل النار في قلبي كلما رأيته يلعب, لأن ما أصاب حياتنا من خراب هو بسبب هذا اللعب.

تأخر عن أقرانه في دراسته وعمله, بعد أن كان سابقا لهم وأصبح لا يريد أن يبذل أي مجهود, لا في العمل ولا في تحسين دخله.

إهماله لي ولأبنائه مقابل طلبي منه كيف يروح عن نفسه.

لدي 3 أبناء أكبرهم ولد في الخامسة, أصبح يرى ويفهم ما يفعله أبوه, وأخيرا اقتنع ألا يلعب أمام الأولاد, بل بعد أن يخلدوا إلى النوم, فيقضي الآن (1-5 ) ساعة يوميا في اللعب, وأثناء استيقاظهم يقرأ عن الجديد في الألعاب, وكيف يطور من أدائه, ويحادث الآخرين ويكتب مقالات عنها.

إني أخشى عليه من ضياع شبابه, وما أصبحت أجد في نفسي تجاه تصرفاته.

إنه لا يقدر أن يقضي يومين دون أن يلعب, لكن لا يحزن إن لم يلعب مع أولاده, بل والأدهى أن هذا اللعب لا يخفف عنه أعباء الحياة, بل يكبت همومها في نفسه, ويزيد من توتره, وفي النهاية بعد عن الله, وعن أهله.

إني أتألم حزنا, ولا أريد أن أفقد آخر احترام له, كنت دائما أراه الأب المعلم, والقدوة, والرجل الذي يعطي لكل ذي حق حقه.

ابني الأصغر لديه عيب خلقي, وأقضي معظم الوقت في علاجه, ورعايته, وأكبر أبنائي عمره خميس سنوات.

أنا وحيدة, وليس لي بعد الله غيره, أحتاج لسماع رأيه, لرعايته, لشعوري باهتمام زوجي, ويعلم الله كم وصلت بيننا الأمور.

كم قال لي: مرارا سألعب وليس من حقك أن تطلبي مني التوقف مادام بيتك مفتوحا, وسأعمل ما يحلو لي, وإن لم يعجبك فارحلي.

الآن أقضي بعد الساعة الثامنة كل يوم في إشغال نفسي عنه, وإنهاء مهام البيت, وأظل أدور كنحلة لا تكل, وأراه جالسا أمام شاشته لا يتحرك بالساعات.

أصبحت أشعر بالغضب, والنفور منه, وكلما اشتد بي الحال دعوت الله, وتوسلت إليه كثيرا, غير أني لم أرتح أبدا أن ما يفعله هذا حق.

أعرف أن الله مع الصابرين, لكن لا أريد أن أعينه على معصية بسكوتي, أو تدمير نفسه وبيتي.

أنا أحمل مسؤولية كبيرة, ويعلم الله كم أحتاج إلى من يعينني لا من يهدمني, ويهدم ما أفعله.

هل من الحلال ما يفعله؟ هل يعتبر هذا من اللهو المباح؟ هل من حقي الطلب منه التوقف عن هذه الألعاب؟

أرجوكم اعذروني على طول سؤالي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ sma حفظك الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نرحب بك في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للسؤال، وقد أحسنت رغم الإطالة، فإن الإطالة في بعض المواطن مطلوبة، وقد اتضحت تماما الصورة، ونسأل الله أن يقر عينك بصلاح هذا الرجل، وأن يعينك على المزيد من الصبر والفهم لهذا الوضع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يرده إلى الحق والصواب.

وأرجو أن يعلم الجميع أن اللعب ليس محرما، لكن إذا زاد عن حده, أو ترتب عليه ضياع واجب من الواجبات: كالصلاة, أو بر الوالدين, أو أداء حق الزوجة, أو القيام بحق الأولاد, أو أي واجب من الواجبات الشرعية, فإنه يصبح غير مقبول من الناحية الشرعية.

فإن الإنسان ينبغي أن يرتب الأولويات، ويدرك أن هناك فرائض لله ـ تبارك وتعالى ـ لا يقبل تأخيرها، ولا يريد التهاون فيها، فعليه أن ينتبه لهذا الجانب العظيم، وواضح أنه مضى في هذا السبيل واعتاد عليه، ونسأل الله أن يرده إلى الحق والصواب.

وكم تمنينا أن يجد أمثال هؤلاء, من الأصدقاء الصالحين من يذكرهم بالله ـ تبارك وتعالى ـ وذلك لأن بعض الرجال لا يأخذ الكلام من زوجته حتى ولو كان كلامها صحيحا – بكل أسف – والعبرة في أن يكون الكلام صحيحا ومقبولا من الناحية الشرعية، فاجتهدي في النصح له، ولا تحملي نفسك فوق طاقتها، وتوجهي إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ لعل الله تعالى أن يهديه، واستفيدي من اللحظات المناسبة لإسداء النصائح، فإن هناك لحظات يكون مندمجا فيها مع اللعب والشيطان حاضر، وقطعا لن يقبل فيها النصيحة.

عليك باختيار الأوقات الجميلة، وذكريه بما فقد, وبما خسر من أجل هذه الألعاب، وبيني له أن الفائدة فيها قليلة، وأن أبناؤه يحتاجون إلى من يؤمن لهم المستقبل, بأن يعمل ويجتهد، فإنه أن يذر ورثته أغنياء خير من أن يذرهم عالة يتكففون الناس. هذا كلام قاله النبي - صلى الله عليه وسلم – لسعد، وهو معنى ينبغي أن يستحضره كل أب، يحرص على أن يترك لأبنائه من الخير ما يعينهم على مواصلة مشوارهم في التعليم، وعلى أن يؤسسوا حياتهم بطريقة صحيحة.

نتمنى أن يتواصل النصح، وأرجو أن تجدي من الأطراف الأخرى مثل: والديه, والعقلاء, والفضلاء, ممن حولكم من يعين على النصح، فإن النصيحة الخارجية, والكلام الخارجي يقبل ولا شك، وليس مثل الكلام الذي يكون من داخل البيت، خاصة إذا كان الأصدقاء على صلاح وتقوى وبر.

وقد أعجبني أنه كان مصليا ومحافظا على حدود الله ـ تبارك وتعالى ـ فذكريه بما كان عليه من الخير، واطلبي منه المزيد، وبيني له أن الأطفال بحاجة إليه، وأنهم بحاجة إلى قربه، وبحاجة إلى أن يشاركوه في اللعب، ويشاركوه في الخروج، فإن التربية بدون وجود أب تعتبر تربية عرجاء.

وإذا كان قد ترك اللعب لما بدأ الأبناء يفهمون, فهذا مؤشر على أن بذرة الخير موجودة فيه، فما عليك إلا أن تحسني النصيحة بأن تختاري أوقاتها وألفاظها، وتبحثي عن المدخل الحسن، وتتلطفي بالأمور الصغيرة الأساسية، ثم بعد ذلك تأتي بالأمور الكبيرة التي يناقش فيها.

نسأل الله أن يلهمه السداد، وأن يلهمكم الخير والثبات، ونسأله ـ تبارك وتعالى ـ أن يقر عينك بصلاح الزوج وصلاح الأولاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات