أخي عنيد ولا يقبل النصح وصحبته سيئة.. كيف نتعامل معه؟

0 475

السؤال

السلام عليكم

لدي أخ يبلغ من العمر 18 عاما في سنته الأخيرة، بدأت مشاكله بتدني مستواه الدراسي من صفوفه الدراسية الأولى، حيث كان الأفضل، ثم المتوسط حتى وصل لمرحلة الرسوب، ثم اكتشفنا بعد ذلك أنه يدخن، ومن ثم ضعف إيمانه، وما قام في نفسه من مفاسد جعلته يقوم بأمور لا تتوقع منه.

نحن الحقيقة أسرة محافظة، وهو الأخ الأكبر لنا، وحالته في زيادة مستمرة فهو عنيد جدا, ولا يستمع لكلامنا، وإضافة على ذلك نجده دائما صامت وهادئ، فلا نعلم تماما كيف نتصرف معه؟!

كما أنه لا يقبل النصيحة أبدا منا، ويرانا دائما العدو، وأصدقاء السوء الخارج هم من يحبونه ويفكرون في مستقبله.

ذهبت به أمي إلى أحد المشايخ ليقرأ القرآن عليه، فقد يكون مسحورا فقال: أنه شعر بالطيران عاليا أثناء قراءة الشيخ عليه.

من الواضح جدا أن أخي بعيد كل البعد عن طريق الله, حاولنا بالطبع أن نتحاور معه، أو نكلمه، ولكنه لا يقبل النصيحة أبدا, في الجزء الأول من دراسته حصل على معدل سيىء جدا فبكى، وأبكانا معه، ووعدنا أنه سيتغير، ولكن بعدها لم نلاحظ أي تغير, تأتيه لحظات كثيرة يبكي، ويعدنا أنه سيتغير، ولكن دون جدوى؟!

الصراحة أنها سنته الأخيرة، وهي التي ستحدد مصيره, هو لا يقبل نصيحتنا، طلبنا منه أن يقرأ القرآن، ولكنه كالعادة يوافق أمامنا، ثم لا يعمل بنصيحتنا، فما العمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لما حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرني أن نرحب بك في موقعك – يا بنيتي – إسلام ويب فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك في أي وقت، وفي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح أخاك، وأن يهديه صراطه المستقيم، وأن يشرح صدره للإسلام، وأن ينور حياته بالقرآن، وأن يوفقه في دراسته، وأن يرزقه البر بكم ،والطاعة لوالديه، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتكم فإنه يبدو من رسالتك أن هذا الأخ -غفر الله لنا وله- يمشي مع صحبة سيئة أدت إلى هذه السلبيات المتعددة التي أشرت إليها في رسالتك، والصحبة السيئة مع الأسف كالسم اللذيذ، شيء قاتل ومدمر إلا أنه محبب إلى النفس؛ لأنه يسمع منهم ما لا يسمع من الأسرة، ويرى منهم من العون على شهواته ونزواته، ما لم يره من الأسرة، ويمشون معه في نفس اتجاه النفس الأمارة السوء، وهذه مرحلة سنية، فإنه في مثل هذه المرحلة التي يسميها البعض بمرحلة المراهقة، يريد الشاب أن يخرج من السلطة الأسرية بأي ثمن، ويريد أن يشعر بالاستقلالية، ويريد أن يعبر عن رجولته بأي صورة حتى وإن كانت سلبية أو خاطئة.

ولذلك فهذا يعبر عن رجولته بهذا الفساد والإفساد الذي يقع فيه كما ذكرت، كذلك أيضا الإخفاق في الدراسة بعضهم يعتبر أن هذا شيئا عاديا؛ لأنه لا يشعر بالمسؤولية ما دامت الأسرة تعطي له الأموال التي بها يحيا بين أقرانه، ويحقق ما يرغب من شهوات ونزوات، فإنه لا يرى غضاضة أبدا في أن يظل في هذا المستوى السييء.

ولذلك أنتم تحتاجون إلى معالجة كاملة وتامة لأخيكم، ومواصلة الرقية الشرعية لاحتمال أن يكون لديه شيء؛ لأن معظم أهل المعاصي يستحوذ عليهم الشيطان، وقد يتلبسهم ويتحكم فيهم، وهذا بين واضح كما حكم الله تعالى: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا} كذلك قال تعالى:{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين}

وهناك علاقة قوية جدا ما بين الجن وما بين المعصية؛ لأن الله تبارك وتعالى بين لنا في كتابه كما قال سبحانه وتعالى: {وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون}.

وهناك علاقة قوية ما بين الجن والشياطين، وما بين المعاصي، ولذلك أرى معاودة الرقية من أحد المشايخ سواء هذا الأخ السابق، أو غيره، لعل الله تبارك وتعالى أن يجعل الشفاء على يديه.

كما أقترح كذلك عرضه على أخصائي نفساني، وتحليل شخصيته؛ لأني أرى أنها شخصية معقدة، وأرى أن ورائها كما كبيرا من الأسرار الذي يصعب علينا تخيلها، فكما ذكرت أنه دائما صامد وهادئ، فلا تعلمون كيف تتصرفون معه، فإذن هذا يحتاج إلى من ينبش قبره، ويخرج ما في نفسه.

وهذا يمكن أن يكون على يد أخصائي نفساني بواسطة تلك المراكز التي تقدم الاستشارات النفسية، فأتمنى عرضه - وخاصة أن الإمارات فيها مراكز جيدة، وفيها إخوة متميزين في هذا الميدان، فلعل أحد هؤلاء الأفاضل من الذين يتعاملون مع التنمية البشرية، وغير ذلك، لعلهم يستطيعون أن يعيدوا له ترتيب أوراقه من الداخل؛ لأني أتصور أن هذا الأخ أشبه ما يكون بمخزن كبير غير مرتب، وغير منظم، فهو محتاج إلى من يقوم له بذلك، خاصة وأنه لا يقبل النصيحة كما ذكرت، وأنه عنيد إلى غير ذلك من السلبيات، فأنا أرى الاستعانة ببعض هؤلاء المتخصصين لعله فعلا يخرج تلك الشحنة السلبية من هذا الشاب مع القراءة، وعند ذلك سيكون -إن شاء الله تعالى- بصورة حسنة.

كذلك لا مانع من ممارسة الضغط عليه بصورة حكيمة كحرمانه من جزء من المصروف، فإذا كان يتقاضى مصروفا عاليا من الممكن أن نخفضه، كذلك أيضا بعض الهجر أحيانا إذا كان ذلك ممكنا، ووجدنا أنه مجد أو نافع إلى غير ذلك، وهناك أيضا الدعاء من الوالدين؛ لأنه من أعظم أسلحة الهداية واعتدال السلوك.

وأنا حقيقة لا ألحظ في رسالتك دورا للوالد، فأنا لا أدري هل والدك موجود، أو ليس موجودا، لأنه لو كان موجودا فإنه لا بد أن يكون له دور كدور الصحبة، أن يصطحبه معه إلى المسجد، وأحيانا إلى بعض مجالس العرب، وأحيانا إلى المناسبات الأعراس، ومثلا الجنائز، وغير ذلك؛ لأننا نهمل أنبائنا، وندعهم فيخرجون وقد انقطعوا تماما عن المجتمع.

وبالتالي تتبلد أحاسيسه، وتموت مشاعره تجاه الآخر، ويشعر بنوع إما النظر الدونية تجاه الآخرين، بمعنى عدم التقدير والاحترام، أو كذلك بالسلبية تجاه مشاعر الآخرين، فلا يستطيع أن يفرق ما بين الحزن والفرح، فأنا أرى إذا كان الوالد موجودا ينبغي أن يلعب دورا معه، كذلك لا مانع من الاستعانة ببعض الشباب من أقاربكم من الشباب الصالح ودفعهم إلى أن يمشوا معه، وأن يتواصلوا معه، فيذهب معهم إلى المسجد، وفي الطلعات الشبابية، فلعل الصحبة تكون مهمة ومفيدة؛ لأن الصاحب ساحب كما تعلمين وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله).

وكذلك الدعاء أعتقد أنه سلاح مهم جدا، وأعتقد أنه يجب ألا تغفلوا عنه، وأسأل الله أن يهديه صراطه المستقيم، وأن يجعله من سعداء الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات