السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله تعالى خيرا على جهودكم الطيبة، والمعذرة منكم.
مشكلتي مع زوجتي وهي أني قبل سنوات تزوجت عليها امرأة أخرى لحاجتي لذلك، وكانت غيرتها في حدود المعقول وربما أقل من ذلك، وكان يحصل بينهما بعض الخلافات, وخاصة من الزوجة الثانية، فطلقت الثانية, ثم قبل فترة قريبة أعدتها بعد أن علمت بتحسنها, وفعلا وجدتها أفضل بكثير.
عندما علمت زوجتي بذلك طلبت مني الزواج بأي امرأة أخرى إلا هذه, لكني رفضت, وبينت أن كلا منهما ستعيش مستقلة عن الأخرى, بل بعيدة عنها، لكنها أصيبت بحالة نفسية، إضافة إلى إصابتها بسحر، وقد استعملنا معها الرقية الشرعية فتحسنت بعض الشيء, وخاطبنا الجني المتلبس؛ والذي ذكر أن مهمته الطلاق والتفريق بينها وبيني وبين أولادها.
علما أن لي منها أربعة أبناء، ورغم استمرارنا في الرقية إلا أنها تتأثر وتشعر بالضيق ورعشة الأطراف أثناء الرقية، ورغم تحسنها النسبي إلا أنها لا تشعر بأي مشاعر حب لي وللأولاد نهائيا وتخبرني بذلك، ولا تريد مني أن أقربها نهائيا، وتذكر بأن حالتها ستتحسن لو تزوجت ثالثة, أو كنت تزوجت غير زوجتي الثانية.
فهل تحتاج لطبيب نفسي؟ وهل تنصحون ببعض الأدوية للاكتئاب الذي تعاني منه, والقلق الذي تشعر به في بعض الأحيان؟
كما أنها لا تطيق التواصل مع أي من صديقاتها أو قريباتها غير أخواتها، وتشعر بالنقص.
فأرجو إبداء النصائح لأسير عليها؛ فأنا لا أريد أن أخسر زوجتي وأولادي.
ولكم منا خالص الدعاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبالطبع لا أستطيع أن أقول أن زوجتك مريضة مرضا نفسيا، لأن هذا يجب أن يحتم أو يثبت أو ينفى من خلال الفحص المباشر، لكن ما ذكرته من معلومات حول الأعراض التي تنتابها جيد جدا، والذي استوقفني هو موضوع دخول السحر والجن في هذا الموضوع، وأعتقد أن ذلك قد عقد الأمر كثيرا.
أنا أؤمن إيمانا قاطعا بوجود العين والسحر والجن، لكن أؤمن أيضا أن الله تعالى هو الذي يبطل هذه الأمور، وأن الإنسان مكرم، والذي يتبع ما ورد في السنة المطهرة لصرف هذه الشرور لن تصيبه، قناعاتي بذلك قوية جدا أيها الأخ الفاضل الكريم، وحصل الكثير من التشويش وكثير من الأفكار والشائعات، وما هو متداول من ملاحظات وهواجسهم أضرت بالناس حول هذا الموضوع أخي الفاضل الكريم.
وحين نتحدث عن العين والسحر وتدخلهما في موضوع النساء والزواج -خاصة في مثل وضع زوجتك- أعتقد أن ذلك في حد ذاته يمثل دافعا تحفيزيا لأن تكون زوجتك متعبة نفسيا، لأننا نتحدث عن مجهول، نتحدث عن أمور حولها الكثير من الشائعات والدجل والشعوذة، وبالرغم من أن الحقائق معروفة على نطاق الكتاب والسنة إلا أن المدخلات الكثيرة التي أضيفت من جانب البعض أضرت بالناس كثيرا.
زوجتك يجب أن تكون على قناعة تامة أنها في حفظ الله وأنها في معية الله، وأنها تحت رحمة الله، وأن الله سيحفظها، وإن كان هنالك عين أو سحر فإن الله سيبطله، وتحصن نفسها، ومن وجهة نظري هذا يكفي تماما.
الذي أراه أن الفاضلة زوجتك تعاني مما يمكن أن نسميه بعدم القدرة على التوافق، مطالبتها بأن تتزوج بثالثة بالطبع هو نوع من؛ لا أقول الانتقام من زوجتك الثانية، إلا أنه بالطبع نوع من البحث عن توازن نفسي، وهذا معروف، ويقال إن الذي يريد أن يرضي زوجته الأولى يجب أن يتزوج الثالثة.
فأعتقد أن ما تقوله كله ناتج من مزاجها القلقي، مزاجها الاكتئابي، عدم قدرتها على التواؤم والتوافق مع هذا الموقف الذي هي فيه.
أخي الكريم: أنا أحسب أنك تعطيها حقوقها كاملة، ويا حبذا لو كانت زائدة وتجعل لها خصوصية معينة دون أن تظلم زوجتك الثانية شرعيا، أعتقد أن ذلك سوف يحسن من أحوالها كثيرا.
الذي قمت به –أي الزواج– هو أمر شرعي، لكن الزوجة الأولى دائما تحس أنها قد أوذيت وأن زوجها هو الذي آذاها، لذا نقول للأزواج: احرصوا على نسائكم الأول مهما كانت الظروف، وأعتقد أن هذا المنهج سوف يقنعها بدرجة كبيرة جدا أنك تراعيها، وأعرف من طلبت من زوجها أن يذهب ليتزوج من ثانية بعد أن عرفت مدى عطفه ووده وحبه لها, هذا من ناحية.
من ناحية أخرى: لا بأس أن تعرض على طبيب نفسي، لأن في مثل هذه الحالات أيضا مضادات الاكتئاب قد تساعد، لكن يجب ألا نشعرها أنها ضعيفة، أو أنها مريضة نفسيا، لأن هذا سوف يضعف موقفها تماما أمام الزوجة الأخرى، حتى وإن كانت الزوجة الأخرى سيدة لا تشغل نفسها بهذه الأمور، لكن تعرف أن مجتمع السيدات فيه الكثير مما ينقل هنا وهناك، وكثير من التشوهات، والغيرة لا شك أنها موجودة.
لا مانع -أخي الكريم– أن تعرضها على طبيب بحجة أنك نفسك تريد شيئا من الإرشاد والتوجيه، وفي ذات الوقت يمكن أن تعطى هي العلاج المناسب.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.