السؤال
السلام عليكم..
أعاني من اضطرابات نفسية منذ 5 سنوات، وكانت بدايتها حالة هلع وخوف من الموت باستمرار، ثم بعد ذلك، بدأ يحدث لي وساوس قهرية في العبادات مثل: الصلاة والوضوء والصيام أيضا، وذهبت منذ عدة أشهر إلى طبيبة مخ وأعصاب تكلمت معها، ولكن ليس كثيرا، فأعطت لي بعض الأدوية، وهي (انافرونيل وفافرين وبوسبارا) تحسنت عليها قليلا، ولكن الأفكار ما زالت مستمرة معي، وكل ما حدث لي هو أن الأدوية خففت الأعراض فقط، وكأنها مسكنة، وكان العلاج لمدة شهر، ثم ذهبت بعد ذلك للاستشارة، فقللت لي بعض جرعات الدواء، وقالت لي: إذا أحسست بأي تعب مرة أخرى فارجعي لي.
انتهى الموضوع على ذلك، وكان العلاج كيميائيا فقط، ولم يكن هناك علاج سلوكي، وأنا الآن بعد توقف العلاج، أشعر بالخوف والقلق والوساوس القهرية مرة أخرى، فماذا أفعل لكي يتم شفائي تماما؟
على الرغم من أن أهلي غير فاهمين للتعب والألم الذي أشعر به، وقد ذهبت لهذه الطبيبة بعد معاناة طويلة من الكلام معها، لكي يفهموا ما أشعر به.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن نوبات القلق والهلع والمخاوف كثيرا ما تكون مرتبطة بأفكار وسواسية، وهذا بالطبع ينتج عنه أيضا شعور بعسر في المزاج وعدم الارتياح، والإنسان دائما في مثل هذه الحالات يكون متوجسا للدرجة التي يأتيه ما يسمى بالقلق الاستباقي أو القلق التوقعي، وهذا أكثر شيء مزعج، لأن الإنسان حين يقلق حول المستقبل بصورة مستمرة، ويحس أنه تحت نوع من التهديد النفسي المجهول، هذا بالطبع وضع غير مريح.
أعتقد أن هذا هو الذي يحدث لك، وأنا أقول لك أن هذه الحالات كثيرة ومنتشرة، وعلاجها ليس بالصعب، وأول خطوات العلاج هو أن تتفهمي تماما أن الحالة ليست خطيرة، وإن شاء الله تعالى سهلة، وهي ظاهرة أكثر من أنها مرض، وإن تعددت الأعراض وأصبح هنالك قلق وخوف ووساوس ومزاج اكتئابي، هذه المفردات جميعها ليست جزئيات مختلفة، إنما هي متصلة مع بعضها البعض، ونستطيع أن نقول أنك تعانين فقط مما يعرف بـ (قلق المخاوف).
ثانيا: الإنسان يجب ألا يستسلم للوسواس، ولا لأفكار الخوف، لا يحللها كثيرا، ولا يسرف في تشريحها، لأن ذلك قد يؤدي إلى المزيد من الوسوسة، لكن يتعامل معها بعقلانية، ويفهم أنها سخيفة، وأنه يجب أن يتجاهلها، ويصرف انتباهه عنها، وذلك من خلال آليات حسن إدارة الوقت، والانشغال بأنشطة أخرى مفيدة.
المبدأ الثالث هو: أن الشعور بالخوف المعقول، وشيء من القلق المعقول والوساوس المعقولة ليست كلها سيئة، فالخوف هو الذي يجعل الإنسان يحمي نفسه، والقلق هو الذي يحرك الدافعية، ويجعل الإنسان إيجابيا ومنتجا، والوسواس البسيط يجعل الإنسان قلقا حول الإنجازية، وأن يكون منضبطا، والاكتئاب البسيط يقال أنه خير وسيلة لأن يجرب الإنسان نعمة وفرحة حسن المزاج حين تأتيه، (وهكذا) هذه قد تكون أمور فلسفية بعض الشيء، لكن أعتقد أنها تلامس الحقيقة أيضا.
النقطة الرابعة – وهي مهمة جدا – هي: دائما التمسك بالتفكير الإيجابي، هنالك أحد العلماء النفسانيين المشهورين اسمه (آرون بك) يرى أن مشكلتنا الرئيسية أن الأفكار السلبية حين تستحوذ علينا نستسلم لها وننسى كل الإيجابيات والجماليات الموجودة في حياتنا، لذا هذه الأفكار يجب أن تواجه، يجب أن ترفض، يجب ألا يقبل الإنسان بها، وهذا هو العلاج السلوكي.
النقطة الخامسة هي: أن يعرف الإنسان دوره في هذه الحياة، مسؤولياته حيال نفسه، ماذا يريد أن يعمل في المستقل؟ ما هي الآليات التي سوف توصله لأهدافه؟ أن يسعى دائما أن يكون عالي الهمة؟ بر الوالدين، صلة الرحم، الحرص على أمور العبادة... هذه (حقيقة) غايات وأهداف ووسائل لأن تجعل الإنسان يتمتع بصحة نفسية ممتازة.
ممارسة الرياضة – أي نوع من الرياضة تناسب الفتاة المسلمة – دائما نطالب بها ونقرها، لأن الرياضة لها أثر نفسي إيجابي كبير، كذلك تطبيق تمارين الاسترخاء، إذا دربك أحد عليها فهذا أمر جيد، وإن لم تجدي من يدربك عليها فيمكنك أن ترجعي إلى استشارة لموقعنا تحت رقم (2136015) فيها الكثير من التوجيهات التي تكون مفيدة لك - إن شاء الله تعالى -.
بالنسبة للعلاج الدوائي: مهم، وهنالك أدوية كثيرة فعالة، أنا لا أفضل كثرة الأدوية، وأعتقد أن تناول دواء واحد بجرعة صحيحة، وللمدة المطلوبة يكفي تماما، وأنا أرشح عقار (سيرترالين)، وهو متوفر في مصر، ويسمى تجاريا باسم (مودابكس) هذا منتج محلي ممتاز جدا، وسعره ليس مكلفا، وتوجد منتجات تجارية أخرى تحت اسم (لسترال) و(زولفت) لكن أعتقد أن المودابكس سيكون كافيا.
الجرعة هي أن تبدئي بخمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجراما – تناوليها لمدة أسبوع، بعد ذلك اجعليها حبة كاملة ليلا، استمري عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك اجعليها حبتين ليلا – أي مائة مليجرام – وهذه هي الجرعة العلاجية المطلوبة في حالتك، علما بأن الجرعة القصوى هي مائتي مليجرام في اليوم، لكن حالتك لا تتطلب مثل هذه الجرعة.
استمري على جرعة المائة مليجرام – أي حبتين ليلا – لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، هذا الدواء دواء سليم وفاعل وممتاز جدا ورائع، وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، ومدة العلاج صحيحة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.