السؤال
السلام عليكم.
أشعر بحرج شديد للسؤال ولكني بحاجة لرأيكم، أنا في أواخر الثلاثينات، منذ كنت بأواخر العشرينات وأنا يتقدم لي أشخاص وبعد رؤيتي يذهبون ولا يردون مطلقا، وعددهم حوالي عشرين شخصا، علما بأنني في بداية حياتي تقدم لي بعض الأقارب وتم رفضهم من قبل أهلي، وكانت هناك مرة واحدة فقط وصل الأمر فيها لقراءة الفاتحة ثم فشل الأمر بسبب عدم اتفاق الأهل، أعلم أن الأمر كله لله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لكن الأمر يؤثر في سلبا بشكل أكبر من أن أصوره لكم.
كنت قد سلمت أمري لله منذ أكثر من عشر سنوات، وسلمت بأن نصيبي ألا أتزوج ولكن الناس من حولي لا يتركونني، وكلما ظهر شخص في الأفق تم الضغط علي لرؤيته وأصل للنتيجة نفسها من عدم عودته مرة أخرى، ومنذ حوالي عام جاء أحد أقاربي بشيخ للمنزل، وأعطاه طرحتي وقرأ عليها شيء ما، وقال: هي تعاني سحرا قديما، وطلب مني أن آخذ آيات من القرآن وأذيبها في الماء وأستحم بها، ثم أشربها لمدة أسبوع، طبعا استغربت جدا ورفضت رفضا قاطعا أن أفعل لأنه على حسب اعتقادي سيكون كفرا، وانصرف الشيخ بعد أن أصررت على الرفض التام، فلا أريد أن أخسر الدنيا والآخرة أيضا.
سيدي مسلسل الألم مستمر، فلا يزال هناك من يطلب رؤيتي فأرفض، فيتم الضغط علي فأقبل ثم يذهب بلا عودة، ويكون علي تجرع الألم نفسه مرات عديدة، أصبحت أذهب وأنا علي يقين أن الأمر سيتكرر فلا حول ولا قوة إلا بالله، وقد تكرر الأمر مرتين هذا الشهر.
لقد قررت أن أصمد أمام أي ضغوط ولن أسمح لأحد برؤيتي أبدا مهما حدث، فلقد تيقنت أنني ليس لي نصيب في الزواج وعلي قبول نصيبي والرضى به، وأتوقف عن إهانة نفسي، وأن أفقد ما بقي لي من ثقة ورضى عن نفسي، فكل هؤلاء الأشخاص انطبعوا في عقلي كشريط صور يمر أمام عيني، وكلما تقدم لي شخص جديد أضيف له صورة جديدة مؤلمة، تفسيري للأمر أني ليس لي قبول، وأني شخصية سيئة اجتماعيا، وإلا ما فر كل هذا العدد ناهيك عن آخرين رفضوني دون أن يروني، والحمد لله أن فعلوا!
أخيرا أنا حاصلة على أعلى الشهادات الجامعية، حيث كنت أحاول دائما أن أستفيد من وقتي، كما أني أعمل ويتمسك بي رؤسائي في العمل لأنهم يروني مجتهدة، وأنا لست دميمة ولا بدينة، أي ليس بي عيب ظاهر بشكلي الخارجي، أعتذر عن الشرح المطول ولكني بحاجة لسماع رأيكم الحكيم.
شكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ . م حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك –ابنتنا الكريمة–، ولاشك أن هذا العرض الجميل للاستشارة دليل على كمال العقل، وتمسك المسؤولين بك دليل على الجدية والنجاح، وأيضا قول أنك لست بدميمة، ونحن نقول: لا توجد امرأة دميمة؛ لأن نظرات الرجال للجمال مختلفة، ولولا اختلاف وجهات النظر لبارت السلع، وكل امرأة جميلة بأدبها وأخلاقها وإيمانها وحيائها، وكل امرأة وضع الله فيها أجزاء للجمال، فهذه تتميز بجمال وجهها، وتلك بحسن هندامها، وتلك بجمال عيونها، أو غير ذلك من مظاهر الجمال الموجودة بين البشر، وعلى كل حال فكل فتاة لها من الرجال من يعجب بها ويسعد بها، ونسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يرضيك به.
وحقيقة نحن نتمنى ألا تردي الخطاب، وألا تغلقي هذا الباب، ولا حرج في هذا الأمر، ومن حقهم أن يشاهدوك ومن حقك أن تشاهديهم النظرة الشرعية، وبعد ذلك رجعوا أو لم يعودوا فالأمر بيد الله تبارك وتعالى، ولن يحدث في كونه إلا ما أراده، والخير فيما سيختاره لك، فلا تغلقي على نفسك هذا الباب، لأنه لا يوجد مبرر شرعي، ولا تتأثري بذهابهم بلا عودة، فإنه لا خير فيمن ذهب بلا عودة، والخير في الذي سيثبت ويقدره الله تبارك وتعالى لك.
كما أن تكرر هؤلاء -هذا العدد– دليل على أنك مرغوبة، ليس الأمر كما تتصورين، ولكن أيضا فيه إشارة إلى أن الأمر قد يحتاج إلى رقية شرعية، فهي نوع من الدعاء، ومعروفة الآيات التي تقرأ في الرقية الشرعية، فنتمنى أن تبدئي بقراءتها على نفسك، وحافظي على أذكار المساء والصباح، وأكثري من قراءة آية الكرسي والمعوذات، والآيات التي تتكلم عن السحر، كرري قراءة هذه الآيات مع سورة البقرة التي نتمنى أن تكثري من قراءتها، ولا مانع كذلك من أن تعرضي نفسك على راقية شرعية أو راق شرعي، شريطة أن يكون ممن يلتزم بالدين، ويتقيد بأحكام الرقية الشرعية فلا يطلب أشياء غريبة، ولا يعمل مراسيم غير مألوفة، وأيضا يوقن أن الشفاء من الله تبارك وتعالى، ويكون ممن ظهر عليه –أو عليها– الالتزام بأحكام هذا الدين العظيم الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به، وهذا هو الذي نرجحه، وهو أن يكون غالبا هناك عائق يحتاج إلى رقية شرعية لإزالته.
وأيضا كما قلنا: ينبغي أن تجتهدي أنت في أن تكوني أهلا لاستقبال العلاج، فإن الإمام ابن القيم يشير إلى أن الرقية الشرعية والدعاء تحتاج إلى نفس قابلة لذلك، إلى جهة مستقبلة توقن بالله وتثق فيما عند الله، وتتوكل على الله وتستعين به، وتوقن أن الشفاء بيده وحده، فلا تغلقي على نفسك هذا الباب، وقطعا نحن لا نوافق على هذا، وأرجو أن تعلمي أنه لا عيب في فتاة تركها الرجال، ولا عيب في رجل تركته النساء، وهذه المسألة الشريعة تبنيها على الرضا والقبول، والتردد لا يصلح في مثل هذه الأمور، لا بد أن يأتي الرجل عن قناعة، ولا تصلح فيها المجاملات.
ونتمنى عندما يأتي خاطب ألا يبدأ الأهل فيقولوا: (حضر من الخطاب كذا وكذا وهربوا) أو (جاء عشرون، جاءوا كذا وما نفعت الأمور، وكذا)؛ لأن هذا يجعل الإنسان يهرب من غير سبب، بعض الناس -ربما كبار السن– يقابل الخاطب بمثل هذه الكلمات، فهم لا يهربون لنقص فيك ولكنهم يهربون لما سمعوه من الأسرة وخشيتهم من الارتباط بك بعد ذهاب الخطاب عنك، أو ربما الأسرة أيضا أصيبت بالإحباط فلا تستقبل بعضهم استقبالا جيدا، أو نحو ذلك من الأسباب التي في النهاية لا تقدم ولا تؤخر، والإنسان المتردد لا خير فيه.
نتمنى أن تواصلي هذا المشوار، ونتمنى أن تحشري نفسك في الصالحات، وتظهري بينهن ما وهبك الله من جمال وهمة عالية ونجاح في العمل، وأنت ولله الحمد ناجحة، والدليل على ذلك أن الجميع يطلبك لتعملي معهم، ونحن لك في مقام الأب الناصح والأخ الشفوق، فتواصلي مع موقعك، ونسأل الله أن يقدر لك الخير ثم يرضيك به، وكما قلنا: أرجو أن تهتمي بمسألة الرقية الشرعية بضوابطها التي تكلم عنها العلماء، وقد أشرنا إليها آنفا.
نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.