السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 30 سنة, والدي مطلق منذ أن كان عمري 3 سنوات, تزوج بعدها بزوجة كانت حنونة ونعم الأم بالنسبة لي، أبي حنون ويحبني أكثر من أي شيء، لكنه كان يضربني كثيرا.
أمي لم تسأل عني، لأنها متزوجة، وزوجها منعها، إضافة أن مشاكلها معه كانت كثيرة.
وعندي مشكلتان:
الأولى: أحس برعشة في رجلي عند خوفي من أي أحد، مجرد الصراخ يجعلني أرتعش كاملة، حتى لو كان من صديقتي, وأخاف من أن أنظر في عيني أي أحد بشدة، وأحس برغبة في البكاء، أو أبكي بلا وعي، كما أنني أبكي إذا ما أحسست بعطف أو حب من أحد.
والثانية: أعاني من ضعف في الذاكرة منذ صغري، أحفظ الشيء وأنساه فور خروجي من الغرفة، لاحظت المعلمة هذا وأخبرت أمي، لكي يعرضوني على طبيب أو مختص، وأنا أعاني الآن من هذه المشكلة لدرجة أنني نسيت كل ما درسته في حياتي كلها، كأنني أمية, وأنا طالبة جامعية.
من فضلكم ساعدوني كي أتخلص من هذه المشاكل، وجزاكم الله عنا ألف خير، وجعلها في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ fatima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإن موضوع التنشئة والطفولة، وطلاق الوالدين، لا شك أنه مؤسف؛ لكنه يقع في الحياة، والطلاق ذاته قد يكون حلا لكثير من المشكلات في بعض الأحيان.
عموما أنت الحمد لله تعالى تخطيت هذه المرحلة، وأنا لا أريدك أبدا أن تنظري إليها بسلبية، هي تجربة، هي خبرة، هي عبرة، ويجب أن يتم التعامل معها على هذا النطاق.
علاقتك بوالديك -إن شاء الله تعالى– تكون قائمة على البر والإحسان فيما مضى والآن، مهما كانت الظروف، وأنت متفهمة لذلك تماما.
شعورك الآن بالرعشة والقلق والخوف، وموضوع تشتت الذاكرة وضعف التركيز، أعتقد أن كل هذا ناتج من حالة قلق، وهذا النوع من القلق على وجه الخصوص يعرف بقلق المخاوف، وربما يكون لديك اكتئاب ثانوي من النوع البسيط، حيث إن الاكتئاب يكثر عند النساء في عمر الثلاثين أو ما بعد الثلاثين.
موضوع ضعف التركيز قطعا هو ناتج من الإجهاد النفسي والقلق والخوف وكذلك الاكتئاب. لا أريدك أن تعتبريه سمة ملازمة لك من فترة مبكرة، وتعاملي معه كعلة مكتسبة يمكن علاجها.
أنا أعتقد أنه من الأفضل لك أن تبدئي بإجراء فحوصات طبية، وذلك من خلال مقابلة طبيب الأسرة أو الطبيب الباطني، أو حتى إن ذهبت إلى الطبيب النفسي فسوف يقوم بإجراء هذه الفحوصات العامة، من الضروري أن نتأكد من مستوى هرمون الغدة الدرقية، وكذلك قوة الدم، ومستوى فيتامين (د) وفيتامين (ب12) هذه كلها فحوصات أساسية، وهي الحمد لله تعالى سهلة ومتاحة.
بعد أن تجرى هذه الفحوصات يكون الإنسان مطمئنا، ويتم معالجة الأمور النفسية، بعد ذلك دوائيا وسلوكيا واجتماعيا.
من ناحية الأدوية: أنت محتاجة لأحد مضادات القلق والمخاوف ومحسنات المزاج، وأنا أرى أن عقار زيروكسات والذي يعرف علميا باسم (باروكستين) سيكون دواء جيدا ومفيدا لك، وجرعته هي أن تبدئي بنصف حبة –أي 10 مليجرام– يتم تناولها ليلا بعد الأكل، وبعد أسبوعين اجعلي الجرعة حبة كاملة –أي 20 مليجرام– استمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها إلى 10 مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم 10 مليجرام يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية الجيدة والبسيطة، والجرعة التي وصفت لك هي جرعة صغيرة، حيث إن الجرعة القصوى تصل إلى 60 أو 80 مليجرام في اليوم، لكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة، وبالطبع إذا قابلت الطبيب النفسي –وهذا هو الأفضل– سوف يقوم بوصف العلاج اللازم لك، لكن بما أنك تعيشين في الصين –حسب ما فهمت– ربما تكون هناك صعوبة في التواصل مع طبيب نفسي، إلا إذا كنت تجيدين اللغة الصينية أو اللغة الإنجليزية.
عموما سوف أترك لك هذا الأمر، وإن شئت أن تتحصلي على الدواء فهو جيد ومفيد جدا.
الجانب الآخر هو تنظيم حياتك بصفة عامة، يجب أن تخصصي وقتا للراحة، ووقتا لممارسة الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، قراءة القرآن بتدبر وتمعن تحسن كثيرا من ذاكرة الإنسان، التوازن الغذائي أيضا مطلوب كثيرا لتحسين الذاكرة، تناول مركب (أوميجا 3) -وهو معروف جدا– سيكون أيضا مفيدا بالنسبة لك.
وعليك فيما يخص نمط الحياة الاجتماعية أن تجعليها أكثر حيوية، والحياة الجامعية لا شك أنها فرصة عظيمة للإنسان لأن يتواصل وأن يتعرف على الأفاضل والصالحين من الناس، وأن يكون له حضور اجتماعي، هذا يرفع من معدل التأهيل الاجتماعي لدى الإنسان، مما يشرح الصدر ويحسن التركيز، ويحس الإنسان فعلا بقيمته الحقيقية ويسعى لتطوير نفسه وتأكيدها.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.