السؤال
السلام عليكم..
ما هي الآثار المترتبة عن إدمان الرجل المتزوج على مشاهدة الأفلام الإباحية؟
السلام عليكم..
ما هي الآثار المترتبة عن إدمان الرجل المتزوج على مشاهدة الأفلام الإباحية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يوسف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يعينك على غض بصرك وتحصين فرجك، وأن يرزق الاستمتاع الطيب الحلال بأهلك، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – عن سؤالك عن الآثار المترتبة على إدمان الرجل المتزوج مشاهدة الأفلام الإباحية؟ أقول وبالله التوفيق: إن الآثار تنقسم إلى قسمين: آثار دينية وآثار دنيوية، أما الآثار الدينية فإن الاستمرار على المعصية فيه استهزاء بالله تبارك وتعالى، واستخفاف بشرعه؛ لأن الأصل فيه أن الله تبارك وتعالى قال: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}، فكون الإنسان يصر على المعصية وهو يعلم أنها معصية معنى ذلك أنه يحرم نفسه من رضوان الله تعالى والجنة، لأن الإصرار يحول الصغيرة إلى كبيرة كما ذكر كثير من أهل العلم، ففي هذه الحالة يكون العبد كالمستهزئ بربه، ويموت في قلبه الإيمان، ولا يشعر بحلاوة العبادة بعد ذلك، لأن قلبه سوف يموت بالمعصية.
المعصية كالسم – كما ذكر ابن القيم، قال: (إن المعاصي كالسم، يقتل القلب) يدمر القلب، يقضي عليه، يجعله قلبا قاسيا، بل يحوله من قلب حي إلى قلب مريض، ويحوله من قلب مريض إلى قلب ميت، فكثرة المعاصي سموم تدخل القلب تدمره تدميرا كليا، ولذلك مع الأيام تصبح لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا.
ثانيا: من الممكن أيضا أن يموت المدمن وهو على هذه المعصية، فيلقى الله تبارك وتعالى على سوء خاتمة، فخيركم من طال عمره وحسن عمله.
أما بهذه الكيفية – أخي الكريم يوسف – من أدراك أن ملك الموت لا يأتيك وأنت على هذا الحال؟ فتلقى الله تبارك وتعالى على سوء خاتمة، وبذلك تحرم من دخول الجنة، أو على الأقل يكون قبرك حفرة من حفر النار؛ لأن العبرة بالخواتيم، ونبيك المصطفى – صلى الله عليه وسلم – قال: (إنما يبعث العبد على ما مات عليه) فإذا توفى الله العبد على معصية بعث عليها كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – في غير حديث من كلامه المبارك – صلوات ربي وسلامه عيله -
هذه من الناحية الإيمانية، من الناحية الدنيوية: أولا أن الإنسان يصاب بالبلادة، ومعنى البلادة يعني عدم الغيرة على أهله، لأنه ينظر إلى رجال ونساء وهم يمارسون الحرام بلا غيرة، مع الأيام تموت لديك الغيرة على عرضك، ولذلك يتحول الإنسان مع كثرة مشاهدة الأفلام الإباحية إلى ديوث، والديوث لا يدخل الجنة، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم - : (مكتوب على باب الجنة: لا يدخل الجنة ديوث. قيل: وما الديوث يا رسول الله؟ قال: الذي يرى المنكر في أهله ولا ينكره) أو كما قال – صلى الله عليه وسلم -
إذن في هذه الحالة يصبح الإنسان ديوثا يعني كالخنزير، تموت الغيرة على عرضه، فلا يغار على زوجته، ولا يغار على أمه، ولا يغار على ابنته، ولا على أخته، ويتحول إلى إنسان بليد.
الأمر الثاني: أنها تضعف علاقتك بزوجتك، لأنك تستمتع بها وترى أحوالا وترى أوضاعا في هذه الأفلام المقصودة لا تستطيع زوجتك أن تقوم بها، فتصاب أيضا بنوع من الفتور الجنسي مع زوجتك، وتشعر بعدم الاستمتاع معها، لماذا؟ لأنك ترى في هذا الاستمتاع بهذه الطريقة المحرمة أفضل مما تفعله، وقد تطلب من زوجتك بعض الأوضاع وهي لا تستطيع أن تفعلها، فبذلك تتهمها بأنها غير متعاونة، وغير ذلك وأن لديها برودا وبلادة، وكل ذلك ليس صحيحا، لأنك عندما تنظر إلى هذه الأفلام، هذه الأفلام أعدت خصيصا في ستديوهات وأصحابها يتناولون قدرا من المنشطات حتى تتم عملية التصوير على أعلى مستوى، ليفسدوا دينك وأخلاقك، وقيمك أنت وغيرك من المسلمين بل وغير المسلمين.
هذه الأفلام الإباحية هي عبارة عن حرب من الحروب التي تشنها أعداء الإنسانية جميعا على القيم والمبادئ والأخلاق، ولأن اليهود عندما قاموا بهذا كان أهم سلاح لديهم إنما هو تدمير الأخلاق، لأن تدمير الأخلاق يسقط الشعوب في المعاصي والآثام، فتضعف الهمة وتفتر العزيمة، وتنتشر البطالة وتقل الإنتاجية، وهذا هو الذي (حقيقة) مع الأسف الشديد أشاعوه في العالم، حتى يتمكنوا من تدمير العالم والسيطرة عليه.
إذن مشاهدة الأفلام الإباحية باستمرار تؤدي إلى هذا الأمر، يصبح الإنسان - كما ذكرت لك – حيوانا منحطا حقيرا ليس لديه غيرة على عرضه لا زوجته ولا غيرها.
الأمر الثاني: عقد مقارنة بين زوجتك وبين هؤلاء الفاسقات اللائي تراهن في هذه المشاهد فتشعر بالنفرة من زوجتك، ونوع من عدم الراحة لها في هذا الجانب، وأيضا تستقل عملها وتنظر إليها بالنقص دائما، وأنها غير متطورة، وأنها غير راقية، وأنها وأنها إلى غير ذلك، وبالتالي هذا الأمر سيفسد عليك علاقتك الزوجية، لأنك ستصاب بنوع من الفتور في علاقتك الزوجية، ولا تتمكن من إعطاء زوجتك الشرعية حقها.
التالي سيحدث هناك نوع من التصدع الأسري الكبير، لأن المرأة خاصة وأنت رجل شاب عندما تراك قد زهدت فيها ورغبت عنها فتبدأ تسأل نفسها ما السبب، فقد تتهمك بأنك ترتكب الفاحشة عمليا، وقد تتهمك بأنك تزوجت عليها، وأن لك علاقات محرمة، وبذلك تأتي الشكوك من كل جانب، وتفتح عليك النار أبوابها، ولا تستطيع أن تقاوم هذه الآثار المترتبة على هذه المعصية.
أنا أوصيك – ونفسي – أن تتقي الله تعالى، إن كنت تقع في ذلك أن تترك هذا الحرام، واعلم أن من غض بصره عن الحرام أكرمه الله، ومن عف نفسه عن الحرام ناله في الحال.
ادع الله أن يغفر لك، وحاول ألا تدخل هذه المواقع مطلقا، وأخرج الجهاز من مكتبك أو غرفتك الخاصة، وعد إلى الله وتب إليه، وسله أن يغفر لك، واعلم أن الله يغفر الذنوب جميعا.
نسأل الله أن يغفر لنا ولك، ويجنبنا وإياك وسائر المسلمين الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.