انتقلت لمدينة أخرى وأصبحت أخاف من الخروج!

0 264

السؤال

السلام عليكم

سيدي الفاضل، لطالما قرأت ردودك على تساؤلات الناس، وكانت -حقا- ردودا تشفي صدور أناس أرهقهم المرض، ولمسوا فيك -سيدي- الأمل الذي ينير دربهم بعد ربنا سبحانه وتعالى، فزادكم الله علما، وأظلك الله بظله يوم لا ظل إلا ظله .

أنا أحمد من الجزائر، متزوج وأب لأربعة أطفال، كنت أحيا حياة سعيدة مع زوجتي وأبنائي، ثم حدث وأنا انتقلت إلى مدينة أخرى، واشتريت بيتا واستقررت هناك.

في الحقيقة لم أتأقلم مع هذا الجو الجديد؛ لأنني ابتعدت عن عائلتي وأصدقائي، ولم أستطع أن أكون علاقات جديدة، فسبب لي ذلك ضغوطات نفسية، فلجأت إلى التدخين، بعدها أصبحت عصبيا فوق اللزوم، فعندما أغضب تثور ثائرتي، وأحطم كل شيء أمامي، ثم أصبحت أخاف البقاء لوحدي في البيت، ثم تطورت حالتي إلى أن أصبحت أخاف من الخروج أو قيادة السيارة، حينها ذهبت إلى طبيب نفساني، فصف لي هذه الأدوية: depretine tranxéne clonaprime مدة 4 سنوات، ونقص عندي القلق، ولكن الخوف بقي على حاله.

أريد أن أتخلص من هذه الأدوية، فقد سببت لي أعراضا كثيرة، وأصبحت أنام الليل مع النهار، والخمول والكسل، ولا أستطيع التركيز، وأمشي وأتمايل، وأقوم بحركات غير إرادية.

أطلب منك سيدي أن تساعدني في التخلص من هذه الأدوية، فقد حاولت مرارا لكن أعراض الفطام أثرت علي كثيرا، فلم أقو على إيقافه، وما هو البديل لهذه الأدوية؟ وخصوصا للقلق والخوف.

شكرا، وأطال الله في عمركم .

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي، أنت تعاني من نوع من قلق المخاوف، والخوف الذي أصبت به هو خوف وساوسي لدرجة كبيرة، وهذا أدى إلى إصابتك بعسر في المزاج، لم يصل -الحمد لله تعالى- لدرجة الاكتئاب السوداوية أو المطبق، لكن قطعا أي عسر في المزاج له تأثيرات سلبية على صاحبه.

أيها الأخ الكريم، أريدك أن تزن الأمور بصورة إيجابية أكثر، فأنت رجل متزوج، وأنعم الله عليك بالذرية، وموضوع انتقالك لمدينة أخرى لا شك أنها كانت خطوة قصدت بها أن ترتب لحياة أفضل.

أتفق معك أن عدم القدرة على التكيف والتواؤم في بعض الأحيان قد تحتاج وقتا، لكن أريدك أن لا تحسس حول هذا الموضوع، وأنت قمت بخطوة إيجابية جدا، والله يجعل متسعا لنا في الأرض لننتقل فيها، ونختار المكان الذي يناسبنا -والحمد لله تعالى- أصبح التواصل سهلا بين الناس، ونحن نعيش في مجتمعات -الحمد لله تعالى- مسلمة وطيبة، ونجد إخواننا أينما حللنا.

أخي الكريم، حاول أن تبني علاقات جيدة بإخوتك في المسجد، والجيران، والأحباب، والأصحاب، وشارك في الأنشطة الثقافية والاجتماعية، فلابد من هذا؛ لأنه سوف يجعلك ترتبط أكثر بالمكان الذي أنت فيه، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: بالنسبة للمخاوف لابد أن تعالج من خلال تحقيرها، ومواجهتها، ويمكن أن تكون المواجهات تدريجية؛ لأنها تؤدي إلى ما يعرف بالتحسين التدريجي، والمواجهة في الخيال وجد أنها مفيدة، فقط أن أتخيل بتدبر وتمعن أنني قد عرضت نفسي في موقف اجتماعي كبير خارج المنزل، وعشت هذا الموضع بتفاصيله؛ فهذا يساعد على التكيف والتواؤم كبداية بسيطة، لكن قطعا العلاج الكلي والمفيد وهو في التطبيق الواقعي.

بالنسبة للأدوية التي تتناولها، أعتقد أن إشكاليتك في عقار (tranxéne) وأما الدواء الثاني: (clonaprime) فهو دواء جيد، بالرغم من أنه من الأدوية القديمة، لكنه لا يسبب الإدمان، أما (tranxéne) فهو جيد أيضا، لكنه قطعا يسبب الإدمان، ويصعب على الإنسان الذي يتناوله لفترة طويلة أن يتوقف عنه.
وأما الدواء الآخر وهو depretine ، فأنا غير متأكد حقيقة منه؛ لأن هذا الاسم تجاري، لكن بعض الإخوة الذين يراسلوني من الجزائر ذكر لي أنه أحد مضادات الاكتئاب والمخاوف على ما أذكر.

عموما أخي الكريم، أنا لا أريد أن تتخذ موقفا سلبيا من الأدوية، لكن بالفعل أتفق معك أنه ليس هنالك ما يدعوك إلى استعمال هذه الأدوية لفترة طويلة، والـ(tranxéne) يجب أن تبدأ في تخفيضه تدريجيا وتخفض منه في خلال شهر، وهذا قد يكون ليس سهلا بالنسبة لك، لكننا سوف نعمل لك البدائل.

البديل هو عقار سيركويل، والذي يعرف باسم (كواتبين) تناوله بجرعة (25) مليجرام، بعد أن تنقطع تماما من الــ(tranxéne) واستمر على السيركويل لمدة شهر آخر، أما الـ(clonaprime) والذي أعتقد أنه الأنفرانيل فهذا يعتمد على جرعته، وهو يوجد في تركيبة (25) مليجرام و(75) مليجرام، ابدأ بتخفيض الجرعة أسبوعيا، أنقص ربع الجرعة التي تتناولها أسبوعيا، ثم توقف عنه حين تصل إلى منتصف الجرعة.

أريدك أن تتناول دواء جيدا وحديثا ويساعد -إن شاء الله تعالى- كثيرا في هذه المخاوف والاكتئاب، والعقار هو بروزاك، والذي يعرف باسم فلوكستين، وهو جيد جدا، ابدأ بجرعة عشرين مليجراما يوميا، لمدة شهر ثم بعد ذلك اجعلها أربعين مليجراما.

أما الدواء الآخر وهو: (depretine) فيمكنك أن تتوقف عنه بعد أن تخفف جرعة الـclonaprime.

إذن: أنت سوف تكون على (40) مليجراما من الفلوكستين وعلى (25) مليجراما من الكواتبين، هذه أدوية طيبة وممتازة.

أخي أحمد، لا يمكن أن نتركك بدون علاج دوائي كل هذه السنين، وبعد أن تستوي أمورك -إن شاء الله تعالى- نفترض أن هذا الأمر استغرق ستة أشهر -أي على الدواءين المذكورين- بعد ذلك اجعل جرعة البروزاك (20) مليجرام كبسولة واحدة، واستمر عليها لمدة ثلاثة ثم أوقفها، وأما السيركويل فيمكنك أن توقفه بعد ثلاثة أشهر من تعاطيه .

أخي، مارس الرياضة، وكن إيجابيا في تفكيرك، وتواصل اجتماعيا كما ذكرت لك، هذا كله يفيدك كثيرا، ومن ناحيتي أشكر كثيرا على التواصل مع إسلام ويب.

أسأل الله لك العافية والشفاء والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات