خطيبي متدين وخلوق لكني أقارنه بزوج أختي..

0 420

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا فتاة من جنسية خليجية مقيمة في المملكة، أبلغ من العمر 25 عاما، جامعية تخصص إدارة أعمال، طموحة جدا، وأحب العمل، متدينة، و-الحمد لله- على قدر عال من الجمال، ترتيبي الثانية بين إخوتي.

تقدم لخطبتي شاب من نفس جنسيتي, ذو خلق ودين وسمعة طيبة، جامعي، ولديه عمله الخاص به، وطموح مثلي، إلا أن وضعهم المادي أقل منا، استخرت واستشرت، وتمت النظرة وتسهلت كل الأمور، وتمت الخطبة بصفة رسمية.

مشكلتي هي: مقارنتي الكثيرة بزوج أختي، أحب أختي كثيرا، وأتمنى لها الخير، لكن أقارن خطيبي بزوجها ـ زوج أختي قريب لنا ـ ولكنه يحمل الجنسية السعودية، وموظف في شركة مرموقة، ومستوى أهله المادي مقارب لمستوي أهلي.

أمي دائما كانت تقول لنا: لن أزوج بناتي إلا لرجال يحملون الجنسية السعودية, كبرت وهذا الفكر يلازمني، الآن والدتي غيرت نظرتها كثيرا فأصبحت تقول: الرجل متدين ومتعلم وأهله طيبون، والمادة ليست كل شيء، خذوهم فقراء يغنهم الله من فضله، خطيبي ليس فقيرا، ولكنه أقل منا بكثير، حيث إن والدي رجل أعمال.

مشكلتي هي: المقارنة من ناحية الجنسية، وليست المادة، أحيانا أشعر أني أستحق الأفضل؛ فأنا جميلة، ومتدينة، ومن عائلة معروفة، وـ الحمد لله ـ.

كثيرا ما أفكر بفسخ خطبتي ولكن أتردد حيث أقول: هو رجل صالح ومتدين، و-الحمد لله- وفي هذا الزمن أصبح من الصعوبة أن نجد الزوج الصالح، وبما أن والدي وافق عليه، فأكيد لن يوافق على أي أحد، حيث إن والدي يحبنا كثيرا وقد رفض شبابا كثر تقدموا لي بسبب ضعف دينهم أو أخلاقهم.

احترت كثيرا، ولا أعرف ماذا أفعل هل أفسخ خطبتي؟ وإذا فسختها هل سيتقدم لي خطيب أفضل أم أسوأ؟ أخاف أن أندم! من الممكن أن يتقدم لي أفضل منه من ناحية المستوى المادي والجنسية، لكن من ناحية الدين والأخلاق لا أعتقد ذلك.

أفكر كثيرا وأقارن نفسي بأخواتي, لا أريد أن أكون أقل من أحد، أعلم أنني على خطأ.

وجهوني جزاكم الله خيرا، وعذرا على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ الحائرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك - ابنتنا الفاضلة – في موقعك، ونشكر لك هذا التواصل، وهذا الاهتمام، ونتمنى أن تكون هذه المشاعر مكتومة وسرية، فلا تظهري لهذا الخاطب صاحب الدين الذي رضيه الوالد ورضيته الأسرة, أنك كنت تتمنين غيره، بل أظهري له أنه أغلى وأحسن وأكرم من وقف في طريقك، هذا ما يأمر به الشرع الطرفين، فإن التوسع في الثناء, والمبالغة في إظهار الفرح بالخاطب أو المخطوبة, بالزوج أو بالزوجة, مما دعت إليه الشريعة, من أجل أن تشيع: روح المحبة والود، وهذه المعاني الغالية التي تقوم عليها الأسر.

وننصحك أيضا: بتجنب المقارنات، فإن المقارنات فيها ظلم، ومهما كان في الإنسان من صفات فإنا لا نستطيع أن نقارن إنسانا بآخر، وأنت (حقيقة) لا تعلمين من الآخرين إلا ما ظهر منهم، ولا تعرفي ما يدور في الخفاء بينهم وبين زوجاتهم، أما بالنسبة للخاطب، وبالنسبة لزوجك فستعرفين تفاصيل حياته.

من هنا كانت المقارنة ظلم، سواء كان المقارن هو الرجل, أو المقارنة هي المرأة، وإذا جاء الرجل وقارن زوجته مع أخرى فإن هذا فيه ظلم لزوجته، لأن بعض الناس يأتي ويقول (بيتها مرتب، كذا وكذا) فيدخل الأحزان على زوجته، ولكنه ينسى أن تلك لها عيوب أيضا، فقد يكون بيتها مرتبا، لكنها لا تصلي، وقد يكون بيتها مرتبا وتصلي، لكنها لا تهتم بأولادها، ولذلك النبي - صلى الله عليه وسلم – يعطينا معيارا جميلا جدا: (لا يفرك مؤمن مؤمنة – لا يبغض مؤمن مؤمنة – إن كره منها خلقا رضي منها آخرا) وهذا بالنسبة للمرأة وللرجل، فإذا تضايقت المرأة من بعض الصفات في زوجها، فينبغي أن تتذكر أن عنده إيجابيات لا مثيل لها بين الرجال.

هذه النظرة الشاملة للإنسان بإيجابياته وسلبياته؛ تخفف على الإنسان مثل هذه الأشياء، والرجل ليس بجنسيته ولا بأمواله، ولكن بدينه وخلقه، وباهتمامه بأسرته، وبحسن أخلاقه وطاعته لربه ـ تبارك وتعالى ـ بل لا دخل للقصور العالية الفارهة في السعادة، فقد تسكن في كوخ أو خيمة, وهو أسعد من أصحاب القصور، وأسعد ممن يعيش في بيوت الملوك، لأن السعادة هي نبع النفوس المؤمنة، الراضية بقضاء الله وقدره، المواظبة على ذكره وشكره وحسن عبادته، وهذه السعادة تمنح للإنسان الراضي بقضاء الله وقدره، وأنت - ولله الحمد - كنت راضية وقبلت بهذا الرجل، وارتضته الأسرة، وإذا كان الوالد يحبكم – وهذا قطعا عند الوالد والوالدة – فإنه ما كان ليوافق, وما كان ليتحمس, وما كان ليقبل بهذا الشاب؛ لو لم يكن قد رأى منه الأخلاق الفاضلة, والأمانة, وحسن السيرة، إلى غير ذلك من المعاني الجميلة التي يتمناها كل إنسان في أزواج بناته.

من هنا ندعوك: أن تستعيذي بالله من الشيطان، وتجتهدي في إكمال المشوار، وتجنبي هذه المقارنات مهما كانت الدوافع والأسباب؛ لأنك لا تعلمين من حال الآخرين إلا ما ظهر، والسعادة لا ترتبط بجنسية معينة، أو ببلد معين، لكن السعادة هي: هبة من الوهاب ـ سبحانه وتعالى ـ ولذلك أرجو أن تستعيذي بالله من الشيطان، وتوقفي هذا التفكير، وتشغلي نفسك بالمفيد.

واعلمي أنه كلما اقترب موعد الزواج قد تأتي بعض التوترات، فالشيطان لا يريد للحلال أن يتم، وشغل الشيطان أن يقعد في طريق من يريد الله, ومن يريد أن يبدأ الحياة الصحيحة، فهو لا يعترض أهل الشواطئ وأهل المنكرات، ولكن الأمر كما قال الله: {لأقعدن لهم صراطك المستقيم} فعاملي هذا العدو بنقيض قصده، وتوجهي إلى الله ـ تبارك وتعالى ـ بالدعاء واللجوء إليه، وتجنبي إحراج هذا الشاب، أرجو ألا يعلم بأي حال من الأحوال أنك نافرة منه؛ لأنه كذا ولأنه كذا، لأن هذا يترك آثارا مدمرة في النفوس، سواء استمر في زواجه, أو انفصل عنك، فاجعلي هذه الأمور سرا، واتقي الله في نفسك، واحرصي على كل أمر يرضي والديك، فالرجال أعرف بالرجال.

نسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات