خوف من الموت وفزع دائم.. هل هو مرض عضوي أم نفسي؟

0 599

السؤال

أنا فتاة متفوقة، بدأت الحالة معي منذ رمضان المنصرم، في أول أيامه صمت بشكل طبيعي، لكن عند الإفطار لم آكل تقريبا، وذهبت لصلاة التراويح، وأنا في الركعة الأخيرة من العشاء ازدادت دقات قلبي، وشعرت بضيق في التنفس، وتعرقت بشكل كبير كما لو أن أحدهم صب علي دلوا من الماء، وشعرت بأني سوف أموت (كان الجو حارا، والازدحام شديدا جدا) لم أكمل الصلاة، ورجعت إلى المنزل.

وفي الأسبوع الثاني من سبتمبر، وأنا في القسم شعرت بنفس الشيء مع غياب التعرق، ووجود تنميل في الأطراف، وتكررت مرارا، وذات يوم درست يوما كاملا، وفي الليل حدث نفس الشيء، لكن مع رجفة شديدة حتى نقلت إلى المستشفي أعطاني حقنة، وهدأت وقال لي الطبيب: مجرد قلق فقط، ومنذ ذلك الحين، وأنا أعاني من وساوس عن الموت، ففكرة أني سأموت الآن لا تفارقني، وأصبحت الحالة هي أيضا لا تفارقني.

رقاني أحد الشيوخ فأصبت برجفة أثناء الرقية، وأخبرني بأني محسودة، وأعطاني خلطة، وماء زمزم، وأحسست ببعض الهدوء من النوبات، لكن الوساوس ما زالت، ذهبت إلى طبيب، وقال أنت سليمة، وتعانين من إرهاق عصبي، أصبحت أخاف، وأهلع عند سماع أن أحدا توفي، ودائما أتحسس قلبي إن كان يدق.

تراجعت نتائجي في الدراسة، وأصبت باكتئاب حاد، وأحمل هم اليوم التالي، وأحب أن أنام، ولا أنهض حتى لا تراودني الوساوس، وأتمنى فقط أن يحل الليل بسرعة كي أنام، وأيضا عندما يكلمني أحد لا أنتبه، وكأنه يكلم خيالا.

نقص وزني كما أصبحت لا أحب الخروج من البيت لأي سبب، وأصبحت لا أذهب إلى المسجد خوفا من حدوث الحالة، فتشجعت يوما وذهبت لصلاة الجمعة، لكن أثناء الصلاة أصبت بخوف، وازدادت ضربات قلبي بشدة حتى ظننته سيتوقف مع صعوبة في التنفس.

أخاف كثيرا من أتفه الأسباب (علما بأنه بعد حدوثها أول مرة بحثت في الانترنت، وظننت أنه سرطان، أو مرض خطير)...هذه حالتي أتمنى أن تساعدني.

أريد أن أعرف هل هو مرض عضوي أم معنوي أم مرض نفسي؟ أريد أن أعرف ما هو مع شرح حالتي لكي أتعايش معها؟

آسفة على الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالذي حدث لك أثناء صلاة العشاء من تسارع في دقات القلب، وشعور بضيق في التنفس، وتعرق وشعور بقرب المنية، هو حالة قلقية حادة تسمى بنوبات الفزع أو الهلع، وهو مزعج جدا لصاحبه، وربما تكون البدايات المسببة لهذه النوبة - كما تفضلت وذكرت – الزحام الشديد في المسجد، وهذا أمر - إن شاء الله تعالى – فيه خير، والمسبب الآخر هو أنه في بعض الأحيان وبعد الطعام يفرز الجسم كميات كبيرة من الأنسولين، وهذه تؤدي إلى إحراق الكثير من السكريات والدهنيات، وهذا يؤدي إلى بعض الهبوط البسيط في الطاقات النفسية والجسدية للإنسان، ومن ثم حدثت لك هذه النوبة.

لا أقول أن موضوع الطعام والأنسولين هو سبب مباشر، لكنها عوامل قد تكون ساهمت في هذا الأمر، لأن هذه النوبات كثيرا ما تأتي لبعض الناس دون أي مسببات أو مقدمات، والأرجح هو أن بعض الناس لديهم استعداد أصلا لحالة القلق هذه.

تتميز نوبات الهلع والهرع هذه بأن الإنسان يبدأ يفكر فيها كثيرا حتى بعد أن تنتهي النوبة، وتأتي للإنسان وساوس وما نسميه بالقلق التوقعي، ومتى سوف تأتيه النوبة الأخرى (وهكذا).

أما موضوع الخوف من الموت، فنسبة للتجربة الشرطية الشديدة التي حدثت يظل هذا الخوف عالقا في ذهن الإنسان، لأن أمر الموت أمر آخر كما هو معروف.

هذه الحالات في مثل عمرك ونسبة لغرابتها تؤدي إلى وساوس، وإلى مخاوف، وربما إلى شيء من الاكتئاب، لذا أصبحت غير مرتاحة بعض الشيء، وبدأ وزنك في النقصان كما تفضلت، وحتى مستواك الأكاديمي والدراسي قد تأثر سلبا بهذا الوضع.

أنا أؤكد لك أن هذه الحالة حالة بسيطة، وهي نوع من القلق النفسي، قد لا تكون له أسباب أبدا، لكنه غير خطير، ويعالج من خلال أن تفكري في هذه النوبة، وتقولي لنفسك (هذا مجرد قلق أتاني، وحتى إن أتاني مرة أخرى فيجب ألا تكون مشاعري سلبية، وقضية الخوف من الموت هي جزء من هذا القلق وليس أمرا آخر) وتكون لك قناعاتك الإسلامية والعقدية السليمة حول الموت، وهو أن الأعمار بيد الله تعالى، وأن الخوف من الموت لا يزيد في عمر الإنسان شيئا ولا ينقصه، واصرفي انتباهك عن هذه الحالة تماما من خلال أن تدخلى نفسك في فكرة مخالفة، فكرة مضادة لفكرة الخوف.

أنصحك أيضا بأن تتدربي على تمارين الاسترخاء، فهي ذات فائدة كبيرة جدا، موقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) يمكنك الرجوع إليها للاسترشاد بتفاصيلها في كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، وحاولي أن تنظمي وقتك بصورة جيدة، وتشغلي نفسك وتركزي على دراستك.

أنت -الحمد لله تعالى- متفوقة ومتميزة، وربما يكون أيضا من الجيد أن تذهبي إلى طبيب نفسي، تحتاجين لزيادة واحدة أو اثنين، لأن الأدوية أيضا تساعد كثيرا في هذه الحالات، خاصة مثل عقار (سبرالكس) عقار متميز لعلاج نوبات الهرع هذه، علما بأن صرف الانتباه عنها، وممارسة تمارين الاسترخاء، وتفهم الحالة ذاتها يساعد أيضا في علاجها، لكن قطعا الدواء قد تكون له أهمية في بعض الأحيان.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات