أفرطت في محبة معلمتي وقصرت في عبادتي.. فكيف أضبط هذا الحب؟

0 330

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة أحببت معلمتي حبا شديدا لدرجة أنني أتمنى أن تكون أمي، أفكر بها بكل وقتي حتى أني أصبحت مقصرة بدراستي، وعبادتي، وذكري لله، أغار عليها كثيرا، وأتضايق لأي موقف بسيط قد يبدر منها لأي طالبة قد تميزها عن الباقي.

أريدها لوحدي دائما، وأريد اهتماما منها، لكنني أشعر وكأن عكس هذا الشيء يحصل، البعض قالوا لي: بأنه عقاب من الله؛ لأن الله سبحانه وتعالى غيور يغار على عبده إذا تعلق قلبه بأحد أكثر منه؛ لذلك فإنه يسخط على عبده ويسخط عبده عليه.

أرجو منكم مع جزيل الشكر أن تبينوا لي:

1-كيف أضبط حبي ومشاعري تجاهها وأجعلها خالصة لوجه الله، وأن يشملني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ... ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه ...).

2- ما هي الطريقة التي يمكن أن تقوي صلتي بها حتى وإن كان هناك فرق كبير بالسن بيننا، أرجو منكم الإجابة بالتفصيل، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ batoul حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك ابنتنا الفاضلة، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله أن يعينك على الخير، وأن يملأ قلوبنا جميعا بحبه وحب العمل الذي يقربنا إلى حبه وحب نبيه - عليه صلاة الله وسلامه – فإن الحب في الله ولله وبالله ومن أجل الله هو المطلوب، فهل حبك لهذه المعلمة لدينها، أو لحفظها لكتاب الله، أو لطاعتها لله تبارك وتعالى؟ أم هو حب لجمال شكلها؟ ولحسن منظرها؟ أو لحسن طريقة حديثها؟ أو لاهتمامها بالموضة والمنظر؟

فإذا كان الحب في الله ولله وبالله وعلى مراد الله فأنعم بهذا الحب، وإن كان الحب لأي مظهر مما ذكرنا؛ لأنها جيدة في مادتها، لأنها جميلة في شكلها، لأنها ظريفة في هيئتها، لأنها، لأنها، فعند ذلك ينبغي أن تتوقفي، لأن هذا حب لا يعود عليك بالخير، وما من محبة في هذه الدنيا لا تقوم على الإيمان والتقوى إلا وتنقلب إلى عداوة، قال تعالى: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين}.

فالآن عرفت، وأنت أعرف الناس بدوافع هذا الحب للمعلمة، بدوافع هذا الميل إليها، وحتى لو فرضنا أن هذا الحب بدأ هذه البداية ينبغي أن يكون بمقدار وأن يكون باعتدال، وألا يطغى على حبنا لربنا تبارك وتعالى، لأنك أحببت المصلية الحافظة لكتاب الله، فإنك أحببتها لأنها تسعى في طاعة الله، فإذا ازدادت لله طاعة ازدادت منزلتها في قلبك، ولكن لا تصل للدرجة التي تشغلك عن الصلاة، وتشغلك في السجود، وتشغلك عن طاعة الله تبارك وتعالى.

فما أحوجنا إذن إلى أن نقيم هذا الميزان، وأرجو أن تعلمي أن الإنسان فعلا إذا عبد غير الله عذب به، وإذا أحب غير الله عذب به، قالوا لماذا؟ قيل: الله يغار على قلب عبده المؤمن، ولذلك لما أحب الخليل إبراهيم - عليه السلام – ولده إسماعيل ابتلاه الله بذبحه، ونجح الخليل في الامتحان، فهو خليل الله تبارك وتعالى، والخلة هي أعلى درجات المحبة، نالها ذلك النبي - عليه صلاة الله وسلامه -.

فما ينبغي أن يشغلنا شيء في هذه الدنيا عن حبنا لله، بل ينبغي أن يكون حبنا للأشخاص وللأشياء نابع من قربها من الله، من طاعتها لله، من أن يكون ذلك الحب وذلك الشيء في رضا الله تبارك وتعالى، وهنيئا لمن كان هواه تبعا لما جاء به الرسول - عليه صلاة الله وسلامه - .

أنت الآن أعلم بنفسك، نحن لا نعلم النية، إذا كانت النية لله، فاعلمي أن هناك صالحات، وزعي هذه المشاعر، وهذا الحب بين عشرة من الطيبات الصالحات المطيعات لله تبارك وتعالى.

إذا كان الحب والعياذ بالله من النوع السيئ، فعليك أن تقطعي هذا التواتر وتبتعدي عن هذه المعلمة، ولا تجلسي عندها طويلا، ولو استطعت أن تتحولي إلى فصل آخر لا تدرس فيه فذلك حسن، دون طبعا أن يشعر أحد، لكن كل ذلك من أجل أن تبتعدي عن رؤية هذه المعلمة والتأثر بها، وندعوك أن تكثري من التعوذ بالله من الشيطان، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعمر قلبك وقلوبنا بحبه، وحب العمل الذي يقربنا إلى حبه، وأن يلهمنا وإياك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مواد ذات صلة

الاستشارات