السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب في بداية الالتزام, عمري 25 عاما, وكل إخوتي من أبي فقط, وكلهم أكبر مني, أكبرهم من أم يعيش في مصر, وعمره 59 سنة, وأخوان وأخت من الأم الثانية, والأخوان أحدهما عمره 44 عاما, والآخر عمره 40 عاما، ويعيشون بالخارج.
أختي عمرها 49 سنة, وهي تصوم وتصلي, ولكنها تلبس لبسا متبرجا, وتضع العطور, وتتكلم مع زملائها من الرجال في العمل فيما يخص العمل فقط, ولكن عندما أقول لها لا تتعطري لا تسمع كلامي, وتقول لي: حسنا يا شيخ، وليس لك اختصاص بي، وتضعه من ورائي.
أنا وهي نعيش مع بعض في شقة واحدة بعد موت الوالد وأمي ووفاة والدتها أيضا - رحمهم الله – , فهل لي قوامة عليها؟ وهل أنا بهذا من الديوثين؟ وماذا أفعل؟
علما أنها أكبر مني بكثير، لا أعرف كيف أتعامل معها؛ لأني منذ صغري تربيت على الخوف منها؛ لأنها كانت تعاملني كأمي, فقد شاركت في تربيتي مع أمي؛ ولذلك لا أستطيع أن أفرض عليها رأيي, مع العلم أنها هي التي تصرف علي في المنزل؛ لأن معظم راتبي أقوم بادخاره لأتزوج.
وآسف للإطالة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
بداية نرحب بك في الموقع، ونشكر لك هذا الحرص على النصح، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يثبتك وأن يعينك على الخير، وأرجو أن تعلم أن كثيرا من الشباب في بداية التزامهم يشتدون على أهليهم، ومن هنا فنحن ندعوك إلى أن تعامل هذه الأخت برفق، وأن تقدرها وتحترمها، فهي الآن في مقام الأم، والإنسان إذا أراد أن ينصح لأمه فإنه يعاملها بمنتهى الهدوء، ويجتهد في إرضائها، ويتلطف في النصح لها وفي الاقتراب منها، وإذا وجدها غضبت فإنه يغير الكلام، ثم يعود ليواصل النصيحة مرة أخرى.
فنحن ندعوك إلى أن تتلطف بها غاية التلطف، وأن تجتهد في إدخال السرور عليها، خاصة وهي ولله الحمد تصوم وتصلي، وعندها الإشكال في التبرج، وكما قلت في الكلام، وحددت أنها تكلم زملائها في العمل فقط، ثم مسألة العطور التي هي تبعا لمسألة التبرج.
عليك بداية أن تشكرها على صلاتها وأن تشكرها على صيامها، وأن تشكر لها الإحسان الذي قامت به في تربيتك، والواجب الذي تؤديه تجاهك، تقدر لها هذا، ثم تقول (ما أحوج هذا الكمال وهذا الخير وهذه الصفات الجميلة عندك إلى حجاب يسترك) وتحاول أن تتلطف بها غاية التلطف.
ينبغي أن تشعر أنك بعد التزامك أرحم وأشفق وأحسن معاملة لها وليس العكس، وهذا ما نوجهه لكثير من شبابنا الملتزمين في بداية الطريق، ألا يكونوا مصدر إقلاق لأهلهم، وأن يتذكروا أنهم كانوا كذلك من قبل فمن الله عليهم، وأن يتذكروا أن الهداية تأتي بحسن المعاملة وحسن الملاطفة، وحسن تقدير المواقف واختيار الكلمات واختيار المدخل الحسن وانتقاء الأوقات الجميلة من أجل النصح، ولكن مع هذا فنحن ندعوك إلى مواصلة مشوار النصح، ولكن قبل ذلك قدم بين يدي كل ذلك صنوفا من البر والخدمة والحماية والحراسة والشفقة والعطف على هذه الأخت، فهي أكبر منك لكنك أنت الرجل، وأنت لا تسأل عن خطئها, ولكن يهمك صلاحها، فإذا أديت ما عليك فإن الهداية من الله تبارك وتعالى.
فاجتهد في التعامل مع الوضع بحكمة، ولا تيأس، فإن صلاحها سيكون -بإذن الله تعالى– حليفا لك، وإن لم يحصل فأنت مأجور، وأديت ما عليك طالما كنت مأمور بالنصح لها وإرشادها وتوجيهها بمثل هذه الأمور، ولست ديوثا وحاشاك، لأنك تشعر بضرورة صيانة الأعراض، وترفض ما يحصل من هذه الأخت.
ونسأل الله أن يزيدك حرصا وخيرا، وأن يعينك على الدخول إلى قلبها حتى تستمتع للهداية والخير، ونتمنى أن تجد لها أشرطة وتفتح قنوات طيبة –كقناة الناس والرحمة وغيرها– حتى تشاهد لترى أحكام هذا الشرع الحنيف، فهي أيضا ربما أيضا تراك أصغر منها، لكنها عندما تسمع من العلماء، وتسمع من الفضلاء والمختصين سيؤثر ذلك في نفسها ويكون سببا لهدايتها.
ونسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.