السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أعد أرغب في الحياة لأني لأول مرة أيأس بهذا الشكل رغم إيماني برحمة الله الواسعة، أشعر أني بلا هدف لدرجة حتى صلاتي أصبحت غير منتظمة، أعاني من ألم وكبت مما يجعلني أشعر بالوحدة، قلبي حزين جدا، لأول مرة في حياتي أشعر بأن الحياة والموت متساويان، كنت عندما أشعر بحزن أحاول أن أقاوم وأجاهد لكن الآن مللت، أنا مؤمنة بقضاء الله عز وجل لكن نفد صبري، خذلت من أقرب المقربين لي بسبب طيبة قلبي وإحساسي المرهف وثقتي الزائدة، السكر عندي على الحافة بسبب حالتي النفسية ورغم كل ذلك لا أحمي نفسي منه، أصبحت أتمنى المرض أو الموت -بشكل طبيعي وليس الانتحار-، لا أستطيع الذهاب لطبيب نفسي فلذلك أرجو مساعدتي، أريد أن أعيش بفرح وسعادة، أريد أن أرجع لصلاتي بشكل منتظم، لا أريد للحزن أن يسيطر علي لكن أشعر بأني لا أقوى على الفرح، وكيف أتعامل مع من خذلني وأنسى؟
ملاحظة: لم أجر تحليلا لفصيلة الدم لكن أتوقع أنها A+ لأن شقيقاتي لديهن هذه الفصيلة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ياسمين حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
حالات الكدر هذه قد تأتي للإنسان، والكدر والشعور بالكرب لا شك أنه يشل حياة الإنسان، لكن من أفضل السبل معالجته هو أن يسعى الإنسان بقوة وعزيمة ألا يقبل هذه الحالة المزاجية، وعدم قبولها يكون من خلال التفكر والتدقق والتأمل (لماذا أنا أفكر هكذا؟ لماذا مشاعري هكذا؟ لماذا لا أكون منشرحا مثل الآخرين؟)، وأن يحاول الإنسان أن ينزع السلبيات الفكرية التي تتكالب عليه، ويستبدلها بفكر إيجابي، هذا مهم جدا في علاج حالات الكدر من هذا النوع، يعني يجب ألا نقبل الاكتئاب والاستسلام له كأمر مسلم به، هذا يجب أن نحرص على ذلك، ومن خلال هذا النوع من التغيير المعرفي يستطيع الإنسان أن يخرج من هذه الحالات، هذا مهم وضروري جدا -أيتها الفاضلة الكريمة–، وأرجو أن يكون توجهك على هذا النسق وعلى هذا النمط.
الأمر الثاني: ضرورة تغيير نمط الحياة، أحيانا يلجأ الإنسان إلى رتابة شديدة جدا في حياته، وهذه الرتابة قد تسيطر عليه دون أن يشعر، لذا وجد علماء النفس أن حسن إدارة الوقت، وألا ينقاد الإنسان بمشاعره السلبية، إنما ينقاد بأفعاله وإنجازاته، هذا يفرج كثيرا من الحالات الاكتئابية، فاجعلي هذا منهجك -أيتها الفاضلة الكريمة-. التواصل الاجتماعي أيضا له قيمة كبيرة جدا، وأنت -إن شاء الله تعالى– تكونين حريصة على ذلك.
كنت أتمنى أن تستطيعي أن تقابلي طبيبا نفسيا، لكن ما دمت لا تستطيعين أقول لك: لا مانع من أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، وهي كثيرة وممتازة جدا، عقار سيرترالين، والذي يعرف باسم (زولفت) -وربما يكون له مسميات تجارية أخرى في فلسطين– سيكون مناسبا جدا لحالتك، والجرعة المطلوبة هي نصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجراما– يتم تناولها ليلا، وبعد أسبوعين ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة -خمسين مليجراما- تناوليها أيضا ليلا، وبعد شهر اجعلي الجرعة مائة مليجرام –أي حبتين ليلا، وهذه هي الجرعة العلاجية الصحيحة– واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعليها نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
هذا الدواء من الأدوية السليمة والفاعلة والممتازة وغير الإدمانية، -وإن شاء الله تعالى- سوف تحسين بتحسن كبير بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من بداية تناول الدواء، لأن البناء الكيميائي لهذه الأدوية يتطلب بعض الوقت، ولابد أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول العلاج، وأرجو ألا تتوقفي عنه بعد أن تحسين بالتحسن، هذا ضروري جدا، لأن المراحل العلاجية يجب أن تكتمل.
الفكر السلبي الخاص بالموت يجب أن يقاومه الإنسان، واستعيني بالله دائما في هذه الأمور، وأنت -إن شاء الله تعالى– على دراية وإدراك بذلك.
بالنسبة لفصيلة الدم، ليست ضرورية الآن، لكن أرجو أن تتأكدي من فصيلة دمك، لأنه ليس من الضروري أن تكون نفس فصيلة شقيقاتك، هذه المعلومة مهمة جدا، لا أريدك أن تكوني تحت انطباع أن فصيلة دمك هي (A+) دون أن يكون هنالك تأكيدا لذلك.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.