السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد سافر زوجي مذ نحو ستة أشهر تقريبا، وأنا أعيش في بيت عائلة يتكون من التالي:
الجد أبو الزوج وأم الزوج وأخو الزوج الكبير، وهو متزوج ولديه ولدان، واحد في الصف الأول الإعدادي الأزهري، والآخر في الصف الرابع الابتدائي، لدينا في البيت أيضا أخوه الأصغر منه، وهو متزوج لديه ولدان عمر أحدهما 3 سنوات، والآخر 5 شهور، وأنا معي بنت عمرها 5 سنوات، وولد عمره 3 سنوات، وقد تركني زوجي مع تلك العائلة ومع أطفالي الصغار وذهب في إعارة خارج البلاد.
منذ تلك المرحلة أصبحت شديدة العصبية، ليس على كل من حولي، بل حتى على أولادي الصغار، وأحيانا ألجأ إلى الضرب بقسوة، وأشعر بضيق في التنفس أحيانا، ولا أستطيع أن آخذ نفسي كاملا، وأنا بعيدة عن أبي وأمي قليلا، فهم في محافظة أخرى قريبة من المحافظة التي أعيش بها حاليا، ويزوروني بين الحين والآخر، وأنا أزورهم بين الحين والآخر، وأخشى على أطفالي مني ومن معاملتي القاسية!
لست كذلك من داخلي، وأتعجب على حالي هذا وأندم أحيانا لقسوتي عليهم، فهم في مرحلة البناء، وأخشى أن أهد مهم قبل أن أبنيهم، وأنا أتحمل مسؤولية ابن عم أولادي الذي يكون في الصف الرابع في مذاكرته ودروسه كاملة، وهو فهمه ضعيف للغاية وأبذل جهدا مضاعفا معه، وأحيانا أفقد سيطرتي وأتعصب عليه أيضا وأصاب بالصداع أحيانا ووجع فص عيني نتيجة لهذا الصداع، وبعدها أتعصب على أولادي نتيجة لكل هذا وأنا أصلى وأحافظ على صلاتي -الحمد لله- وأحاول أن أحفظ ابنتي القران الكريم، فأنا أريد أن أكون -بإذن الله أما صالحة وأدعو الله دوما أن يصلحني ويصلح نفسي.
أرجو العون والمساعدة والإفادة، أرجو الرد سريعا وادعو لي بالهداية والراحة، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يربط على قلبك، وأن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يمنحك الصبر والحلم والعفو وسعة الصدر، وأن يعينك على تربية أبنائك تربية طيبة، وأن يرد إليك زوجك سالما غانما إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإنه مما لا شك فيه أن غياب زوجك عنك له دوره الفاعل في هذه العصبية، لأن المرأة عندما يكون زوجها معها يكون بمثابة خط الدفاع الأول، وأنها تشعر بالأمن والأمان في وجوده معها، أما عندما يغيب عنها لسبب أو لآخر فإنها تشعر كما لو أنها عريانة، ليس لها سند، وتشعر بنوع من الانكسار ونوع من المهانة، لأنها تشعر بعزة وقوة عندما يكون زوجها معها، حتى وإن كان ضعيفا.
هذه العصبية التي تعانين منها هي رد فعل لغياب زوجك عنك خاصة بعد مرور ستة أشهر، ولعلك لم تتعودي غيابه عنك هذه الفترة. إضافة إلى ذلك هذا الجو الأسري الكبير، فأنت تتعاملين مع كتلة بشرية كبيرة ومتنوعة ومختلفة، وفوق ذلك أيضا هذا الطالب الذي تدرسينه ويضعف فهمه للغاية، هذا مما لا شك فيه يحرق أعصابك، وفوق ذلك أبناؤك أيضا فهم يتأثرون بالبيئة ويريدون أن يلعبوا كما يلعب غيرهم، ومن شأن المعلم دائما أنه يحرص على أبنائه حرصا يجعله يشدد عليهم وقد يلحق بهم ضررا بليغا، لأنه من شدة حرصه على أن يتميز أبناؤه دون مراعاته للفوارق الفردية ولما قدره الله لكل إنسان من الذكاء والفطنة والإدراك يؤدي ذلك إلى عصبية زائدة وإلى عقاب مستمر لأبنائه.
أرى أنك أخفقت – واسمحي لي أن أقول لك – في العملية التربوية لأبنائك، لأنك إذا كنت الآن قد وصلت لدرجة الضرب المؤلم لأبنائك ما الذي بعد ذلك؟ أعتقد أنك مثقفة وجامعية، ولعلك سمعت أن آخر وسيلة من وسائل التربية هي الضرب، وأنت الآن قد استعملته عدة مرات، فمعنى ذلك أنه لم يعد أمامك خيار آخر، إلا أن تغيري نفسك أنت.
أنت - أختي الكريمة الفاضلة – في أمس الحاجة إلى أن تغيري تفكيرك، وأن تغيري نفسك، لا بد أن تسيطري على عصبيتك هذه بأي وضع، وبالنسبة لأولادك: من الممكن أن تدخلي إلى الإنترنت وأن تكتبي (كيفية التعامل مع الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة)، وتعلمي واكتسبي مهارات، من خلالها تستطيعين أن تتعاملي مع أولادك بطريقة صحيحة.
لذلك أتمنى حتى تكوني مربية رائعة وناجحة وموفقة، أن تبحثي عن كيفية التعامل مع الأطفال في هذه المرحلة، وأنا واثق أنك ستكسبين مهارات رائعة، وستكونين أما ناجحة، لأنه ليس أمامك الآن مشروع إلا أولادك، زوجك الآن هو بعيد عنك، فإذن الوقت كله لك ولأبنائك، فإذن تستطيعين أن تجعلي هذا الوقت متعة، وتستطيعين أن تجعلي أبناءك يستمتعون بوجودك معهم، بل ولن يشعروا بغياب أبيهم عنهم.
أما عملية الضرب والتوبيخ والتأنيب الذي تفعلينه سيجعلهم يكرهونك رغم أنوفهم، وستتسرب الكراهية إلى نفوسهم رغما عنهم، لأن الإنسان يحب من يحسن إليه، وأنت الآن تسيئين إليهم.
أتمنى - بارك الله فيك – أن تغيري هذا السلوك تماما، وألا تستعملي يدك مطلقا، وإنما عليك باستعمال النظرات، وعليك باستعمال الإشارات واستعمال التهديد، أما الضرب فكأن لم يكن في حياتك إلا للضرورة القصوى، لأنك لو تعلمت المهارات التي ذكرتها لك الآن من أي موقع - بإذن الله تعالى – ستسعدين وتسعدين أبناءك معك، ولن تبذلي أي مجهود، ولن تأتيك العصبية هذه بعد ذلك.
أما بخصوص هذه الأشياء العضوية التي ذكرتها: فاحتمال أن يكون لديك شيء بدني، فأنصح أن تعرضي نفسك على اختصاصية حتى تعرفي سبب الصداع الشديد، كذلك أيضا ضعف البصر أو ألم العين، وغير ذلك، لاحتمال أن يكون هناك نقص في بعض الفيتامينات أو هرمون من الهرمونات أو شيء من هذا القبيل، تحتاج إلى علاج، ولا يصلح معها مجرد تغيير سلوكك، نعم أنت إن غيرت طريقة التعامل مع الأولاد فأنا واثق أنك ستستريحين جدا نفسيا، ولكن قد تستريحين بدنيا إذا عالجت هذه الأعراض البدنية الطبية التي نحن لا نعرفها.
أتمنى أن تكوني قدوة حسنة لأبنائك، وأن تصرفي نظرك تماما عن مسألة الضرب، وأن تعجلي العلاقة بينك وبين أبنائك علاقة رائعة وعلاقة جميلة، وعلاقة هادئة، وعلاقة سعيدة، حتى يسعد بك أبناؤك ويتعلقون بك، وتحققين ما تريدين.
أسأل الله أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يرد إليك زوجك سالما غانما، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.