السؤال
السلام عليكم.
أنا طالبة توجيهي في آخر سنة في المدرسة -الحمد لله- أموري جيدة، قمت برقية شرعية لكن أحيانا أحس بعدم رغبة في الدراسة، وأني أحسد نفسي ثم أقول: بسم الله، ما شاء الله.
مشكلتي أني أحببت الدكتور الذي كان يعالجني وتعلقت به لدرجة أني صرت أدعو أن أمرض حتى أراه، كان طيبا جدا، ومرة جئته لكن لعلاج ليس لي وكان يتأمل في، وأحسست أنه يحبني، وذهبت لعجوز صالحة وأخبرتني أنه يحبني لكنه لا يستطيع الكلام أو الإيحاء لي بذلك لأنه متزوج ولديه أبناء، في الوقت ذاته أرى أن مشاعري ليست حبا، لأنه عندما أجرى لي العملية كنت أتمنى أن يكون بقربي أحد، خاصة وأن أمي توفيت سنة 2004 -رحمة الله عليها- بعد مدة من العملية شعرت أني ارتحت قليلا من التفكير فيه لكني لازلت أحاول أن أنساه.
أهملت الدراسة من بدايتها لأن أختي أنجبت وتقضي الأربعين عندنا، وكنت أرجع من المدرسة وأخدمها، ثم أنجبت أختي الثانية بعد شهرين تقريبا، وكنت أرجع لبيتها لأعد الغداء وأنظف وغيرها، وعلاقتي بأختي هذه مضطربة، وكنت خلال الفصل الأول مكتئبة جدا وعلاقتي بوالدي سيئة، لكنها تحسنت خلال الإجازة، كنت أؤجل الدراسة لآخر شهرين من الفصل مع أني كنت الأولى وكان معدلي 97%، وعندي طموح لإكمال الدراسات العليا.
أحيانا أقلق من وزني وأني سمنت، لكن في الواقع أنا لست سمينة، وأحيانا أتخيل أن الناس يحسدونني أو أني أحسد نفسي، أتمنى حقا أن يساعدني أحد، أتمنى أن أستطيع التركيز في الدراسة فقط، خاصة وأنه لم يبق وقت، قمت بعمل جدول للدراسة لكني مثلما قلت أحيانا أحس بعدم رغبة للدراسة، وأخيرا ما عدد الساعات التي تنصحونني بتخصيصها للدراسة؟
أرجو لكم كل الخير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ asma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنهنئك على هذا التفوق الذي هو نعمة من الله تبارك وتعالى، وندعوك إلى التوجه إلى الله والإقبال عليه بطاعته، فإن الذي يعيد للنفس طمأنينتها وراحتها هو المواظبة على الذكر والطاعة، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
إذا كان العظيم سبحانه وتعالى قد وهبك القدرة على النجاح والتفوق فاحمديه أولا على هذه النعمة، واجعلي شكر هذه النعمة في الاشتغال بطاعته وبالتقرب إليه بكل عمل يرضيه، واعلمي أنه تبارك وتعالى يعطي عباده ويتفضل عليهم، وأن هذه النفس لا تأنس وترتاح إلا عندما تكون مع الله، بتوحيده وذكره وطاعته والسجود له والخضوع، والمؤمن إذا أحس بضيق عليه أن يلجأ إلى الصلاة، قال تعالى: {واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين}.
أما بالنسبة لذلك الطبيب فأرجو أن تصرفي النظر عن مثل تلك الوساوس، لأن تلك العلاقة لا يمكن أن تكتمل، وأرجو كذلك ألا تشغلي نفسك بهذه الأمور، لأنها ستشوش على دراستك، وانتظري حتى يأتيك ما قدره الله لك من الحلال، ومثلك تستحق شاب صالح عنده دين وأخلاق، يأتي لدارك من الباب ويقابل أهلك الأحباب، ولذلك لا تشغلي نفسك بمثل هذه الأمور، ولا تجري وراء السراب.
كذلك مما يعينك على النجاح في الدراسة: تنظيم جدول للمذاكرة، ونحن لا نريد أن نحدد ساعات، ولكن نريد أن نقول أنه لابد أن يأخذ الجسم حقه من الراحة والطعام، ولا بأس من شيء قليل من الترفيه، فاعملي لنفسك جدولا واحرصي فيه على التنويع بين هذه الأمور، ونوعي كذلك بين المواد الدراسية، ولا تجبري نفسك على المذاكرة إذا كنت متعبة، أو وصل بك الملل لدرجة كبيرة، عند ذلك حاولي تغيير مكان الدراسة، يعني من حين لآخر حاولي أن تتحركي كأن تقومي وتجلسي أثناء المذاكرة، كذلك حاولي دائما أن تلخصي المواد في شكل نقاط مهمة وأساسية حتى يعينك على الاستذكار، ولا تضعي لنفسك جدولا فوق الطاقة، بل ينبغي أن يكون معتدلا، وقطعا أنت الآن على أبواب المرحلة النهائية ولم يتبقى إلا أسابيع محدودة، ولذا المسألة تحتاج منك إلى شيء من الاجتهاد والتركيز.
إذا جاءتك وساوس بترك الدراسة أو نحوها فتعوذي بالله من الشيطان، ولا تنشغلي بالحاسدين لأنهم لا ينالون من الإنسان شيئا (قال: إني أحسدك؟ قال: ما نفعك الله بذلك ولا ضرني)، وإياك والغرور، فإذا كنت تشعرين بأنك متفوقة فتذكري أن الله هو الوهاب، وأنه وهبك وأعطاك هذه القدرة على الفهم، فاحمديه على ما أنت فيه من النعم.
واعلمي أن الإنسان حتى لو عاون الأخوات أو عاون أبناء الأخوات كالحالة التي عندك، فهذا كله -إن شاء الله- مزيد من التوفيق للإنسان، وهي تجارب مهمة في الحياة، وليست العبرة أن يكون الإنسان ليس له عمل، ولكن العبرة أن ينظم الإنسان وقته، وكثير ممن نجح كنا نجده مشغولا لكنه يرتب وقته، وهذا هو المعنى المهم، هذه المهام التي أحيانا تقومين بها تجاه أخواتك، اجعليها نوعا من الترفيه وتغيير الروتين لتعودي بعد ذلك وأنت مشتاقة لدراستك ولمواصلة المذاكرة.
نسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونعتقد أن مسيرة النجاح تبدأ باللجوء إلى الله، ثم بالمواظبة على طاعته، ثم بالحرص على بر الوالد وطلب الدعاء منه، ثم بتنظيم الوقت، ثم بالاعتدال في وضع الجدول، ثم بإعطاء الجسم حظه وحقه من الراحة والنوم، ثم بالانصراف عن المعاصي والأشياء التي تشوش على الإنسان، كما قال الشاعر:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي *** فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور*** ونور الله لا يعطى لعاصي
فاجتهدي في طاعة الله، وسلي الله المعونة والتأييد، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.