كيف أستطيع أن أجعل حياتي كلها عبادة لله من غير ملل؟

0 464

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي: بعد أن أملأ يومي كله بالمواظبة على الذكر، وأداء النوافل وغيرها من الطاعات أبقى الشهر والشهرين نشيطا متحمسا للطاعة وبعد قرابة الشهر أو الشهرين أبدأ الشعور بالملل، وعدم الرغبة بكثرة النوافل، فأشعر أن نفسي بحاجة إلى المتعة، وتفريغ الشحنات السلبية من القلب.

(وهذا الحال يعيد نفسه مرة أخرى)، فعندما أذكر السلف، وكيف كانت طاعاتهم وأن جميع حياتهم لله، أتمنى أن أسير على دربهم، فكيف أستطيع أن أجعل حياتي كلها عبادة لله من غير ملل؟ يقول الله تبارك تعالى: {ولا تنس نصيبك من الدنيا} ما هو نصيبي من الدنيا؟

انصحوني أكرمكم الله وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

مرحبا بك - أيها الولد الحبيب – في استشارات إسلام ويب.

نحن نشكر لك حرصك على الإكثار من طاعات الله تعالى، وهذا الحرص - بإذن الله تعالى – سيقودك إلى كل خير، فإن الناس منازلهم عند الله تعالى بقدر عباداتهم وطاعاتهم لله، والحرص على الإكثار من النوافل والقيام بها أعظم سبب يوصل الإنسان إلى محبة الله تعالى، كما قال تعالى في الحديث القدسي: (ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه) فأكثر - بارك الله فيك – من نوافل الطاعات واحرص على ذلك.

ولكن ينبغي لك أيضا في المقابل أن تطرد عن النفس السآمة والملل، وأن تتبع الأساليب الصحيحة لطرد هذه السآمة عن النفس، فإن القلوب إذا ملت كلت والعكس كذلك، فينبغي لك أن تطرد عنها الكلل والسآمة، ومن الأساليب النافعة في ذلك – أيها الحبيب –:

أولا: التنويع في العبادة، ومن رحمة الله تعالى بها أنه شرع لنا عبادات متنوعة، فهناك ذكر لله تعالى بالتسبيح والتهليل ونحو ذلك، وهناك قراءة القرآن، وهناك الاشتغال بنوافل الصلوات والصدقات والصيام والحج والعمرة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتعليم الجاهل ما نعلمه، وصلة الأرحام، وإعانة من يحتاج إلى إعانة بالأبدان، ونحو ذلك، فالطاعات كثيرة ومتنوعة -ولله الحمد-. فإذا انتقلت من طاعة إلى طاعة فإنك لن تجد ما يورثك السآمة.

الوسيلة الثانية لطرد السآمة والملل: أن تروح عن النفس في بعض الساعات، فإن لنفسك عليك حقا، فحاول أن تعطي هذه النفس حقوقها في اقتصاد وحسن تدبير، فأرح جسمك بعض الوقت، ناويا بهذا التقوي على الطاعات في الوقت الآخر، وبذلك تصير راحتك هذه عبادة لله تعالى، كما قال معاذ رضي الله عنه: (إني لأحتسب في نومتي ما أحتسب في قومتي) فيؤجر الإنسان على تناوله الشيء المباح من النوم أو الأكل أو الشرب أو الترويح عن النفس أو غير ذلك، يؤجر على ذلك ويصير ذلك في حقه عبادة إن كان يقصد به التقوي على طاعة الله تعالى.

ومن ذلك - أيها الحبيب – أيضا: أن تكثر من مجالسة الصالحين من العلماء وطلبة العلم والوعاظ الذين تنفعك مجالستهم وتحيي قلبك، ويطرد عنك الكثير من الملل بسبب هذه المجالسة.

وأما قول الباري سبحانه وتعالى: {ولا تنس نصيبك من الدنيا} حكاية عن وعظ قوم قارون لقارون، فالمعنى عند المفسرين وعند أكثرهم أنه يجوز لك أن تعطي نفسك حظها من المباح، فلا تحرمها ذلك، ولا تنس نصيبك منه من المآكل والمشارب والمراكب المباحة، فأعط نفسك حظها ما دام مباحا من غير إسراف ولا اشتغال به، فإذا نويت بذلك التقوي على الطاعة – كما قلنا ذلك من قبل – فإن ذلك سيصير عبادة تؤجر عليها.

نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك لكل خير.

مواد ذات صلة

الاستشارات