الشعور بالنقص وعدم الاهتمام دفعني للعلاقات عبر الإنترنت!

0 405

السؤال

السلام عليكم

أنا دائما أشعر بالنقص، لا أملك أصدقاء ولا أملك شخصا يهتم بي دائما، عائلتي يدفعونني لهذا الشعور، أقول دائما إن إخوتي أفضل مني، وليس لي حظ، وأرى ذلك بنفسي، أقصر كثيرا أمام ربي وأهملت الصلاة منذ منتصف السنة الماضية، حاولت أن أحافظ عليها لكن لا فائدة، أصابني التبلد، أتذكر الموت والآخرة ولكن لا فائدة، لا تقل أن ما أشعر به بسبب تقصيري بالصلوات فأنا أشعر بهذا الشعور من زمن بعيد.

دفعني الإهمال الذي أشعر به لتكوين علاقات مع أشخاص عبر الإنترنت، وعلمت أختي بهذا الشأن وأخبرت أمي، فصارت تنظر لي كأني فتاة قذرة، وأنا لم أكلمهم لسبب قذر، فقط لأجل الصداقة، والله يشهد أني أتكلم معهم كأصدقاء، قطعت علاقتي بهم وحاولت إصلاح غلطتي، لكن لا زالت نظرتهم لي سيئة، ودائما أي مشاكل تحصل في المنزل يلقون اللوم علي.

أرجو أن تساعدني فأنا أعاني كثيرا من الضغوط.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ملاك حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة-، ونشكر لك اختيار الموقع، ونحن في خدمة بناتنا، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد.

حق لك أن تثقي في نفسك وفي القدرات التي وهبك إياها الوهاب، واعلمي أن ثقة الإنسان في نفسه فرع من ثقته وإيمانه بالله تبارك وتعالى، وأنت -ولله الحمد- تملكين قدرات، والدليل على ذلك هي هذه الاستشارة المرتبة، التي تدل على نضج ووعي، فاحمدي الله على ما أولاك من النعم، وقابلي تلك النعم بشكر الله تبارك وتعالى، واعلمي أن من شكر النعمة العمل بطاعة الله تبارك وتعالى.

قالت أمنا عائشة: (إن أقل ما يجب على من أنعم الله عليه بنعمة ألا يستخدم نعمة الله في معاصيه)، فكم هي كثيرة النعم التي أنعم وتفضل بها علينا الوهاب سبحانه وتعالى! فما أحوجنا إلى أن نستخدم كل هذه النعم في نفع عباد الله وفي التقرب إلى الله تبارك وتعالى، واستخدام هذه الجوارح أيضا فيما يقربنا إلى الله تبارك وتعالى.

وإذا كان أهل البيت ابتعدوا عنك فاقتربي من الله أولا، واعلمي أن قلبك وقلوبهم بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وما حصل منك وشعرت الأسرة به فابتعدوا عنك وأصبحوا ينظرون إليك بهذه الطريقة، يحتاج منك إلى إظهار الجانب المشرق والعودة إلى الأسرة والاقتراب منها، وإظهار البر لها والإحسان، والحرص على كل أمر يرضيها، مع ضرورة أن تحشري نفسك في زمرة الصالحات، وأن تتقربي إلى رب الأرض والسماوات، لأن الله تبارك وتعالى إذا أعاد الإنسان إليه وتاب ورجع وأناب إلى الله تبارك وتعالى فإن الله تبارك وتعالى يرضى عنه، وإذا رضي الله عن الإنسان وقبله أمر جبريل أن ينادي في السماء (إن الله يحب فلانا فأحبوه) فيحبه أهل السماء، ثم يلقى ويوضع له القبول في الأرض.

ولذلك أرجو أن تعلمي أن نيل رضا الناس ومحاولة إرضاء الناس قد تكون غاية لا تدرك، لكن العاقلة ترضي الله، فإذا رضي الله على الإنسان أرضى الناس عنه.

احرصي على طي تلك الصفحة، فإن الوالدة إذا غضبت أو لم تغضب، فتلك الوسيلة، وذلك التواصل من الخطورة بمكان، وفيه مخالفة لربنا تبارك وتعالى، فاختاري طريق التوبة والعودة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وأثبتي لوالدتك بفعالك من صلاتك، وإقبالك على الله تعالى أنك لست كما تظنين، وبيني لها أن تلك الصفحة السوداء قد تغيرت، وأرجو أن يكون للأخت التي نقلت هذه النميمة دور في نقل الجانب المشرق، اقتربي من أخواتك والوالدة، ولا تعزلي نفسك بهذا السياج الوهمي، مثل أن بعض الناس لا يحبونني، وأن الناس ابتعدوا عني –وكذا– فيحاصر الإنسان نفسه ويسجن هذه النفس ويبتعد عنه الآخرين.

وأرجو أن يكون لك دور إيجابي في المنزل؛ احرصي على أن تتعاوني معهم، وتكوني الأفضل دائما، واحتملي ما يصدر منهم، وحاولي دائما أن تقابلي إساءتهم بالإحسان، المؤمن إذا عامل الناس معاملة حسنة فإنه يسعد ويرضى عن نفسه، فعند ذلك ترتفع عنده معاني الطمأنينة والراحة والثقة، هذه المعاني التي نبحث عنها لا يمكن أن توجد إلا في رحاب هذه المعاني العظيمة.

وتذكر الموت والآخرة ظاهرة صحية، ولكن ماذا بعد؟ هي ظاهرة صحية للمؤمن، لأنها تدفعه للمزيد من العودة والرجوع والإنابة والإقبال على الله تبارك وتعالى وزيادة في الطاعات والإخبات، وهي ظاهرة مدمرة للكافر والعاصي، لأنه يصاب بالإحباط ويصاب بالإعياء، فكوني أنت ممن تتذكر الموت فتخبت لله، قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}.

والرسول -عليه الصلاة والسلام– أمرنا أن نكثر من ذكر هادم اللذات، والإنسان إذا تذكر لحظة الانتقال أدرك أن الدنيا ممر، وأن الآخرة هي دار القرار، وأدرك أن عليه أن يصلح ما عنده من أخطاء ونقائص، وتذكر الموت بهذا المعنى يعتبر ظاهرة صحية، وهي مطلوبة منك ومن غيرك، فحاولي دائما أن تنظري للجانب الإيجابي وأقبلي على الله تبارك وتعالى، ولا تظني أن ما حصل وما اكتشفوه عنك والصورة التي أخذوها عنك هي نهاية المطاف، بل الإنسان يستطيع أن يغير نظرة الناس إليه ويغير نظرته إلى نفسه، وأقصر طريق إلى ذلك هو طريق العودة والأوبة والرجوع إلى الله تبارك وتعالى.

نسأل الله تبارك وتعالى لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات