حسن الظن بالله وكيفية تحقيقه

0 361

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ما المقصود بحسن الظن بالله؟ أن الله سيعطيني خيرا لو ظننت أن القادم خير، وسيعطيني شرا لو ظننت أن القادم شر؟ أم المقصود أن أي شيء من عند الله خير حتى لو لم يعجبني؟ وكيف أحقق حسن الظن بالله؟

جزاكم الله عنا خيرا كثيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك -ابنتنا الفاضلة– هذا التواصل المستمر مع موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يعيننا على بذل الخير لإخواننا وأخواتنا وأبنائنا وبناتنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وقد أعجبني وأسعدني هذا السؤال، وحسن الظن بالله تبارك وتعالى هو سمت المؤمن الذي يفعل الأسباب ثم يحسن الظن بالله تبارك وتعالى، يحسن عمله ثم يحسن الظن لينال القبول عند الله تبارك وتعالى، وكما قال الحسن البصري عن بعض الناس يقعد عن الطاعات ويقول أنا أحسن الظن بالله، قال: (كذبوا والله، لو أحسنوا الظن بالله لأحسنوا العمل) فالذي يحسن الظن بالله هو الذي يفعل الأسباب ثم يتوكل على الوهاب، والذي يرفع أكف الضراعة ثم ينتظر ويوقن بالإجابة من الله تبارك وتعالى، وعجبا لأمر المؤمن –والمؤمنة– إن أمره له كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم– إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له أو أصابته ضراء صبر فكان خيرا له.

والناس –ابنتي الفاضلة– أمام البلاء ثلاث طوائف: طائفة كانت على الخير فنزل البلاء فارتفعت عند الله الدرجات، ونالت بصبرها منازل ما كانت لتنالها إلا بالصبر على البلاء، فثواب الصبر مفتوح {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} وطائفة كانت غافلة ولاهية لكن البلاء ردهم إلى الله {فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا} {أخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون} {لعلهم يرجعون} هذه الطائفة أيضا على خير، لأنها انتبهت فعادت وأنابت ورجعت إلى الله وصححت مسيرها إلى الله تبارك وتعالى.

أما الطائفة الثالثة –عياذا بالله– فهي الطائفة التي على غفلات وشر، ونزل البلاء فلم تتعظ، ولم ترتدع، ولم تفهم المواعظ المرسلة من الله تبارك وتعالى، والسعيد من وعظ بغيره، والشقي في الناس من جعله الله عبرة وعظة لغيره.

ولذلك نحن أمام البلاء ينبغي أن ننظر أولا من أن الخير قد يكون فيه {فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}، {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم}.

الجانب الثاني: لا بد أن نوقن أن الخير يأتي أحيانا في صورة بلاء، فكم من محنة كانت في باطنها منحة وهدية وعطية من العظيم تبارك وتعالى، كذلك ينبغي أن نعلن رضانا بقضاء الله تعالى وقدره، والمؤمنة توقن أنها أمة لله، وأن فلاحها في أن تكون في طاعة ربها ومولاها، وتوقن أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث في كون الله إلا ما أراده الله، فسبحان من لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون.

إذن –يا ابنتي الفاضلة– ينبغي أن يرضى الإنسان بقضاء الله تعالى وقدره، ويفعل الأسباب، ويحسن الظن بالله، ويتفاءل بالحسن ليجده، الإنسان إذا تفاءل بالخير جاءه الخير، والنبي -عليه الصلاة والسلام– دخل على رجل محموم يشتد عليه حر الجسد، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (طهور إن شاء الله) لكن الرجل كان متشائما، فقال: بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال النبي: (فنعم إذا).

فالإنسان ينبغي أن يحسن الظن بالله تبارك وتعالى، والله عند حسن ظن عبده به، (فليظن عبدي بي ما شاء) كما جاء في الحديث القدسي، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يعيذنا من شرور أنفسنا، ونشكر لك هذا السؤال، ونسأل الله لك التوفيق والسداد والثبات والرضا بقضاء الله وقدره، ونشكر لك هذا التواصل المستمر.

مواد ذات صلة

الاستشارات