السؤال
ما هو سبب الوسواس القهري؟ فأنا أعاني من وسواس قهري في الأمور المالية، بحيث أنني أنسى أحيانا أنني قمت بدفع مبلغ معين لشخص ما, والذي يزيد من حدة المشكلة أنني عندما أساله يجيب: إما بالنفي, أو بأنه لا يعلم, فادخل في حالة وسواس قهري شديدة.
هذه كانت بداية للحالة التي وصلت إليها حاليا, حيث اضطررت وبناء على ذلك أن أعود إلى جميع الكشوف التي تتعلق بالنواحي المالية؛ مما ترتب علي عبئا ماليا مدفوعا بوسواس يقول لي: ادفع ما عليك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هيثم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالوسواس القهري ليس له سبب معروف، لكن هنالك بعض المؤشرات التي قد تكون مهمة، فالوساوس القهرية قد تلعب الأمور الوراثية فيها دورا، لا نقول أبدا: أنها الوراثة المباشرة, أو لجين معين بذاته، إنما هي استعدادات للوساوس؛ وهي التي تورث من خلال جينات صغيرة, وهذه نظرية.
النظرية الثانية هي: البناء النفسي للشخصية، فهنالك شخصيات تتطبع وتنشأ على أن تكون مدققة ووسواسية ومتشككة، وهذا قد ينتج عنه الوسواس القهري.
النظرية الثالثة: يرى علماء التحليل أن الرقابة الصارمة في فترة الطفولة المبكرة من جانب الأم, والانضباط الشديد في توجيه الطفل خاصة في موضوع التحكم في مخارجه, وفي البول من سن مبكرة، هذا أيضا قد يدفع نحو الوساوس.
النظرية الرابعة: هي النظرية الكيميائية والبيولوجية وهي نظرية معتبرة جدا، والتي توضح أن الذين يصابون بالوسواس القهري لديهم تغيرات في كيمياء الدماغ، تختص ببعض الموصلات العصبية، وعلى وجه الخصوص مادة الـ(سيروتونين) لكن هذه التغيرات لا تعرف هل هي سبب, أم هي ناتجة من الوساوس نفسها؟ لكن هذه النظرية نظرية معتبرة جدا.
هنالك نظريات أخرى تتحدث عن إصابات فيروسية مبكرة، وهنالك الحديث أيضا عن الصعوبات في أثناء الولادة، لكن هذه كلها -حقيقة- ليست ذات بال.
الوساوس يمكن أن تعالج –وهذا هو المهم- أنت لديك بعض الترددات الوسواسية، وأنا أقول لك: حاول أن تحقر هذه الفكرة، ولا مانع أن تتناول دواء يساعدك، حيث إنه في مثل هذا العمر يعتبر الدواء ضروريا؛ لأن الوساوس بعد عمر الثلاثين غالبا تكون مصحوبة بشيء من عسر المزاج، وعسر المزاج يزيد منها، وهكذا يكون الإنسان في حلقة مفرغة، فإن تمكنت أن تذهب إلى طبيب نفسي فهذا جيد، وإن لم تتمكن أعتقد أنه يمكنك أن تتناول أحد الأدوية السليمة والجيدة, مثل: عقار (بروزاك) والذي يعرف علميا باسم (فلوكستين), والجرعة هي: كبسولة واحدة في اليوم بعد الأكل لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
أنصحك أيضا بممارسة الرياضة -خاصة رياضة المشي- وأن تدير وقتك بصورة صحيحة؛ لأن الفراغ –حقيقة- هو دعوة صريحة للوساوس لتأتي للإنسان، والمهم جدا هو: أن تحقر هذه الوساوس، وتتجاهلها، وكما ذكرت لك الدواء سوف يفيدك كثيرا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.