السؤال
السلام عليكم.
أنا أعاني من الوسواس من خمس سنوات، بدايتها في الله جل وعلا، ومن ثم تنوعت هذه الوساوس، لكن استطعت تحملها ومقاومتها.
الآن بعد تخرجي من الجامعة رجعت لي الوساوس في الله جل وعلا، ولكنها أشد وأقبح، حيث استرسلت مع هذه الوساوس؛ حيث لا أستطيع أن أصف لكم هذه الوساوس -لأني أقسم بالله إني أخجل ثم أخجل من ذكرها- لكن إذا راودتني هذه الوساوس أقول في نفسي: لن أسترسل معها، لكن للأسف لا أجد نفسي إلا وأنا خاضعة لها، ثم أنتبه لنفسي، وأبكي وأذهب لأصلي طالبة من الله عز وجل المغفرة لي.
الآن لم أعد أفرق؛ هل التخيلات القبيحة من آثار الوسواس أم أنه فعلا مني؟ فهل أستحق الغفران من الله عز وجل بأنه سيغفر لي، لأني خضعت لتلك التخيلات القبيحة أم إن الله عز وجل غضب علي؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يشفيك، ويطرد عنك هذه الوساوس وشرورها.
نحن نطمئنك أولا - ابنتنا الكريمة – ونبشرك بأنك على الإيمان والإسلام - إن شاء الله تعالى – نسأل الله أن يثبتنا وإياك على هذا الدين حتى نلقاه.
خوفك من هذه الوساوس ونفورك منها، وخشيتك من الله تعالى وحياؤك منه، كل ذلك يدل على وجود الإيمان في قلبك، فإن الانزعاج من هذه الوسواس والخوف منها إنما ينشأ عن وجود ما يخالف هذه الوسواس، ويناقضها في القلب، وقد اشتكى بعض الصحابة رضي الله عنهم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم – شكوى قريبة من هذه، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (ذاك صريح الإيمان) فجعل - عليه الصلاة والسلام – خوفهم من الوسوسة وكراهتهم لها وتفضيل الواحد منهم أن يحرق بالنار حتى يصير حممة على أن يتكلم بما يجده في صدره، جعل حالتهم تلك دليلا على وجود الإيمان في القلب، ونحن نرجو الله تعالى أن تكوني كذلك.
ما تجدينه من هذه الوساوس إنما هو من كيد الشيطان ومكره، يريد أن يظفر بك في أي جانب كان، فإما أن تصدقي هذه الوساوس وتطمئني إليها فيظفر بالمقصود الأعظم، وإما أن تبقي في همومك وغمومك، وهذا أيضا ما يتمناه هو، فإن الله تعالى قال عنه: {إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا} فمن مقاصده العظيمة إدخال الحزن على قلب المؤمن والمؤمنة، حتى لا يستأنس هذا المؤمن بطاعة الله تعالى ومناجاته.
لذا فالعلاج - أيتها البنت الكريمة – والدواء الذي لا دواء مثله إن كنت جادة في تخليص نفسك من الأكدار التي تورثها هذه الوساوس، الدواء الحقيقي هو ما أرشد إليه النبي - صلى الله عليه وسلم – حين قال: (فليستعذ بالله ولينته) فهذان دواءان نافعان - بإذن الله تعالى – وهما من مشكاة النبوة.
الدواء الأول: الاستعاذة بالله، فكلما عرض لك شيء من هذه الوسواس استعيذي بالله سبحانه وتعالى، دون إمهال، ودون استرسال مع تلك الوساوس.
الدواء الثاني: قال عنه - عليه الصلاة والسلام – (ولينته) أي وليصرف نفسه عن التفكر في هذه الوسواس، ونحن على ثقة تامة من أنك إذا سلكت هذا الطريق ستذهب عنك هذه الوسوسة - بإذن الله تعالى – عاجلا غير آجل.
اعلمي أنك لا تزالين على ما تحبين من رضا الله سبحانه وتعالى، وأن الله سبحانه وتعالى رحيم بهذا العبد، فاتح أمامه أبواب مرضاته لا يغلقها، فسارعي إلى مرضاة الله تعالى بسلوك الطريق الصحيح الذي يحبه الله، وهو الابتعاد عن وسوسة الشيطان، ومجاهدة النفس للتخلص منها، وأنت مثابة على ذلك كله.
نسأل الله تعالى لك التوفيق.