قررت الرجوع إلى بلدي بسبب خلافات أمي وزوجتي.. فما توجيهكم؟

0 286

السؤال

السلام عليكم..

أنا مغترب أعمل في دولة عربية، تزوجت منذ سنة و3 اشهر تقريبا, زوجتي طيبة، وأهلها طيبون، مكثت معها شهرين قبل أن أتركها، وأعود إلى عملي على وعد بأن ييسر الله الحال، وأقوم باستقدامها لتعيش معي، ولكن الله لم ييسر ذلك. والدتي عصبية جدا، ومن أقل شيء (يمكن أن تقيم الدنيا ولا تقعدها) ولك أن تتصور كم المشاكل التي لا نهاية لها.

وأنا أعاني في عملي، وفي غربتي، وكثرة المشاكل رغم بعدي عنها، إلا أن ذلك أصابني بالتوتر والعصبية التي انعكست على كل شيء في حياتي, لا أعرف أن أرضي من وأنصر من على من, أحاول أن أطيب خاطر أمي، وأهدئ زوجتي، ولكن طفح الكيل حتى أنني قررت أن أترك عملي، وأعود لمصر لأري الأمور على واقعها, كل ما أخشاه أن أعق والدتي، خصوصا أنها عصبية، وكثيرا ما تخرجنا عن شعورنا بسبب مشاكلها.

كذلك أخاف أن أظلم زوجتي، فهي -جزاها الله خيرا- على صبرها، ولكن يخرج منها في بعض الأوقات ما يثير المشاكل أيضا.

أفيدوني أفادكم الله فالمشاكل كثيرة، وأنا أحاول ولكن لا طاقة لي بذلك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ هاني حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك أيها الابن الكريم، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يغفر ذنبنا وذنبك، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، والسؤال، فإنما شفاء العي السؤال، وقد أسعدني وأعجبني ختام هذه الاستشارة بلا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها استعانة وذكر، ونسأل الله أن يسهل أمرك، وأن يلهمك السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

ليس هنالك داع للرجوع إلى مصر، وما يحدث بين النساء أمر طبيعي، والنساء دائما يضخمن الكلام حول هذه المسائل، فلا تعط الموضوع أكبر من حجمه، واجتهد في أن تعرف لزوجتك قدرها، واطلب منها أن تحترم الوالدة فهي الأكبر، وهي في مقام الأم، ومثلما يقول أهلنا المصريون: (من أجل عين تكرم ألف عين)، فلتكرمك وتحترمك بصبرها على هذه الأم، وإذا وجدت منك التأييد، وشعرت أنك تقدر صبرها وإحسانها ومجهودها في خدمة الوالدة، فإنها ستنسى كل المتاعب، وستنسى كل الصعاب، ولا تظن أن ذهابك وجلوسك بينهم سيخفف من المشكلات، بل ستزداد الأمور تعقيدا، وستجد نفسك أمام خيارات صعبة جدا.

وإذا كانت الوالدة عصبية، وبهذه الطريقة، فالجميع مطالب أن ينحني أمام العاصفة، وأن يتجنب ما يثير عصبيتها وغضبها، وأن نستمع بأذن ونفوت ونجبر خاطرها ونقول (خاطرك طيب، أنت والدة عزيزة، ماذا تريدين؟ ما تأمرين به سوف يكون) وبعد ذلك تفعلون ما يرضي الله، تفعلون ما تستطيعون فعله، فإن الله العظيم هو القائل: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

إذن هذه مسألة ينبغي أن تأخذها بمنتهى الهدوء، ولا تحاول تصعيد المشاكل، واجتهد في دعوة زوجتك إلى الصبر، قل لها (إن شاء الله سآتي وأعوضك، وأنا مقدر هذا الصبر، مقدر هذا الاحتمال) ثم قل للوالدة (أنا وزوجتي وكلنا في خدمتك، فأنت والدة عزيزة، والله يطيل لنا في عمرك، ويبارك لنا في أيامك، ونحن ننتفع من خبراتك)، وتحاول أيضا أن تتجنب وتباعد بينهما، وتعرف أسباب الاحتكاك لتتفاداها، إذا كانت الاحتكاكات في الأموال ينبغي أن تكون واضحا في صرفها، إذا كانت الاحتكاكات في المطبخ والطعام فينبغي أن ترتب لهم هذه الأمور، إذا كانت الاحتكاكات بفعل نمامين ونمامات فعليهم أن يحذروا من هؤلاء الشياطين، المهم معرفة سبب هذه الاحتكاكات مما يعينك على المعالجة، ومما يعينك على احتمال واحتواء الوضع.

ونتمنى ألا تتوتر وتعطي الموضوع أكبر من حجمه، ونريد أن نقول: كثير من المشاكل بين النساء تحل وحدها إذا تركنا النساء مع النساء، واطلب من زوجتك أن تنتبه لكلماتها، وأن تنتبه لردودها على الوالدة، وقل لها (أنا مقدر وأعرف والدتي، ونسأل الله أن يعينك على الصبر، وأنا فخور بصبرك وبحكمتك في التعامل مع أمي) يعني نحو هذا الكلام الجميل الذي يكون له آثار كبيرة على نفس هذه الزوجة.

وقد أعجبني أيضا أنك لا تريد أن تعق الوالدة، ولا تريد أن تظلم الزوجة، وهذا هو التوازن الذي يقيمه هذا الشرع الحنيف، فيخطئ من يقصر في حق الأم، ويخطئ من يظلم الزوجة، والذي أمرك بالإحسان إلى الأم وبرها هو الذي أمرك بعدم ظلم الزوجة.

نسأل الله أن يوفقك ويسددك، وأن يلهمك السداد والرشاد، ولا تعط الأمور أكبر من حجمها، واترك الأمور تمضي هكذا، فإن النساء يعرفن كيف تكون المعالجة للإشكالات الحاصلة، وكن حكيما ناضجا، ولا تتدخل بطريقة سالبة مع أي طرف، ولكن من حقك ويجب عليك وعلى زوجتك أن تحترما الوالدة، فهي المقدمة في الطاعة لكبر سنها، ولفضلها عليك وعليها، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات