السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعرفت على فتاة على قدر عال من الأخلاق، وكانت سببا بعد الله في تغيير كثير من أمور سلبية في حياتي، وتخلصت منها -والحمد لله- وبعد فترة من التحادث أحببتها، وأريدها زوجة لي، ولكني أحسست أن الله أحق بوقتي معها، وأن حبه هو ما يدوم ويبقى، فتوكلت على الله ولم أعد أكلمها وتركتها لله، ولكني طلبت من الله أن يحفظها لي، وأن تكون زوجتي، فهل يستجيب الله لي؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ طارق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
نرحب بك -أيها الابن الكريم- في الموقع، ونشكر لك التواصل، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونشكر لك هذه المشاعر النبيلة والضمير الحي الذي دفعك للتوقف عن السير في هذا الطريق الذي لا يرضي الله، ومهما كانت الفتاة على الأخلاق، فإن الطريقة التي كنتم تسيرون عليها لم تكن صحيحة، ونسأل الله أن يحفظها لك، وأن يجعلها من نصيبك، وأن يعينك على المجيء للبيوت من أبوابها، وأرجو أن تكتموا هذه العلاقة التي حصلت بينكم، ولا تعلنوا هذا الذي كان بينكم لأحد، حتى لا يساء بكم الظن.
ولا يخفى عليك أن الإنسان إذا وجد في نفسه ميلا إلى فتاة، فإن أول الخطوات التي ينبغي أن يقوم بها هو أن يطرق باب أهلها، فإذا تأكد من قبولهم وموافقتهم، بعد ذلك يبني عليها الخطوات الأخرى، لكن أن تتمدد العلاقة في الخفاء فهذا غير صحيح، فمهما كانت الأخلاق، ومهما كانت المكالمات نظيفة، إلا أن الطريق غير صحيح، والغاية عندنا لا تبرر الوسيلة، فلا بد أن تكون الوسيلة مشروعة والغاية مشروعة.
والإسلام لا يمنع الإنسان من التعرف على فتاة، لكنه يريد أن يكون ذلك التعارف وذلك التواصل معلنا وبعلم أهله وأهلها وتحت ضوء الشمس، وأن يكون هدف هذا التواصل والتعارف هو الزواج فعلا، ولا يمكن أن نتأكد من إمكانية الزواج إلا بعد الوصول إلى أهل الفتاة، والتعرف عليهم.
ولذلك نحن نتمنى من كل شاب -وحتى أنت في هذه الحالة- نتمنى بعد أن عرفت هذه الفتاة أن تتوب إلى الله مما حصل، ثم بعد ذلك تتقدم لتطرق باب أهلها، وتطلب يدها رسميا على كتاب الله وعلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم– إن كان ذلك ممكنا وتقدمت، ونفضل أن تأخذ معك أفرادا من أسرتك من الوجهاء ليكونوا معك، لأن الزواج ليس بين شاب وفتاة، وإنما بين أسرة وأسرة، وهو رباط كبير، وقد يكون بين قبيلة وقبيلة في بعض الأحيان.
فإذا جئت بأهلك وقابلوا أهلها وقابلتهم وارتحتم إليهم وارتاحوا إليكم وحصل الوفاق والاتفاق، فعندها نقول: (لم ير للمتحابين مثل النكاح) وعندها نستطيع أن نقول: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف وما تنكر منها اختلف).
أما إن كنت غير مستعد لهذه الخطوة، أو ليس بالإمكان القيام بهذه الخطوة، فليس لك من سبيل إليها، وقد توقفت العلاقة، وهذا عمل إيجابي، ولكن هذا التوقف وهذا الذي حصل من مخالفات لا يمنع من حصول الصواب بعد التوبة إلى ربنا التواب، الذي ما سمى نفسه توابا إلا ليتوب علينا، بل ستزداد منزلتك عند الفتاة عندما تتوقف لأجل الله، وعندما تتوقف رغبة في حب الله، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا، فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك وإياها على الخير، وأن يستخدم الجميع في طاعته.
ولا مانع من الاستمرار في الدعاء لها بالثبات والخير، ولكن لا ينبغي التواصل إلا بعد أن تصححوا الطريقة، إذا كانت رغبتك في الزواج منها، أما إذا كانت ليست لك رغبة أو سيحال بينك وبينها أو الوصول إليها مستحيل أو شبه مستحيل فندعوك إلى أن تصرف النظر، وتعمر قلبك بحب الله تبارك وتعالى، ونقترح عليك أن تبحث عن بديل مناسب، وتبدأ معها علاقة صحيحة، إذا لم يكن ذلك متيسرا، يعني أقصد الزواج من هذه الفتاة.
ولا مانع من أن تدعو الله بأن يبقيها لك، أو أن يحفظها لك، أو أن يجعلها من نصيبك، هذا كله لا مانع فيه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يقدر لك ولها الخير حيث كان ثم يرضيكما به، نسأل الله لك التوفيق والسداد.