السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حياكم الله إخواني الكرام القائمين على هذا الموقع الممتاز، وجزاكم الله عنا خير الجزاء على ما تقدمون من جهد.
تحياتي للدكتور محمد عبد العليم، ودائما إلى الأمام -إن شاء الله-.
استشارتي تتعلق بابن أختي، وهو يبلغ من العمر اثنتي عشرة سنة، ويشكو دائما من ضعف التركيز، وعدم القدرة على مراجعة الدروس بشكل جيد، مع الشرود الذهني، خاصة أثناء الدروس، مع القيام بباقي الواجبات الحياتية بشكل طبيعي كأي طفل, وعدم ظهور أعراض مرضية أخرى، قمنا بعرضه على متخصص، وكان التشخيص أنه اكتئاب أطفال.
علما بأن هناك أكثر من حالة اكتئاب في الأسرة، ووصف له الطبيب بروزاك 20 مجم قرصا واحدا يوميا، فهل هذا التشخيص صحيح؟ وإن كان صحيحا فما العلاج المناسب لحالته؟ وإن لم يكن التشخيص سليما، فما تشخيصكم للحالة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنحن سعداء بتواصلك معنا وبثقتك في هذا الموقع، ونسأل الله تعالى أن ينفع بنا جميعا.
ابن أختك هذا نسأل الله تعالى له العافية والصحة، وأن يكون من الصالحين الناجحين.
ضعف التركيز لدى الأطفال في الطفولة المبكرة أو الطفولة المتأخرة له أسباب، بالطبع من الأسباب الرئيسية هو أن تكون المقدرات المعرفية للطفل – أي مستوى الذكاء – أصلا لديه منخفض، لكن لا أعتقد أن هذا ينطبق على هذا الطفل.
السبب الثاني هو أن يكون الطفل مرتبطا بالألعاب والأشياء غير الملزمة له في الحياة بشكل مستمر؛ ولذا حين نطلب منه القيام بأي أمور جادة كمراجعة الدروس مثلا تجده ينفر وتركيزه يضعف.
السبب الثالث: هو أن بعض الأطفال كما تعلم لديهم متلازمة مرضية تعرف بمتلازمة (فرط الحركة، وضعف التركيز) وقد لا تكون الحركة زائدة، قد يكون الأمر منحصرا فقط في ضعف التركيز.
أما السبب الرابع فهو: الاكتئاب النفسي لدى الأطفال، وحقيقة أصبح الاكتئاب النفسي أمرا مزعجا لدى الأطفال، كنا لا نشاهد هذه الحالات، لكن خلال العشر سنوات الأخيرة اتضح تماما أن الاكتئاب لدى الأطفال هو تشخيص نفسي حقيقي، وأصبح الآن هنالك مختصون في الطب النفسي للأطفال يركزون على علاج هذه الحالات بصورة ممتازة ومتأنية جدا.
هذا الطفل – حفظه الله – لديه إشكالية حول الدروس، ولكن كما ذكرت وتكرمت في رسالتك أنه يعيش حياته الأخرى في مناحيها المختلفة بشكل طبيعي.
أعتقد أن هذا الطفل ربما يكون له أو لديه شيء من النفور حول الدروس والمذاكرة، لذا لا بد أن نبحث في الطرق التي تحببه نحو دراسته، وأكثر شيء يحبب الطفل في الدراسة هو أن تنظم له وقته، وأن تجعله يستمتع باللعب وبالراحة، ويجلس للكمبيوتر، تخصص له أوقاتا، وبعد ذلك تخصص له وقتا للدراسة أو تخصص له وقتا للدراسة أولا، ثم بعد ذلك تطلب منه أن يذهب، وأن يلعب وأن يقوم بكل الأشياء التي يستمتع بها، هذا مدخل جيد، نحن كثيرا ما نلح على أطفالنا في موضوع المذاكرة والدراسة، وننسى حاجاتهم الأخرى، لهم حاجات نفسية ووجدانية لا بد أن توفر للطفل، فهذا أمر أعتقد أنه يجب أن يعطى أهمية خاصة.
هذا الطفل حتى وإن كان مصابا باكتئاب نفسي حقيقي إلا أن هذا المنهج سوف يفيده كثيرا.
الأمر الآخر هو: أن نشعر هذا الطفل بأنه محبوب، بأنه مقدر داخل الأسرة، وأن نعطيه فرصة أن يلعب مع أقرانه، خاصة مع الأطفال المؤتمنين، هذا يعطيه حيزا كبيرا جدا من المتعة، وهذا قطعا سوف يحسن تركيزه كثيرا.
بالنسبة لموضوع البروزاك: البروزاك يعتبر من الأدوية السليمة جدا لعلاج الاكتئاب النفسي لدى الأطفال، والشيء المتفق عليه الآن أن الأطفال من عمر ست أو سبع سنوات يمكن أن يتناولون البروزاك، لكن يفضل أن يكون ذلك تحت إشراف طبيب مختص، وأنتم -الحمد لله تعالى- أقدمتم على هذه الخطوة.
فأنا (حقيقة) أوافق تماما على منهج الأخ الطبيب من حيث التشخيص، ومن حيث طريقة العلاج، وأرجو فقط أن يتم التركيز على المناهج السلوكية التي تحدثنا عنها باختصار.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله له العافية والتوفيق والسداد.