أعاني من الغضب الشديد.. فهل هو بسبب عملي؟

0 344

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

عملت في مركز لخدمة العملاء (الكول سنتر) في إحدى شركات خدمات الإنترنت لمدة خمس سنين، وكنت أقوم بمساعدة العملاء في صيانة خطوط الإنترنت الخاصة بهم عن طريق الهاتف، فكنت ألبس سماعة على أذني اليمنى لمدة عشر ساعات يوميا، وكنت أعمل قرابة 16 يوما في الشهر، وفي آخر سنة شعرت بآلام في أذني اليمنى تظهر في شكل ضربات، كما كنت أشعر بوخز الدبوس في أذني، وكنت أقوم بفرك أذني من وقت لآخر، وعندما ذهبت للطبيب قال لي: إن أذني فقط تشعر بالإجهاد، وفعلا بعدما تركت السماعة شعرت أني أفضل، لكن ما زالت الآلام تأتيني على فترات متباعدة، وإذا لبست سماعات الكمبيوتر على أذني لا أسمع أي شيء لمدة نصف ساعة مثلا، أشعر بعودة الآلام ووخز الدبابيس, هذه هي مشكلتي الأولى.

مشكلتي الثانية هي أني أصبحت عصبيا جدا، ولا أخفي عليك أن عملي طوال الخمس سنوات كان فيه الكثير من الجدال، وعلو الصوت، والشتائم في بعض الأحيان، والمشاجرات على الهاتف، وللأسف هذه طبيعة العمل في خدمة العملاء, كنت قبل هذا العمل من النوع الهادئ، ولكن بعد أول ثلاث سنين أصبحت أغضب بسرعة شديدة، ودمي يفور إذا حدث أي شيء يستفزني، فكنت أصرخ في العملاء طوال اليوم، وأضرب الطاولة بيدي أثناء العمل حتى اشتكى مني مدرائي، وللأسف حتى بعد ما تركت العمل ما زلت أغضب، ويضيق صدري بسرعة، فهل موضوع الغضب له علاقة بلبس السماعة والعمل في خدمة العملاء؟ وهل هناك علاج لمشكلة الغضب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

بالطبع وضع السماعات على الأذن فترة طويلة يجعلك تشعر بتلك الآلام والوخز بالأذن، ولما كانت تلك طبيعة عملك فحاول أن تأخذ فترات من الراحة بين الحين والآخر، حتى تريح أذنك من هذا الإجهاد، أو تنتقي نوعا من السماعات يكون أكثر راحة من غيرها، وكذلك يجب تجنب الموجات الكهرومغناطيسية المنبعثة من الموبايل، وذلك بالإقلال من استخدامها قدر الإمكان؛ لأنها تسبب آلاما ووخزا بالأذن، مع تنميل وآلام بعضلات الرقبة والكتف.

وأما الغضب الذي يلازمك في عملك وسرعة استفزازك، وأن دمك سريع الفوران، فليس له أي علاقة بلبس السماعات، ولكن يجب أن توسع صدرك، وأن تتحكم في أعصابك وانفعالاتك، فليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، كما علمنا حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي لنا فيه الأسوة الحسنة في سيرته الطيبة العطرة.
________________________________________

انتهت إجابة د. عبد المحسن المحمود، مستشار أذن وأنف وحنجرة، وتليها إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان:


فكما أجابك الأخ الدكتور عبد المحسن محمود، فيمكنك أن تتجنب الآثار المترتبة على وضع السماعات لفترة طويلة في الأذن بالطريقة والتوجيهات التي نصحك إياها.

من الناحية النفسية: سرعة الغضب والانفعالات التي أصبحت تعكر صفو حياتك، أعتقد أن العامل الرئيسي فيها أنك لم تكن مرتاحا في عملك، وكان من المفترض -أيها الفاضل الكريم– أن تنظر لعملك بصورة إيجابية أكثر، وتكون لك فيه رغبة، وتحاول من خلاله أن تتواصل مع الناس وتعرف صعابهم، وتجد لهم العذر، حتى الذين ينفعلون أمامك بالصراخ وربما الكلام غير الطيب، مثل هؤلاء يتعامل معهم الإنسان من خلال المسامحة، وأن يكون كريما في تقبل استفزازاتهم.

وبالمناسبة: حتى الإنسان الذي يصرخ وينفعل يمكن أن تتعلم منه شيئا مفيدا، المهارات يكتسبها الإنسان من خلال التعامل مع الآخرين، والكثير من الإخوة الذين يتعاملون في خدمة العملاء أعرف منهم من استفاد كثيرا من هذه الوظيفة، استفاد في بناء علاقات طيبة، استفاد في كيفية تهدئة من هو في حالة استثارة وغضب، وأيضا الانتفاع من الذين يتحدثون بصورة طيبة ومهذبة ومؤدبة، تجد أن الإنسان معلوماته قد اتسعت جدا.

نحن دائما نقول أن الوظائف يجب أن يستفيد منها الإنسان في ثلاثة محاور، المحور الأول بالطبع هو النفع المادي، والمحور الثاني هو الإحساس بالرضا من الوظيفة ذاتها؛ لأن الإحساس بالرضا يعطيك دفعا نفسيا قويا، والفائدة الثالثة من الوظائف هي تطوير الذات من خلال التعليم المستمر، أنا حين أتعامل مع الناس يوميا لا بد أن أتعلم شيئا.

عموما أيها الفاضل الكريم: لا تأسف على ما مضى، فأنت قد تركت الوظيفة الآن، لكن الذي أقوله لك هو من أجل التذكرة أن تجربتك لم تكن سيئة كلها، لم تكن سلبية كلها، لكن نظرتك السلبية لها هي التي جعلت نوبات الغضب والفورات النفسية السلبية الداخلية تسيطر عليك.

عموما الأمر بسيط جدا -أيها الفاضل الكريم– تعلم كيف تفرغ ما بداخل نفسك، لا تحتقن أبدا، الأشياء البسيطة عبر عنها في وقتها، خاصة التي لا ترضيك، علماء النفس يحتمون على ضرورة التفريغ النفسي، وكما تحتقن الأنف تحتقن النفس، واحتقان النفس يكون من خلال أشياء بسيطة جدا، فكن منفتحا، كن معبرا، كن متسامحا، هذا أمر مهم جدا، ولك أجر عظيم حين تتحمل الآخرين. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: تعامل مع الغضب والانفعال من خلال صرف الانتباه، أوصانا نبينا -صلى الله عليه وسلم– وهو خير من علمنا، أننا في حالات الغضب يجب أن نغير مكاننا، أو نغير أوضاعنا، إذا كنا جالسين نقف، وإذا كنا واقفين أن نتحرك أو نجلس، أن نغير المكان، هذا من أعظم طرق صرف الانتباه كما أحب أن أسميها، وعلى الواحد منا أن يتفل ثلاثا جهة شقه الأيسر، ويا حبذا لو توضأ الإنسان ليطفئ نار الغضب، ولو صلى ركعتين بعد ذلك يكون قد أكمل العلاج النبوي تماما.

أيها الفاضل الكريم: أنا معجب جدا بأحد الإخوة الذين أتوني في العيادة وكان رجلا غضوبا سريع الانفعال، تحدثنا في عدة محاور علاجية، وحين أتينا للحديث عما وجهنا إليه النبي -صلى الله عليه وسلم– في مواجهة الغضب، هذا الرجل انشرح قلبه وذهب وطبق العلاج النبوي لمرة واحدة فقط، ثم أتاني وقال لي: (يا أخي دكتور محمد، حين يأتيني الغضب حين أتذكر فقط الرزمة العلاجية النبوية العظيمة يذهب عني الغضب) يعني دون أن يطبقها، لمجرد التذكر، لأنها انغرست معرفيا في عقله، لذا أصبح يستفيد منها.

أنا أود أن أضيف أيضا: أريدك أن تكون إيجابيا، أريدك أن تكون متواصلا اجتماعيا، أن تستفيد من وقتك، ولا مانع أن تتناول دواء بسيطا جدا مضادا للقلق والتوتر، الدواء اسمه (موتيفال Motival) وهو متوفر في مصر، وقليل التكلفة جدا، تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم اجعلها حبة واحدة في المساء لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء، وأود أن أذكرك باستشارة بموقعنا تحت رقم (2136015) فيها توجيهات حول تطبيق تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء قطعا هي ضد القلق والتوتر والانفعال السلبي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مواد ذات صلة

الاستشارات