السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندي وسواس النظر إلى العورات منذ سنة تقريبا، ولم أعرف أنه وسواس إلا بعد حوالي 4 أو 5 أشهر، وازداد معي لدرجة أحسست أني مجنون، وجربت العلاج السلوكي أتحسن قليلا وأرجع مثل السابق في اليوم الذي بعده، وقد مللت من الحياة!
مع العلم أن عندي خجلا شبه شديد وقتها، وازداد الخجل مع الوسواس، قررت أن أذهب إلى طبيب بعد أن فكرت في التخلص من هذه الحياة، قلت أقابل الدكتور يمكن عنده حل لي أحسن من أن أتخلص من الدنيا، وأنا لا أعرف ماذا بعد الموت، ذهبت وأعطاني بروزاك حبة لمدة أسبوعين، ثم رفعها إلى كبسولتين الأسبوعين التاليين، وفعلا أخذتها وخف عندي الخجل والخوف والحرارة في الصدر، بل الخوف أقدر أن أقول أنه ذهب عني والقلق، لكن الوسواس لم أر أي نتيجة منه!
رجعت للدكتور وقال لي ارفع الجرعة إلى ثلاث كبسولات مع أنافرنيل حبة في اليوم، وتعال بعد أسبوعين، وجربتها ولا فائدة، وأحسست برعشة في يدي، ذهبت له وغير البروزاك إلى فافرين يقول تناول كبسولة، وكل أربعة أيام أرفع كبسولة إلى أن تصل إلى ثلاثة أسابيع وراجعني، مع أنافرانيل حبتين في اليوم، وأنا الآن على العلاج، ولم أحس بتحسن واضح، وتغيرت حالتي، أحس أن الحياة ليس لها أي طعم، كرهت الحياة، والله إني الآن أنتقد الذي يقول أخاف من الموت، بل إن حلم حياتي الموت، وأفرح إذا سمعت كلمة موت؛ لأني مللت من هذه الحياة وما يردني عن الموت إلا خوف رب العالمين، وأحس حتى لو أني شفيت من الوسواس أن الحياة بدون أي طعم، ولو عرض علي مليارات الملايين لا أفرح بها كفرحي لترك الدنيا، والحزن مداهمني في كل وقتي.
والله المستعان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأرجو أن تطمئن – ابني الفاضل – حيث إن الوساوس التي تأتي في هذه المرحلة العمرية غالبا تكون وساوس عابرة، أتفق معك أن الوساوس مؤلمة جدا للنفس، وهي معيقة جدا، لكن علاجها الحمد لله تعالى أصبح متيسرا.
أنت ذهبت إلى الطبيب وتشكر على ذلك، وقام الطبيب بالواجب وأعطاك عقار (بروزاك) وعقار (أنفرانيل) وهي من أفضل الأدوية التي تقهر الوساوس حقا.
الدواء في مثل هذه الحالات فعاليته قد تتأخر بعض الوقت، وأنت في بدايات العلاج، فلا تنزعج أبدا، البناء الكيميائي المكتمل يتم بعد ثمانية أسابيع من بداية العلاج، وإن شاء الله تعالى منذ أسبوعين إلى الآن سوف تحس أن هذه الوساوس وكذلك الخجل والتوترات والقلق وعسر المزاج المصاحب لها قد بدأ في الانحسار، وبعد ذلك سوف تنتهي الوساوس تماما، وتستطيع أن تعيش حياة دون قلق ودون توتر.
مشكلة الوساوس أنها تجبر صاحبها أن يقوم بأفعال يعرف أنها سخيفة، لكنه يجد صعوبة في التخلص منها. الوسواس حقا مضيع للوقت، الوسواس مضيع للفكر، الوساوس مضيعة لإمكانات الناس؛ ولذا نحن دائما نحتم على ضرورة علاجه، لكن الحمد لله تعالى الآن الأدوية التي بين أيدينا غيرت حياة الناس تماما.
أنا لدي آلاف الأشخاص الذين يعانون من الوساوس، وأستطيع أن أقول أن حوالي تسعين بالمائة منهم الآن يتمتعون بصحة ممتازة، فيهم أساتذة في الجامعات، وفيهم أناس في جميع القطاعات، فلا تنزعج أيها الفاضل الكريم، عش على الأمل، عش على الرجاء، ليس هنالك ما يجعلك تتضايق للدرجة التي تحبذ فيها الموت، لا، هذا تفكير يجب أن ترفضه وتستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وثق فيما قلته لك من قول، وتابع مع طبيبك، وأرجو أيضا أن تصرف انتباهك عن الوساوس والخوف، وذلك من خلال: حسن تنظيم الوقت.
الوسواس معطل ومعطل جدا، فأنت الآن عليك أن تضع خارطة ذهنية يومية تحدد فيها الأشياء التي يجب أن تقوم بها، فحدد وقتا لعبادتك، ووقتا لراحتك، ووقتا لدراستك، ووقتا للتواصل الاجتماعي، والتزم بهذه الخارطة الزمنية.
الوساوس كثيرا ما تراوغك وتقول لك: (لا، أفضل أن تقوم بكذا وكذا) وتجد نفسك منجرا لذلك، قاومها، حقرها، ضعها تحت أسفل قدمك، وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – من خلال هذه المحاولات أنك قد قهرت الوسواس.
الوسواس - أيها الفاضل الكريم – كما تعرف قد يكون فكرة أو مخاوف، أو صورة ذهنية، أو طقوسا رتيبة يكررها الإنسان ويمشي إليها ويتبعها وتكون نمطا مسيطرا على حياته، ووساوسك في معظمها وساوس فكرية، ووساوس النظر إلى عورات الرجال من الوساوس المزعجة، وأنا أؤكد لك أن الآخرين لا يشعرون بذلك، فأنت حقر الفكرة وقاومها، وإن شاء الله تعالى من خلال العلاج والدواء تشفى تماما.
أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.