السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أنا فتاة عمري 22 عاما، منذ عشرة أشهر تقريبا توفى والدي، ومنذ تلك الفترة وأنا أشعر بقلق وخوف من المستقبل، ومن الموت بشكل كبير، وأن ما أفعله أو أتكلم به هو آخر شيء.
أحيانا أمتنع عن فعل أي شيء بسبب تفكيري أنه آخر ما سأقوم به، وأشعر بالإرهاق دون فعل أي شيء, وضيق التنفس وأشعر أحيانا أنه لا معنى للحياة، وأن أي شيء سوف نفعله لا داعي له، ودائما أشعر بتأنيب الضمير على أي شيء، وأخاف من العذاب.
منذ فترة أصابتني حالة لم أعرف ما هي؟ شعرت بضيق في التنفس، ورجفان شديد، وبرودة مع أفكار غريبة, شعرت أنني سوف أموت, أحاول أن أبعد هذه الأفكار، وأن أتخلص من هذه الحالة لأني تعبت منها.
أرجو المساعدة على معرفة ما هي هذه الحالة التي أشعر بها؟ وما هو علاجها سواء الدوائي، أو النفسي أو غيره؟
شكرا جزيلا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شمس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
فالذي يحدث لك هو سلوك ومشاعر إنسانية وجدانية، أخذت طابع الحزن على وفاة والدك، وهذه الحالات نعتبرها نوعا من عدم القدرة على التكيف -نقصد بذلك التكيف النفسي– فالأعراض التي انتابتك تحدث لكثير جدا من الناس، لكن إذا ظلت لأكثر من ثلاثة أشهر بعد حدوث الوفاة (مثلا) هنا نعتبرها تحولت إلى حالة عدم القدرة على التكيف؛ وهي حالة نفسية معروفة لدينا، والذي تعانين منه الآن إنما هو: امتداد لتعبير إنساني وجداني طبيعي، لكنه امتد وأخذ حيزا أطول من الوقت، مما جعل الأعراض تشتد، وهنا بالفعل لا بد من التدخل العلاجي، والعلاج يكون من خلال:
أن تبني قناعات مخالفة لما يجرك له القلق، مثلا: الفكرة التي تقول: إن كل ما نفعله لا داعي له، هذه فكرة يجب ألا تقبل، ويجب أن تحاور، ويجب أن تناقش، وذلك من خلال إقناع الذات أن الحياة طيبة، وأن الحياة جميلة، وأن الله تعالى قد خلقنا في هذ الدنيا لعبادته ولعمارة الأرض، وهذا يتأتى من خلال أن نحرر نفوسنا من الشر، وأن نجتهد، وأن نكابد، وأن نعمل، وأن ننتج، وأن نتعلم، حتى نعيش حياة طيبة وهنيئة.
إدخال فكرة إيجابية على الفكر السلبي مطلوب، وفي ذات الوقت –قطعا- أنت حريصة على أن تسألي الله الرحمة لوالدك ولجميع موتى المسلمين، وقناعاتك –قطعا- صارمة وثابتة بأن الموت حق، وحقيقة أزلية وثابتة، وأن الخوف منه لا يزيل حقيقة الموت أبدا، ولا يقدم ولا يؤخر في عمر الإنسان شيئا.
يجب أن تحركي هذه القناعات تحريكا شديدا، وتذكري حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم–: (صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) وأنت -إن شاء الله تعالى– تكوني صدقة جارية لوالدك وابنة صالحة له، ببر من كان يبرهم، وبالاستغفار له، والدعاء له.
الأمر الثاني: أن تصرفي انتباهك عن القلق، وذلك من خلال الاستفادة من الوقت وإدارته بصورة فعالة، من يدير وقته بصورة صحيحة يكسر حاجز القلق والخوف، خاصة الخوف من الفشل، ويكون قد أدار حياته بصورة صحيحة، وهذا يشعره بالرضا، والشعور بالرضا يجعل المستقبل باهرا أمامنا.
أريدك أيضا: أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة في مثل هذه الحالات، تخفف الخوف والقلق والتوتر، وموقعنا به استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتستفيدي مما بها من خطوات إرشادية.
الاسترشاد الأخير الذي أود أن أقوله لك: لا مانع أن تتناولي عقار (إستالوبرام) والذي يعرف تجاريا باسم (سبرالكس) فهو دواء فاعل وممتاز جدا لعلاج الخوف والقلق والوساوس، ومحسن للمزاج، وأنت محتاجة لهذا الدواء لفترة قصيرة جدا وبجرعة صغيرة، ابدئي في تناوله بجرعة خمسة مليجرام –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– تناوليها يوميا ليلا بعد الأكل لمدة أسبوع، ثم اجعليها حبة كاملة (عشرة مليجرام) تناوليها يوميا لمدة شهر ونصف، ثم اجعليها نصف حبة يوميا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرين يوما، ثم توقفي عن تناول الدواء.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، ولوالدك الرحمة ولجميع موتى المسلمين.