أريد أن أحقق النجاح في دراستي لكني لا أجد الرغبة في الدراسة

0 561

السؤال

السلام عليكم.

تعودت منذ صغري -بفضل الله- على ما علمني أهلي إياه أن العلم هو سبيل الرقي والتميز، -والحمد لله- تمسكت بهذا المبدأ لمدة 12 عاما، خلال مراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية، وكنت الأول دائما على دفعتي، وحفظت كتاب الله كاملا في آخر خمسة أعوام، كل هذا ممتاز، ويبشر بمستقبل واعد مشرق، وبعد حصولي على مجموع 100.6% في الثانوية العامة والتحاقي بكلية الطب زاد أملي في هذا المستقبل، ولكن هنا بدأت مشكلتي.

بمجرد أن بدأت دراستي في الكلية أصبحت بحالة يأس وإحباط، لا رغبة لمذاكرة أو حتى مراجعة ما حفظت من القرآن الكريم، حالة من اللامبالاة لا متناهية، أصبت بها فقلبت حياتي رأسا على عقب! بعد أن كان الناس يشيرون إلي بالأصابع أثناء سيري لما عرفوه عني، ها أنا الآن لم أذاكر في عامي هذا غير ما يعطيني فوق درجة النجاح بقليل.

شيء آخر وهو: لقد ازداد همي أن الكلية تقوم بتعيين أوائل الجامعة في الترتيب التراكمي للست سنوات، وأنا كنت قد وضعت حلما منذ صغري أن أكون منهم، ولكن بعد ما رأيته في هذه السنة أصبح من الصعب أن أكون منهم، ولكن إن بقي هناك فرجة أمل في أن العام الأول نسبته لا تتعدى 12% من الترتيب التراكمي، علما أن في بالي خطة هشة، شبه مستحيلة إن لم تكن كذلك، وهي كالتالي: أن أعمل جاهدا في الخمس سنوات القادمة، لكي أحصل على مجموع 100% كل عام، وبذلك أعوض ما ضاع مني في العام الأول، لكن هذا صعب، ولا أدري هل لم يفعل هذا أحد قبلي؟ وهل يتوقع تفضيل أبناء الدكاترة عن غيرهم من الطلبة؟! فكلما فكرت في هذا الحل انشرحت نفسي، ولكن كلما فكرت في الصعوبات تأزمت مرة أخرى.

لا أدري ماذا أفعل؟! لم أعتد من قبل أن أقول هذا مستحيل أو هذا صعب، فأنا مؤمن بأن كل شيء سهل ما دمت أعمل جاهدا، والله في عوني، كذلك لا أدري ماذا حل بي هذا العام؟ وما يزيدني سوءا أن لي أقارب في الكلية كلما رأيتهم أقول لنفسي: هل أنا مقدر لي يوما أن أعمل وسط هؤلاء أم غير مقدر؟ وأظل أفكر لساعات وساعات بدون أي راحة، لدرجة أني بدأت أعرض عن الطعام، وأظل أفكر لساعات قبل النوم في هذا كله!

هل هناك ما أفعله لينصلح حالي؟ فليس شرطا أن أتفوق في هذا العام، فقد تحددت مواعيد امتحاني، وقد سبق وقلت: إني لم أذاكر مذاكرة تؤهلني للتفوق، ولكن هل هناك ما يجعلني أعمل لأتفوق وأنفذ الحل الذي سبق وذكرته، وأعوض ما ضاع مني، أنا في أشد الحيرة، وأنا نادم على هذا كله، ونادم أن الله أعطاني ما أتميز به عن غيري وهو عقلي، ولكني لا أستخدمه في عامي هذا لأتفوق، لا أدري ما الذي حل بي! وهذه كانت شكواي.

أفيدوني أفادكم الله، وأرجو من الله تعالى أن يجعل شفائي في جوابكم، والله على كل شيء قدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على الكتابة إلينا، والتواصل معنا.

أمر جميل أن يرى الإنسان شابا متحمسا ومقتدرا، ويطمح للوصول إلى المراتب العلياء في التحصيل، والقدرة على إفادة الناس.

يبدو لي أن موضوعك ليس موضوع "مرض نفسي" وإنما هي صعوبة تكيف مع ظروف جديدة، غير الظروف التي كنت عليها في مراحلك التعليمية السابقة، وليس هذا بالشيء النادر، فكم من الشباب يكون منسجما في مرحلة معينة من مراحل حياته، ومن ثم ينتقل لمرحلة أخرى بتحديات جديدة، فإما أن يتمكن من الاندماج والتكيف مع الوضع الجديد، وإما أن يجد صعوبة في هذا التكيف، مما قد ينعكس عنده على رغبته في العمل والإنجاز، وقد تضعف همته عن المتابعة.

في كثير من الحالات، وبعد مرحلة من صعوبات التكيف الأول، وبعد بعض الوقت يمكنه أن يتلمس طريقة التجديد، ويبدأ باستعادة نشاطه وهمته، وإذا به يعود لدرجة عطائه وتحقيق آماله وطموحاته.

شعرت وأنا أقرأ رسالتك أنك تميل إلى "الكمال" أو أن الملاحظ أنك تنظر إلى الأمور "الكاملة" وبنسبة 100%، فقد أشرت لبعض الأمور، وتنظر إليها بنسبة 100%، بل حتى في بعض الأمور تجاوزت النسبة الكاملة، 100.6% وربما كان هذا خطأ مطبعيا!

أريد أن أقول لك: لابد أن ترفق بنفسك، وتخفف قليلا من درجة الرغبة في الكمال، ولا بأس أن تكون دون 100%، صحيح أن الإسلام يطالبنا بالإتقان "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه"، و "إن الله كتب الإحسان على كل شيء"، إلا أن هذا ليس بالضرورة أن يكون 100%.

الأمر الثاني أن تحاول أن تتكيف مع ظروفك الجديدة في الدراسة الجامعية، بما فيها من ظروف جديدة، وهي غير ظروف المدرسة، وفي دراسة الطب، وإذا وجدت صعوبة في تحقيق هذا التغيير بنفسك، فلا بأس أن تتحدث مع أحد المشرفين عليك في الجامعة، أو حتى أخصائي نفسي لتتشاور معه في هذه الأمور.

وفقك الله، وجعلك من المتفوقين.

مواد ذات صلة

الاستشارات