السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي إخوة لا يتكلمون مع أمي وأبي ولا يطيقون منهم كلمة، ولا نحن، الإخوة مخاصمون لجميع من في المنزل وحتى الأهل، منذ سنين، وتكلمنا معهم كثيرا، حاولنا معرفة الأسباب وتفهيمهم أن ما مضى فات، ووالدينا بحاجتنا الآن وهما مسنان، ولكن -الحمد لله والشكر لله- لا يفهمون, علما إنهم في الأربعين من العمر ومتقاعدين عن العمل، ويعيشون معنا في المنزل كأنهم في فندق، وأمي وأبي متضايقان من هذا التصرف ويتألمان كثيرا.
والدتي تتحسر على شبابهم الضائع، وتتمنى أن تراهم رجالا ولديهم عائلة، وتتألم حين ترى أبناء الأهل الصغار كونوا أسرة، وأبناءها لا هدف لهم في الحياة، ووالدي يتحسر حين يرى أبناء الغير كيف قاموا بواجبهم تجاه آبائهم، وهم في خدمة أبيهم، ويتذكر أبناءه الذين لا يعرفون عن هوى داره، ونحن من نسكن في المنزل 6 أشخاص، والدي وأختي والعاقان، ولدي أخت كبرى متزوجة، وأخي الأكبر متزوج.
اقترحنا لوالدينا اقتراحين، الأول: أن نترك هذا المنزل ونسكن بالمنزل القريب من منزل أخي المتزوج، ونترك لهم هذا المنزل -أي والدي وأنا وأختي ننتقل- والاقتراح الثاني: نبقى في المنزل ووالدي يتخذان قرارا بطردهم من المنزل ويعودون رجالا يشد فيهم الظهر، ولكن مع الأسف رفضوا الاقتراحين، فنحن قررنا هكذا لمصلحة والدينا لراحتهم وصحتهم، يئسنا كثيرا، نعلم جميعا أنه عقوق -وحتى والدينا- عقوق وأكبر الكبائر، ولكن حنان الأم وعاطفة الأب أصبحت عائقا، لا أستطيع الجلوس دون التفكير بوالدي، كيف أعمل لسعادتهم وراحتهم الصحية والنفسية؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بنت حسن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.
فإن هؤلاء الأبناء على خطر عظيم، نسأل الله أن يردهم إلى الصواب، وعقوق الوالدين جريمة من أكبر الجرائم، حتى قال ابن عباس: (لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه) قالوا: من أين يا ابن عباس؟ قال: من كتاب الله الذي يقول فيه: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} ومن كتاب الله الذي يقول فيه: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا}).
فالأمر من الخطورة بمكان، وهذا العقوق من أكبر الكبائر –عياذا بالله– ولذا نتمنى أن تستمري أنت أولا في البر، ونحن نشكر لك هذا التواصل، وهذا الغم والهم لأجل إخوانك حتى يعودوا للحق والصواب، ندعوك بداية إلى أن تقومي أنت بواجب البر على أكمل الوجوه، وشجعي أختك كذلك على حسن البر، واحتملي مشاعر الوالد والوالدة، واعلمي أن سعادتهم في أن يكونوا معكم في البيت، فلا تطلبي مثل هذه الأمور التي لا يقبلون بها، وحاولي أن تتواصلي مع إخوانك بالملاطفة، وغيري أسلوبك معهم، لا تحاولي أن تهاجميهم، ولكن اقتربي منهم، وانصحي لهم، وقدمي لأشقائك الخدمات، وعاونيهم على الخير، فإن عقوقهم للوالدين جريمة في حق أنفسهم، لا يبيح لك خصامهم، ولا يبيح لك قطيعتهم؛ لأن هذا يزيد الأمر سوءا وبعدا، فكوني أنت المبادرة، ونحن ننتظر منك الخير الكثير، لأنك من كتبت إلينا، ولأنك تواصلت مع موقعك، وهذا دليل على رغبتك في الخير، ودليل على حرصك على ما يرضي الله تبارك وتعالى، فاستمري على هذا الخير، وكوني كالمصباح الذي يضيء لهم البيت، وحاولي إرضاء الوالدين، وقومي بما عليك بما تسألين عنه بين يدي الله تبارك وتعالى، ولا تبتعدي عن إخوانك.
ونتمنى من الوالدين أيضا أن يظهرا الاهتمام بأبنائهم، والعدل بينهم، فلا يفضلوا هذا على ذاك، ولا يجرحوا مشاعر هذا على حساب الآخر، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم– هو القائل: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم).
وكنا نتمنى أن تعطينا فكرة عن طفولة هؤلاء الإخوة، وعن أسباب هذا الذي يحصل من وجهة نظرك، وهل كانوا ناجحين في وظائفهم؟ وفي حياتهم مع الناس؟ هل هذه الخصومة مع الآخرين أيضا أم هي معكم أنتم أهل البيت؟ لأن الاطلاع على سيرتهم ونشأتهم وأخذ الأفكار في الطريقة التي يعيشون بها بين الناس، وهل هم ممن يواظبون على الصلاة والطاعة لله تبارك وتعالى؟ هذه مسائل ستعيننا في وضع مفاتيح للإصلاح تعينك وتعيننا -إن شاء الله تعالى– على الخير، ونكرر شكرنا لك على هذا الحرص، ومن أمثالك من الصالحات ننتظر الإصلاح والخير، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.