كيف أتعامل مع طفلي وقد بدأ بإهمال دراسته؟

0 371

السؤال

السلام عليكم.

أشكركم كثيرا على هذا الموقع الأكثر من رائع، وجزاكم الله خيرا عني وعن المسلمين، وأنا ثاني مرة أرسل، ولكن أول مرة منذ فترة، وأيضا لم يرسل الرد، ولكني دائما أتردد على الموقع، وأقرأ المشاكل المشابهة، وسامحوني على الإطالة.

لدي عدة مشكلات، أنا أم لطفلين، الأول سيتم في شهر سبتمبر القادم -إن شاء الله- 7 سنوات، والثاني 4 سنوات، المشكلة في أنا أولا، لم يكن لدي خبرة أو معرفة في التعامل مع الأطفال، كل شيء علمته ابني الأكبر بالضرب، كنت لا أتحمل خطأه، حتى أدركت أننا كبار ونخطئ ونتوب إلى الله ويغفر لنا، ولكن الآن أحاول معه العقاب بعيدا عن الضرب، وهل الطفل سوف يتذكر كل ما فعلته به؟ إني أخاف الله وأخشى عقابه، والأبناء أمانة أرسلها الله إلي، وهأنذا أعود معه للعصبية في الدراسة، في الترم الأول كان متفوقا، ولكن في الترم الثاني نزل عن مستواه الدراسي، أنا أعلم أنه متفوق، ولكن لا أعلم لماذا لا يريد التركيز في دروسه، بدأت معه بالتشجيع والعصبية، ولم تنفع صراحة، أتمنى أن أعرف السبب حتى أعالجه، عرضت على زوجي الذهاب إلى دكتور نفسي ولكنه رفض، أرجو منكم التواصل، وإذا كان لكم أي استفسار عن ابني، فأنا عندي الكثير، ولكني أخاف أن أطيل عليكم، ولكم مني جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ doaa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

شكرا لك على التواصل معنا، وعلى إطرائك على الموقع.

كلنا يمكن أن يخطئ في تربية أطفاله، ومن ثم يتعلم ويغير طريقته، وخاصة بعد الأخطاء مع الطفل الأول، ولذلك أدعو الآباء والأمهات ومنذ مدة من الزمن -وحتى قبل أن ينجبوا الأطفال- أن يحضروا دورة تدريبية في مهارات تربية والأطفال، والتي نسميها "تدريب الوالدية".

بالنسبة لسلوك الطفل وعناده، فالطفل الصغير في هذا العمر يحتاج إلى حدود واضحة للسلوك، وأن يعرف وبكل وضوح ما هو مسموح، وما هو غير مسموح، ووضوح هذا الأمر بشكل أكيد، ومن دون أي التباس أو شك أو تردد، لا يعني بالعنف أو الضرب، وإنما أن يقال له وبهدوء ووضوح، أن سلوكا سلبيا معينا غير مسموح به أبدا، وأن يعلم وهو يستمع إليك، ومن خلال نبرة صوتك ونظرة عينيك في عينيه، ومن دون ابتسام، أنك جادة تماما فيما تقولين، ويجب أن نتخذ الإجراءات المطلوبة لضمان أن لا تتاح له فرصة "كسر" كلمتنا، فلا تكون مثلا ظروف خروجه عن تعاليمنا متوفرة له بسهولة، أو أن نبتعد عنه ولمدة طويلة، فتراوده نفسه على عصياننا والقيام بما منعناه منه.

وأفضل من المنع عن العمل السلبي، هو أن نشجعه على القيام بالأعمال الإيجابية البديلة عما لا نريده أن يفعل، أي أن نملأ وقته بما هو مفيد ومسل، فلا يحتاج للمزيد من الإثارة عن طريق مخالفة كلماتنا والخروج من البيت، وسأشرح هنا شيئا أساسيا يمكن أن يكون نقطة تحول في طريقة تربيتك لطفلك.

إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما الكثير مما ذكرته في سؤالك عن سلوك طفلك ينطبق عليه هذا، هو رغبته في جذب الانتباه لنفسه، ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصل الطفل هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية.

ولماذا السلوكيات السلبية؟

ببساطة لأننا، نحن الآباء والأمهات، لا ننتبه للسلوك الإيجابي، وكما قال أحد الأطفال: "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيء العمل، لا أحد ينسى"!

وما يمكن أن تفعليه مع طفلك، عدة أمور منها:

1- أن تلاحظي أي سلوك إيجابي يقوم به طفلك، سواء في موضوع الدراسة أو القراءة أو كتابة الواجبات، وأن تـشعريه بأنك قد لاحظت هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكريه عليه، وأن تشكريه عليه في كل مرة يقوم بهذا بالشكل الحسن.

2- أن تحاولي تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن يقوم به طفلك، إلا السلوك الذي يعرض فيه نفسه أو غيره للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامة الطفل والآخرين مباشرة، بالتدخل المباشر وإيقاف هذا العمل الضار.

3- أن تحافظي على هدوئك طوال الوقت، فعصبية الأم وتوترها لا تزيد الطفل إلا توترا وتشتتا، ولكي تحافظي على هدوئك فإنك تحتاجين لرعاية نفسك ببعض الهوايات وببعض الأنشطة التي من شأنها أن تخفف عنك بعض العناء والتعب والإرهاق، والرسول الكريم يقول لنا "إن لنفسك عليك حقا".

وأما بالنسبة لعناد طفلك، فربما الكثير من هذا أيضا هو سلوك لجذب انتباهك وانتباه من حوله، فحاولي التعامل معه كمجرد سلوك لجذب الانتباه، ويمكنك توجيه انتباهك إليه عندما يتجاوب معك ومن دون عناد، وحاولي صرف انتباهك عنه عندما يصل عناده لحد لا ترتاحين له.

وعلى فكرة فالصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، فنحن لا نهدف إلى تحطيم هذه الثقة وإنما تطويعها لمصلحة الطفل ومصلحة من حوله.

وفقك الله وحفظ أطفالك، ووجعلهم من المتفوقين النجباء.

مواد ذات صلة

الاستشارات