السؤال
السلام عليكم
أنا مها من الكويت، وبعمر 20 سنة، غير متزوجة، أعاني من الخوف من الجن والموت، صار لي أكثر من 4 أشهر على هذه الحالة!
بدأت حالتي 1/4 كنت أطلع على أحد المقاطع باليوتيوب عن امرأة تريد أن تفسر حلمها، وأصبحت ملبوسة بالجن، وبعدها بيوم شاهدت بالتلفاز عن شيخ يقول طريقة معرفة الشخص المتلبس بالجن والمسحور، بعدها أصبح الخوف الشديد والذعر، ومن كثرة خوفي أصبح عندي ترجيع – تقيؤ- لمدة 11 يوما، ذهبت للطبيب وعملت الفحوصات اللازمة -ولله الحمد- كل شيء جيد، وخلال 11 يوما كنت أذهب للشيخ ليرقيني بالقرآن، وقال لي إني سليمة، وهذا مجرد وسواس، ومن بعدها خف هذا الخوف، لا أذكر المدة!
بعدها رجع هذا الخوف، لدرجة أني لا أنام الليل، وأخاف، وضربات قلبي سريعة، وأحس بخمول بقدمي، وتحرك لا إرادي لأعضاء جسمي، لدرجة أني أفكر أني ملبوسة من الجن، ولكن أتعوذ من الشيطان، وأقرأ المعوذتين، وأفتح سورة البقرة، وأخاف أن أصبح مجنونة!
هذه الحالة كانت تصاحبني 11 يوما الأولى، وذهبت مثلما قلت، ولكن رجعت، عملت كل شيء لهذا الخوف، أقرأ المعوذتين، وأذكار النوم، وأصلي الصلوات، وأتعوذ من الشيطان، وكذلك أفتح سورة البقرة قبل النوم إلى أن أنام ولا زال الخوف يراودني حتى وأنا أتكلم مع الناس يراودني الخوف، وأحاول نسيانه، وكذلك إذا ذهبت لأي مكان تأتيني المخاوف وأحاول أنساها، وأصبحت أخاف من أتفه الأمور، لدرجة أني لا أحب الصراخ أو الصوت العالي.
مع العلم أنني لا أستطيع الذهاب للطبيب النفسي بسبب رفض الأهل لذهابي إليه.
أرجوكم ساعدوني، فأنا تعبت من الحال هذا!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يشفيك من هذه المخاوف والوساوس، وأن يمن عليك بالسلامة والصحة والعافية، وأن يجعلك من الصالحات القانتات المتميزات، وأن يكرمك بزوج صالح يكون عونا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – فإن الإنسان منا قد لا يعرف قدراته وإمكاناته إلا عندما يتعرض لأزمة أو مشكلة، ولذلك يبدو أن نفسك من النوع الحساس الذي يتأثر للكلام حول الجن والسحر والمس والحسد، وما أن شاهدت هذه المقاطع إلا وتأثرت نفسيتك بها، فأحيانا الواحد منا قد لا يكتشف نقطة ضعفه إلا عندما يقع في مشكلة، فيبدو أنك - كما ذكرت لك – من النوع الذي لا يتحمل مثل هذه الأفكار ولا هذه الحقائق أو الوقائع، وما أن شاهدت هذه المناظر إلا وتأثرت بها وأصبحت متوهمة أنك قد أصابك مثل هذه الأشياء، ثم كانت استجابة نفسك لهذه الأشياء قوية، فاعتراك الخوف، واعتراك الرعب والفزع والهلع، وأصبحت تظنين أنك ممسوسة، وبدأت تعانين من مشاكل واضطرابات في حياتك، كل ذلك نظرا لحساسيتك تجاه هذه الأشياء، ولأنك لم تكوني تتوقعين أن تكوني بهذا الضعف وعدم القدرة على المقاومة.
لذا فإني أنصحك بداية أن تتوقفي عن مشاهدة مثل هذه الأشياء، وألا تشغلي بالك بها أصلا، لأنك كلما حاولت أن تتعمقي في معرفة حقيقة هذا الأمر كلما زادت هذه الحالة عندك، وكلما تأثر ظروفك وتحولت من سيئ إلى الأسوأ، لأن نفسيتك يبدو - كما ذكرت – أنها من النوع الذي يتأثر بمثل هذه الأشياء، فهناك إنسان لو سمع قصة عن الجن لا يستطيع أن ينام الليل كله، ويتوقع أنه قد أصيب، ثم يصبح فيجد نفسه قد تغيرت لديه بعض الأشياء فيقول هو هو، أي (إني قد اعتدى علي الجني وأصبحت ملبوسا) وقد يكون هذا مجرد وهم نفسي لا أساس له من الصحة، ولكن مع رغبة الإنسان واستعداده الداخلي لقبول هذه الأشياء تتعمق لديه هذه الأشياء ويصاب بحالة أشبه ما تكون بالمس وهو في الواقع ليس مسا.
لكن يبدو من حالتك أن الأمر أصبح حقيقة، ولذلك أول أمر - كما ذكرت لك – إنما هو الإقلاع والتوقف نهائيا عن مشاهدة أو مطالعة أو القراءة حول هذه الأشياء، لأنك من النوع الضعيف أمام هذه المعلومات.
ثانيا: عليك - بارك الله فيك – بالرقية الشرعية، وهي ضرورة حتمية (حقيقة) أن تعرضي نفسك على أخ متخصص، شريطة أن يكون صاحب عقيدة صحيحة، وأن يتعامل مع هذه الحالات بطريقة بعيدة عن الأشياء الغير مشروعة، لأن بعض الرقاة قد يقرأ بعض آيات من القرآن الكريم في الظاهر، ولكنه قد يكون مستعينا بجن من الجان يساعده في أموره، وقد يستعمل بعض الأشياء أيضا من الخرافات أو البدع أو الطرق الشركية التي لا تعلمين أنت عنها شيئا.
عليك باختيار راق متميز صاحب عقيدة صحيحة، ويعالج بالقرآن والسنة فقط ولا يتمتم تمتمات لا نعرفها، فهذا ضروري.
ثم إني أنصحك أيضا كذلك بالذهاب إلى أخصائي نفساني، ضرورة، أو أقترح بالموقع هنا عرض استشارتك على أخصائي نفساني من إخواننا الكبار، لعله يستطيع أن يصف لك وصفة تتمكنين بها من مقاومة هذا الخوف الذي يسيطر عليك.
أحمد الله تعالى أنك - ولله الحمد والمنة - عرفت الطريق لعلاج نفسك، فأنت تحافظين على الصلاة وتحافظين على الأذكار، خاصة الاستعاذات التي وردت، وقراءة الآيات المتعلقة بالعلاج، وهذه – صدقيني ابنتي مها – لو لم تكوني قد قمت بها لكانت حالتك أسوأ جدا، فالحمد لله أن الله شرح صدرك لممارسة علاج نفسك بنفسك، وهذا قد خفف عنك كثيرا، فلو لم تكوني كذلك – صدقيني – لكان الأمر أسوأ، ولكن عليك بالمواظبة والاستمرار، والاجتهاد في أذكار الصباح والمساء، والاجتهاد في أن تكوني على طهارة معظم الوقت، والإكثار من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، والإكثار من قراءة آية الكرسي، وكذلك الإكثار من الصلاة على النبي - عليه الصلاة والسلام – بنية الشفاء، ومحاولة مطاردة الأفكار التي ترد إلى رأسك، بمعنى أنه عندما تأتيك فكرة بأن فيك كذا وعليك كذا وأن هذا مس أو حسد، حاولي أن تطاردي هذه الفكرة وأن تشتتيها، بأن تشغلي نفسك، أول ما تشعرين بأنك بدأت تفكرين في هذا الموضوع أو بدأ يدخل إلى ذاكرتك حاولي أن تغيري واقعك، فإذا كنت وحدك فاخرجي من الغرفة، وإذا كنت نائمة فقومي، وإذا كنت جالسة فتحركي، وحاولي أن تتكلمي مع أحد من أقاربك أو النظر من النافذة أو مطالعة كتاب أو غير ذلك من الأمور التي تشتت هذه الأفكار، حتى لا تستقر في رأسك.
عليك - بارك الله فيك – كما ذكرت وهذا أهم شيء، بعد الاستعاذة بالله تبارك والاستعانة به في عرض نفسك على راقي، وكم أتمنى أيضا أن يشرح الله صدرك لأخصائي نفساني، حتى يذهب عنك هذه المخاوف، وإن شاء الله تعالى حالتك في طريقها إلى الصحة والتحسن - بإذن الله تعالى – ولن تعاني طويلا، لأن قضية العلاج بالقرآن قضية سهلة وهي أيسر من العلاج الدوائي، وكما لا يخفى عليك بأن الرقية الشرعية مجموعة آيات من كتاب الله سبحانه وتعالى ومجموعة أحاديث، وهي يقينا إذا لم تنفع فهي قطعا لن تضر.
اطلبي الدعاء لنفسك وبشدة، وكذلك اطلبي الدعاء من والديك، وأبشري بفرج من الله قريب، وإني لأدعو الله أن يصرف عنك كل سوء، وأن يعافيك من كل بلاء، وأن يمتعك بالصحة والعافية، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.
++++++++++
انتهت إجابة الشيخ موافي عزب مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
تليها إجابة الدكتور محمد عبدالعليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
++++++++++
أولا: أؤكد لك أن هذا النوع من الخوف هو خوف مؤقت - إن شاء الله تعالى – وعابر، حيث إن سببه واضح، وهي المشاهدات التي قمت بها في اليوتيوب، والخوف أصلا مكتسب، والخوف يكون متأصلا لدى بعض الناس بصورة زائدة ومكثفة، ويظهر على السطح حين تكون هنالك روابط أو مثيرات، ففي حالتك أثير هذا الخوف من المشاهدات المريعة التي شاهدتها، وهذا الخوف يجب أن يفكك، بمعنى أن ترجعي إلى نفسك وتقولي: (لماذا أخاف؟ هذه المواد توضع على اليوتيوب، وكثير من الناس يشاهدونها ولا يخافون، وليس من الضروري ما بها حقيقة، وهو أمر بعيد عني تماما، لماذا أقع تحت طائلة تأثيره) وهكذا يجب أن تجري حوارا مع نفسك لتفكيك وتقزيم هذا الخوف، لقد أتتك فكرة مرعبة وقبلتها، وهذه هي الإشكالية، إذن العلاج في تفكيك الفكرة ورفضها.
الأمر الآخر: اعلمي أن الزمن كفيل جدا بحل مثل هذه الصعوبات النفسية التي نعتبرها عابرة ومؤقتة، وعليك أن تصرفي انتباهك تماما عن هذا الأمر، وعليك بالطبع أن تمارسي تمارين الاسترخاء، فهي مفيدة جدا، وموقعنا لديه استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجعي إليها وتسترشدي بما فيها من إرشادات جيدة ومفيدة.
النقطة الأخرى في العلاج هي أنك ربما تحتاجين علاجا دوائيا بسيطا لمدة شهر أو شهرين، لكن بما أن أهلك قد رفضوا الذهاب إلى طبيب النفسي فقطعا لن يكون هنالك قبول من جانبهم لاستعمال الأدوية، فعلى ضوء ذلك الجئي فقط إلى التغييرات الفكرية، ورفض وتفكيك فكرة هذا الخوف، واصرفي حياتك فيما هو أفضل وأحسن، وأرجو أن تأخذي بكل ما ذكره لك الشيخ موافي عزب – حفظه الله تعالى -.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.