أعاني من خوف غير مبرر من الخروج من المنزل، فما العلاج؟

0 739

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية نشكركم على هذا الموقع الجميل، وفرج الله همكم كما تفرجون عن الناس همهم، وأرجو أن يتسع صدركم لسماع مشكلتي، وإن كنت سأطيل عليكم.

مشكلتي بدأت قبل 7 سنوات وأنا مسافر دخلنا في طريق موحش، وكنت أحمل كثيرا من النقود، وكنت خائفا من قطاع الطرق الذين كثيرا ما يفاجئون الركاب هناك، فأصبت بالخوف والهلع، وبدوخة شديدة، وأحسست أن قلبي سينفجر من قوة الدقات، وكان كل همي وتفكيري أن أعود للبيت -والحمد لله- عدت، ولكنني كنت دائخا، وبعد حصولي على قسط من النوم كأن شيئا لم يكن، وعدت إلى حياتي الطبيعية.

بعد سنة ذهبت لزيارة صديقي في المستشفى بعد أن علمت أن حالته صعبة للغاية، وكان مريضا بالسرطان، وفي الطريق عادت لي نفس الأعراض بالضبط، فنزلت من السيارة ورجعت إلى البيت وقلبي ينبض بشدة، ولكن في نفس الليلة توفي صديقي، ومن هنا بدأت المشكلة.

في بادئ الأمر صرت أتخيل نفس المرض عندي، ووسواس قهري، أتخيل أني مصاب بالسرطان تارة، وبالقلب تارة أخرى ...إلخ.

التزمت البيت، وقليلا ما كنت أخرج، وبعد مدة وتدريجيا بدأت أخرج في محيط 3 كيلو بعيدا عن المنزل، وإن زادت عادت الأعراض، وإن رجعت للبيت تهدأ، عملت فحوصات شاملة للقلب والأذن الوسطى والمعدة، وكانت النتيجة سليمة، بعدها ذهبت لطبيب نفسي فأعطاني دواء اكس فور فلم أرتح عليه بسبب الدوخة والمعدة، ومن ثم أعطاني دواء باكسيت، ولكنه أصابني بضيق في التنفس، ومن ثم أعطاني دواء سمبالتا، وقال لي بأنه حديث ولا يوجد له أعراض جانبية، ولكني عندما آخذه أشعر بكسل شديد بالليل، ودوخة وأنا نائم.

ملاحظة: لم أستمر أكثر من شهر على أي دواء.

الآن أعاني من الخوف غير المبرر من الخروج من المنزل، وعند سماع أي خبر غير سار تأتيني نوبة من الخوف والقلق وعدم الراحة وعدم التركيز.

الآن عندما أصحو من النوم أشعر بالكسل، وعدم التركيز، والدوخة، وبدأت أحس بأنني سوف أفقد عقلي، ولا أحب الصوت العالي، أشعر بطنين في أذني، وأتخيل أشياء غبية، وعندما تسوء حالتي أفتح موقعكم وأقرأ بعض الحالات المشابهة فأهدأ قليلا.

مع العلم أن نوبات الهلع فقط تأتي عند سماع أخبار سيئة أو حدوث مكروه لأحد معارفي.

أما هذه الأيام فإنني أحس بدوخة وعدم تركيز، وإن خرجت فأخرج بسيارتي، وعندما أنزل أحس بأنني دائخ، وأنني سوف أفقد الوعي، وإن حلمت بكابوس فأصحو مكتئبا ولا أخرج.

الآن أنا لا أخرج إلا بمحيط البيت، مع أنني أعلم أن المشكلة نفسية، والخوف غير مبرر، فلماذا أحس بصعوبة التنفس والدوخة، وجفاف الريق، وصعوبة البلع، وعدم التركيز؟ ولماذا تأتي فترة أكون مرتاحا فيها وفترة تعود؟

مع أنني عندما أجبر على الذهاب لمشوار ضروري أذهب بالرغم من شعوري بالأعراض السابقة.

أرجو أن أكون قد فصلت الحالة لكم كي يتم التشخيص الصحيح.

أنا أريد أن أمارس حياتي طبيعية فأرجو منكم الجواب!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو قاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فمن الواضح أنك تعاني من قلق المخاوف، ومخاوفك تكون ناتجة من استثارات وأحداث معينة، وهذا دليل على أنه في الأصل لديك قابلية للمخاوف.

ذكرت حادثتين واضحتين كانتا هما الشرارة التي أشعلت مخاوفك التي هي أصلا موجودة كجزء من البناء النفسي لشخصيتك، ويعرف أن المخاوف لها جزئيات متعددة، قد نجد جزئية أقوى من أختها لدى إنسان معين، مثلا أنت لديك الخوف من المرض، هذه الجزئية هامة، وأصبحت أيضا تأتيك بعض الوساوس، ويأتيك ما نسميه بالقلق التوقعي، وهذه كلها مرتبطة بقلق المخاوف، وأعتقد أن هذا هو تشخيص حالتك.

فأرجو ألا تهم وتنزعج كثيرا، هذه الحالات كثيرة ورائجة، وكثيرا ما تكون الأعراض نفسوجسدية، يعني أن القلق والتوتر تنتج عنه تغيرات فسيولوجية في الجسم، هذه التغيرات خاصة بالجهاز العصبي اللاإرادي السمبثاوي، وتفرز مادة الأدرينالين ومواد أخرى تؤدي إلى هذه التغيرات.

فيا أخي الكريم: الموضوع - إن شاء الله تعالى – بسيط جدا، وأريدك أولا أن تحقر فكرة الخوف هذه، حقرها تماما، اطرح على نفسك أسئلة: (لماذا تخاف؟ أنت لست بأضعف من الآخرين، لماذا لا تستفيد من هذا القلق وتجعله قلقا بسيطا وراشدا كطاعة محركة لك؟).

إذن تحقير الخوف والقلق مهم جدا، وكذلك عليك بالإكثار من المواجهات، المواجهات يجب أن تكون متعددة، لا تقل عن مرتين إلى ثلاث في اليوم، وأنا من جانبي أؤكد لك أنك حين تواجه الآخرين لن تصاب بسوء أبدا – أيها الفاضل الكريم – حتى التغيرات الفسيولوجية من تسارع للقلب وخلافه هو شعور خاص بك أنت، ليس مفضوحا أو مكشوفا للآخرين، لا أحد يطلع عليه، لا تلعثم، لا دوخة، لن تسقط أرضا، هذا أؤكده لك تماما.

عليك أيضا بما نسميه بالتعرض الاجتماعي الجمعي، التعرض الاجتماعي الجمعي يشمل: ممارسة الرياضة مع مجموعة من الأصدقاء مثل لعب كرة القدم (مثلا) فهو اجتماعي وجماعي، صلاة الجماعة في المسجد في الصفوف الأمامية من أفضل أنواع العلاج السلوكي الاجتماعي الجمعي، وكذلك زيارة الناس ومشاركتهم في مناسباتهم، هذا كله فيه خير كثير وكثير جدا، فأرجو أن تنتهج هذا المنهج، وعليك أيضا أن تستفيد من مهنتك، فأنت بفضل الله تعالى تمتهن مهنة التجارة، وهي من المهن الراقية جدا، ونعم التاجر الصادق الأمين، من خلالها تستطيع أن تتواصل مع الناس، وتتحاور مع الناس، هذا فيه تطوير مهارات حقيقية، وفي ذات الوقت فيه دفع اجتماعي إيجابي جدا، فحاول أن تستفيد من هذا الأمر.

بالنسبة للأدوية العلاجية: هي كثيرة، ومعظمها - إن شاء الله تعالى – فاعلة، وأنت تناولت دواء (سيمبالتا) وهو فعلا من الأدوية الجيدة، لكنك لم تتحمله، وأريد أن أقول لك أن عقار (سيرترالين) والذي يعرف تجاريا باسم (لسترال) وكذلك يسمى تجاريا (زولفت) يعتبر من الأدوية الطيبة جدا والفاعلة جدا، وأتمنى أن تتشاور مع طبيبك حول هذا الدواء، فهو يعالج المخاوف، يعالج القلق، يحسن المزاج، ويعالج الوساوس، خاصة التخوفات المرضية.

السيرترالين يجب أن تصل جرعته إلى مائة مليجرام على الأقل في اليوم، طبعا البداية تكون بتدرج، أو حسب ما يصف لك الطبيب. السيرترالين يمكن أيضا أن يدعم بعقار آخر يعرف علميا باسم (سلبرايد) واسمه التجاري (دوجماتيل) هو دواء إضافي مساعد جدا لفعالية السيرترالين.

إذن الحالة بسيطة، وإن شاء الله تعالى أمورك كلها تترتب، وحاول أن تحسن من صحتك النومية حتى لا يأتيك القلق والكوابيس، وتحسين الصحة النومية دائما يتطلب كما ذكرنا: ممارسة الرياضة، عدم النوم النهاري، لا تتناول الشاي والقهوة وغيرها مما تحتوي على الكافيين بعد الساعة السادسة مساء، وكن حريصا على أذكار النوم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات