السؤال
عمري 15 سنة، في الصف الثالث المتوسط.
أحيانا أمي تعاملني معاملة سيئة جدا، لدرجة أني أكرهها - أستغفر الله -، ولكن سرعان ما أعود وأحبها أكثر.
دائما ما تقارن بيني وبين أختي الكبيرة، وتقول لي: بأني أعاني من حالة نفسية، أو أني ممسوسة بجان، أو أنها أحيانا تدعو علي بأن يمسني جني.
للعلم: فأنا قبل سنة تعبت تعبا شديدا، وذهبت إلى الشيوخ، وكانوا يقولون لي: بأني مصابة بالعين.
أنا أشعر بأن أمي لا تحبني، لذلك فأنا كثيرا ما أتمنى الموت، وأفكر أحيانا بالانتحار، وأقفل على نفسي باب غرفتي، أنا يائسة من كل شيء!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن يجعلك من المتفوقات المتميزات، وأن يعينك على أن تكوني بارة بأمك، محسنة إليها، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يوفقك للمحافظة على الصلاة والحجاب، وقراءة القرآن والطاعة، وأذكار الصباح والمساء، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة -:
فأنا معجب بك جدا، فبالرغم من صغر سنك، إلا أنك استطعت أن تصلي إلى هذا الموقع، وأن تكتبي مشكلتك، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك رائعة، وأنك موفقة، وأنك مسددة، وأن الله يحبك، وأنك ذكية وعبقرية، وأنه من الممكن أن تكوني - إن شاء الله تعالى – من كبار الصالحات اللواتي يخدمن دين الله تبارك وتعالى، بل ومن المتميزات المتفوقات في مجال العلم والدراسة، وكم أتمنى أن تستغلي عقلك المبارك هذا في حفظ القرآن الكريم، وحفظ شيء من السنة، وأيضا في التميز العلمي بأن تكوني الأولى على صفك الدراسي، وأن تكوني متميزة في مدرستك، وأن تكوني صاحبة إبداعات دعوية، وأن تكوني مسلمة قوية.
لأن عقلك كبير رغم صغر سنك، وتتمتعين بقدر كبير من الذكاء والفطنة، وهذه كلها أمور رائعة لو أحسنا استغلالها – ابنتي سارة – قطعا ستكونين في قمة الروعة.
فأتمنى – يا ابنتي – أن تفكري في ذلك، وأن تجتهدي، وألا تضيعي هذه الفرص الرائعة التي أكرمك الله تبارك وتعالى بها.
أما فيما يتعلق بوالدتك: فيا بنيتي؛ لا توجد أم في العالم تكره ابنتها أبدا، أبدا، ولكن قد تكون الأم جاهلة بأصول التربية، ومن الأخطاء التي أقولها مسألة أن والدتك تعقد مقارنة بينك وبين أختك، وهذا خطأ تربوي قاتل، فأمك في حاجة إلى التوجيه، وفي حاجة إلى تنبيه، ولكنها – يا بنتي – تحبك حبا عظيما، بل – يا بنيتي – أكاد أقسم لك أن كل أب وأم يحبون أبنائهم أكثر من أنفسهم، فأمك تحبك أكثر من نفسها، ولكنها لا تحسن التعامل معك، ولا تحسن التعبير عن محبتها لك.
ولذلك اجتهدي - بارك الله فيك – في محاولة ألا تثيريها، حتى لا تتصرف تصرفات تزعجك، ثم بعد ذلك تتخيلين بأنها تكرهك.
الذي أتمناه – ابنتي سارة – وقبل كل شيء أن تخرجي من رأسك فكرة أنها لا تحبك، أبدا، لأنها - كما ذكرت لك – بأنها مسكينة، وضحية تربية قاصرة، فلعل أمك ليس لديها قدر من التعليم التربوي الكافي، حتى وإن كانت جامعية، إلا أنها لم تتعلم أصول التربية للأبناء بطريقة صحيحة، فعندها خلل، هذا الخلل ترتب عليه أنها عاجزة عن إعطائك العطف والحنان والتعامل معك بصورة سليمة أو طبيعية، وإنما هي تتصرف بتلقائية، ظنا منها أن هذا الكلام هو الأصح، ولكن في الواقع هو يدمرك تدميرا حتى وصلت لحالة اليأس.
كونك تفكرين في الانتحار: هذا أمر خطير، لأننا نقول بأن عقلك راجح، وأن إمكاناتك عالية، وأصحاب العقول الراجحة، والإمكانات العالية، لا يفكرون أبدا في ترك الحياة بصورة لا ترضي الله سبحانه وتعالى، لأنك تعلمين أن الذي ينتحر يموت على غير الإسلام، وأنه يخلد في النار كما أخبر النبي - عليه الصلاة والسلام – (خالدا مخلدا فيها أبدا)، وأن المشاكل أنت فيها مشاكل بسيطة جدا – ابنتي سارة – فهناك مشاكل أكبر من ذلك بآلاف المرات، ورغم ذلك لم يفكر أصحابها أبدا لا في الانتحار، ولا في فعل شيء يغضب الله تعالى.
فأنا أتمنى - بارك الله فيك – أن تجلسي مع أمك جلسة خفيفة فيما بينك وبينها، وأن تسأليها (يا أمي أنا أريد أن أسألك: أنا أشعر بأنك تعامليني معاملة فيها شيء من القسوة، وأريد أن أعرف السبب، هل أنا لهذا الحد سيئة؟ كما أنك لم توجهيني للصواب يا أمي)، حاولي أن تتكلمي مع أمك بأسلوب كله لطف، وكله حنان، وكله هدوء، وأتمنى أن تبدئي في تقبيل رأسها، وفي تقبيل يدها، وإن استطعت أن تقبلي قدميها فذلك يكون حسنا، حتى تكسري هذه الحواجز النفسية بينك وبينها، وبذلك تكسبين قلبها ومودتها.
واسأليها، وقولي لها: (يا أمي، ما الذي تحبين أن أفعله وأنا سأفعله؟) فإذا قالت (أحب كذا وكذا) فالتزمي بما تحبه، وحاولي أن تكوني مطيعة لها، وبإذن الله تعالى ستكون الأمور بينكما في قمة الروعة، ولن تشعري بأي نوع من اليأس أو الإحباط أو القنوط - بإذن الله تعالى -.
أسأل الله أن يوفقك لكل خير، وأن يعينك على طاعته ورضاه، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق!