السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا : أريد أن أشكركم على الجهود التي تبذلونها في سبيل إعطاء كل من يسألكم الجواب المريح، لكي يرتاح من التفكير، ومن أن هذا الشيء الذي سأفعله حلال أم حرام .
ثانيا : أريد منكم أن تقرأوا هذه الإستشاره، حتى ولو لم يكن هذا المكان المخصص، لكي أسألكم عنها، وأريد أن استحلفكم بالله أن تقرؤوها، وأن تعطوني الحل لكي أرتاح .
مشكلتي هي كالآتي:-
أنا شاب من ليبيا وعمري24 سنة، العمل حاليا طالب .
وقد أحببت بنتا هي في الأصل عربية، ومن أصل عربي، وهي من السودان، وتعرفت عليها عن طريق الإنترنت، وحصل بيني وبينها قصة حب رائعة، مع العلم بأن قصة حبنا نظيفة وشريفة، وخاليه من أي شيء حرمه الإسلام.
وأتت هذه البنت إلى دولتنا للدراسة فيها، وذلك للتقرب مني ومن أهلي.
وعندما أبلغت والدتي عن القصة رفضت وبشدة أن أتزوج هذه البنت، وقالت لي: إن العادات والتقاليد تختلف بين بلدنا وبلدهم.
حاولت أن أقنع والدتي بشتى الطرق، ولكن للأسف كلما آتي إلى والدتي وأفاتحها بالموضوع أجد نفس الجواب عندها ألا وهو الرفض، ولم تصل المشكلة إلى هذا الحد فقط، بل قالت لي والدتي: إذا كنت تريد أن تتزوجها، فإنك تكون قد عصيت أمري، وفعلت ذلك من دون رضاي، أي أن قلبها غير راض عني.
وأنا بصراحة أخاف عقوق الوالدين ؛ لأنه من الكبائر.
ولكن في نفس الوقت ما ذنب هذه البنت التي ضحت بكل ما لديها لكي تأتي إلى بلدي ؟ وما هو مصيري أنا بعد أن أترك هذه البنت؟
وما هو رأيكم ورأي الشرع لو أني تزوجتها وأهلي غير موافقين على هذا الزواج؟
لذلك أريد منكم الحل الذي يريحني من الغم الذي أعانيه.
ولكم مني جزيل الشكر والاحترام.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل / علي عبد الله حفظه الله .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية اسمح لي أن أعتذر إليك لتأخر الرد، وذلك لظروف الحج، ونعدك إن شاء الله بعدم التأخر في أي رد مستقبلا، ونرحب بك وبأسئلتك في أي وقت وفي أي موضوع، فأهلا وسهلا ومرحبا بك يا أبا حسن.
أخي الفاضل! كان الله في عونك وفي عون تلك الأخت الكريمة الفاضلة التي ضحت هذه التضحية من أجلك، ورغبة في أن تكون معك علها تحظى معك بحياة شرعية زوجية سعيدة مستقرة، وهي بحق من الأخوات النادرات في التضحية، خاصة في هذا العصر الذي سادت فيه الأنانية وحب الذات، وقل الناصر والمعين إلا من رحم الله.
وأنا لا أريد أن أعكر صفوكم بأنكم لم تسيروا في أموركم سيرا طبيعيا، إذ كان من الواجب عليكم أن تدرسا هذا الأمر قبل حضورها من بلدها، وأن تعرف مدى استعداد أهلك لمثل هذا التصرف، ولمثل هذه الزوجة، لذا اسمح لي أن أقول إنكم عشتم في عالم الخيال، ولم تأخذا بالأسباب التي شرعها الله، أو اتفق عليها الناس، أو تعارفوا عليها.
ولقد أدى ذلك إلى أن أصبحت في وضع لا تحسد عليه أنت وهي، وليس أمامكم من حل فيما أعلم إلا المصارحة، وعرض الموضوع عليها بأمانة وصدق، حتى لا تظل تعيش على وهم أو سراب، أو حلم لا يتحقق، لابد من مصارحتها بموقف والدتك ورفضها الشديد لهذا الارتباط، ثم تتركها تقرر مصيرها بنفسها، إن شاءت أن تكمل دراستها في بلدكم أو تعود إلى بلدها، وأن تحاول نسيان ما مضى وأنت كذلك؛ لأنه لا يجوز لكما شرعا أن تلتقيا بعد الآن، خاصة وقد علمتما بعدم إمكانية هذا الزواج؛ لأنه لا يعقل أن تتزوج وتعصي أمك، وليس لك مخالفة والداتك، حتى وإن كانت مخطئة أو متعنتة، ولا مانع من استعمال سلاح الدعاء، عسى الله أن يعطف قلب أمك عليك، وأن تقبل بذلك الزواج؛ لأنه (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فعليكما بالدعاء بكثرة، والإلحاح على الله أن يلين الله قلب أمك، ثم هناك أيضا صلاة الاستخارة، هل يا ترى صليتما استخارة لتعرف أي الأمرين خير؟
وما أدراك، لعل عدم زواجكما هو الخير، وأنتما لا تشعران، وكما قال الحق تبارك وتعالى: (( فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا ))[النساء:19].
المهم الآن: اقطع العلاقة؛ لعدم مشروعيتها، ومواصلة الدعاء، وبعد موافقة والدتك لا مانع من التقدم إليها حتى تحظى برضا والدتك، وترزق الأمن والأمان، والسعادة والاستقرار من المولى جل جلاله.
مع دعواتي لك بالتوفيق والاهتداء للذي هو خير، إنه جواد كريم.