ينتابني الشك والنسيان كثيراً، هل هذا وسواس قهري؟

0 387

السؤال

السلام عليكم.

شكرا لكم على ما تقدمونه، ولدي سؤال: هل الشك في نسيان أمر ما أو فقدان أشياء يعتبر من أعراض الوسواس القهري؟ بمعنى أني دائما أشك في فقدان أشياء لدي مهمة، تخص المنزل أو تخص أشياء مهمة في الدوام، ودائما ما تأتيني أفكار مزعجة! علما أني أحاول أن لا ألتفت إليها، لكن لا أستطيع، ودائما أشك في فقدان الأشياء، سواء مهمة أو غير مهمة، مثل أوراق رسمية أو أي أشياء مهمة لدي، هل هذا وسواس قهري؟ أم أنه خوف؟ أم ماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عثمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك على السؤال، وعلى التواصل معنا على هذا الموقع.

يبدو من خلال ما ورد في سؤالك أن التشخيص هو كما ذكرت في سؤالك، حالة من أنواع الوسواس القهري، ومن أكثر الوساوس انتشارا هي وساوس الدين والجنس والمرض.

في كثير من الحالات يكون الوسواس القهري في شكل التشكيك في أمر ما، وكما يحدث معك في الشك بأنك نسيت شيئا، أو أنك ستفقد أشياء أخرى، وفي أي منها يمكن أن تأتي مجموعة كبيرة من الأسئلة اللانهائية، هل فقدت شيئا أم لا؟! وكلما انتهيت من سؤال أتاك بعده سؤال آخر، وهكذا.

قد لاحظت أن هذا هو سؤالك السابع لهذا الموقع في السؤال عن الوساوس، فحاول أن تمسك نفسك عن إرسال الأسئلة المتعلقة بالوسواس، فهذا جزء من العلاج السلوكي والذي سأذكره لاحقا!

صعوبة الوساوس القهرية أنها تأتي في الأمور العزيزة على الإنسان، كدينه وإيمانه وصحته، ومن هنا كانت صعوبة الوسواس، فالمؤمن تأتيه في إيمانه وتوكله على الله، وأنت تأتيك في هذه الأفكار، من احتمال فقدان شيء ما، والغالب أنك إنسان حريص ودقيق، ولا تفقد الأشياء، إلا أنه الوسواس، بينما إنسان آخر تأتيه في صحته واحتمال المرض، حيث تدور في ذهنه أفكار أو جمل أو عبارات أو حتى صور وخيالات، وهكذا فقد لا يسلم شيء مما يعتز به الإنسان ويؤمن به، فتضيق الدنيا على هذا الشخص المبتلى بكل هذه الوساوس، ويبدأ يتساءل هل أنا شخص طبيعي، مما يضاعف في معاناته، وحتى يدخل في دائرة معيبة.

اطمئن، فكل ما يدور في ذهنك من هذه الوساوس، وربما غيرها مما لم تخبرنا به ربما لخجلك منها، أو ارتباكك من ذكرها، كلها وساوس قهرية، لست مسؤولا عنها، لأن من تعريف الوساوس أنها أفكار أو عبارات أو جمل أو صور تأتي للإنسان من غير رغبته ولا إرادته، بل أنت لاشك تحاول جاهدا دفعها عنك، إلا أنها تقتحم عليك أفكارك وحياتك، وأنت لا تريدها.

إن بعض الناس، وممن لم يصب بالوسواس، يجد صعوبة كبيرة في فهم هذا الأمر، إلا أن هذا لا يغير من طبيعة الأمر شيئا، ويبقى الوسواس عملا ليس من كسب الإنسان، وليس من صنعه.

الوساوس القهرية هي مجرد مرض نفسي، أو صعوبة نفسية قد تصيب أي إنسان لسبب أو لآخر، كما يمكن لاضطرابات أخرى أن تصيب أعضاء أخرى من الجسم كالصدر والكبد والكلية، وكما أن لهذه الاضطرابات علاجات، فللوسواس وغيره من الأمراض النفسية علاجات متعددة، دوائية ونفسية وسلوكية.

في هذا الموقع الكثير من الأسئلة التي تدور حول الوساوس، مما يعكس أولا مدى انتشارها بين الناس، وإن كان من المعتاد أن لا يتحدث الناس عنها، ولا حتى المصاب، إلا بعد عدة سنوات ربما، حيث يعاني أولا بصمت ولزمن طويل قد يصل لسبع أو تسع سنوات، ولذلك أشكرك على أن كتبت لنا.

إن وضوح التشخيص، وفهم طبيعة الوسواس، لهو من أول مراحل العلاج، وربما من دونه قد يستحيل العلاج! ومن أهم طرق العلاج هو العلاج المعرفي السلوكي، وهو الأصل، وهناك بعض الأدوية التي تساعد، والتي هي في الأصل مضادة للاكتئاب، إلا أنها تخفف من شدة الوساوس، وتحسن الحالة المزاجية، لكن إن وجدت صعوبة كبيرة في التحسن أو التكيف، أو طال الأمر عليك وأزعجك كثيرا، فأنصحك بمراجعة أخصائي نفسي قريب من مكان سكنك، ليقوم على العلاج.

وفقك الله، وحفظك من كل سوء.

مواد ذات صلة

الاستشارات