السؤال
السلام عليكم..
أنا طالبة في المرحلة المتوسطة، أعاني من خجل شديد جدا، ولا أحب أن أكلم أحدا، ولا أرتاح لأي شخص، ولا ألقي السلام، وصوتي منخفض جدا، ومستحيل أن أشارك في الفصل، وأعتمد على غيري، وكثيرة الوسوسة، وأيضا أكره نظرات الناس لي، وأشعر بعدم الارتياح، وأحب الوحدة كثيرا، وبصراحة قرأت الكثير عن تطوير الذات وتعزيز الثقة في النفس، ولكن دون جدوى.
أرجو منكم معالجة حالتي عاجلا، لأني في وضع لا حول لي ولا قوة، ولا أستطيع الذهاب إلى أخصائي نفسي لظروفي الخاصة.
انتظر الرد.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هند حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
شكرا لك على الكتابة إلينا.
معك كل الحق، فالموضوع ليس في قراءة مواضيع تطوير الذات، أوالقراءة عن تعزيز الثقة بالنفس، ولكن لا بد من التطبيق والاستمرار، ومتابعة التطبيق، ويقال " إننا لا نعرف مدى تأثير الدواء حتى نتناوله"!
ويبدو لي من خلال سؤالك أن لب المشكلة ربما هي في خجلك الشديد، وتجنبك للناس.
فهل وصل الأمر عندك إلى الارتباك أمام الناس، وفي تجنبهم إلى درجة الرهاب الاجتماعي؟ ربما.
وإن كان قد وصل، وهذا ما يبدو، وهذا ما يفسر قلة انتفاعك من برامج تطوير الذات.
وهذه الحالة النفسية معروفة جدا نسميها عادة: "الرهاب الاجتماعي"، وهي حالة قد تبدأ فجأة، وأحيانا من دون مقدمات أو مؤشرات، حيث يشعر الشخص بالحرج والارتباك في بعض الأوساط الاجتماعية، وخاصة أمام الجمع من الناس، وفي بعض المناسبات، كالحديث مع المعلمين، وقد يشعر أيضا باحمرار الوجه، وتسرع ضربات القلب، بينما نجد نفس الشخص يتكلم بشكل طبيعي ومريح عندما يكون في صحبة شخص أو شخصين فقط، أو يتحدث مع المعلم على انفراد.
وقد يترافق هذا الخوف أو الارتباك ببعض الأعراض العضوية: كالتعرق، والإحساس وكأنه سيغمى عليه، أو أن الناس ينظرون إليه، وقد يحاول الإسراع بالخروج من المكان الذي هو فيه من أجل أن يتنفس لشعوره بضيق التنفس وكأنه سيختنق، ومجموعة هذه الأعراض قد نسميها نوبة الذعر أو الهلع، وقد يوجد الرهاب الاجتماعي مع أو من دون نوبات الهلع.
وفي معظم الحالات ينمو الشخص، ويتجاوز هذه الحالة، ومن دون علاج، وخاصة عندما يتفهم طبيعة هذه الحالة، وبحيث لا يعود في حيرة من أمره، لا يدري ما الذي يجري معه، فهذا الفهم والإدراك لما يجري، وأنها حالة من الرهاب الاجتماعي، ربما هي الخطوة الأولى في العلاج والشفاء.
وقد يفيدك التفكير الإيجابي بالصفات والإمكانات الحسنة الموجودة عندك، كذلك أن تحاولي بأن لا تتجنبي الأماكن الخاصة التي تشعرين فيها بهذا الارتباك: كالحديث مع المعلمين، لأن هذا التجنب لا يزيد الأعراض إلا شدة، والنصيحة الأفضل هي: أن تقتحمي مثل هذه التجمعات المجتمعية، ورويدا رويدا ستلاحظين أنك بدأت بالتأقلم والتكيف مع هذه الظروف الاجتماعية، وبأن ثقتك في نفسك قد تحسنت جدا.
وإذا استمرت الحالة أكثر، ولم تستطيعي السيطرة عليها، فيمكنك بالرغم من صعوبة هذا الأمر، مراجعة الطبيب النفسي الذي يمكن بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي، والذي يقوم على ما سبق ذكره، أن يصف لك أحد الأدوية التي يمكن أن تخفف وتعين، وإن كان العلاج الأساسي يقوم على العلاج السلوكي المعرفي.
وتذكري ما قلناه: "إننا لا نعرف مدى تأثير الدواء حتى نتناوله"! وينطبق هذا على الدواء كما ينطبق على العلاج النفسي وتغيير السلوك.
وفقك الله، وفتح لك أبواب الخير والنجاح.