السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا على جهودكم، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، ولثقتي بكم؛ أود استشارتكم في مشكلة أخي المهمل.
لدي أخ يبلغ من العمر 12 سنة، يدرس في الصف الخامس الابتدائي، وهو مهمل كثيرا في دراسته، فلا يذاكر، ولا يكتب الدروس، ويمضي معظم وقته في اللعب خارج المنزل أو مشاهدة التلفاز- خصوصا قناة ناشونال جيوغرافك-، وتربية أرانب يملكها.
شخصيته هادئة جدا ولا مبالية، أمي تكثر له التوجيه واللوم، وأبي يوبخه ويضربه أحيانا ليكتب دروسه ويذاكر، فيبكي وقتها، وقد يكتب دروسه في اليوم التالي، ثم يستمر في الإهمال واللامبالاة، حتى في أعماله اليومية، فهو لا يستحم إلا بعد نداءات أمي المستمرة، مع العلم أنه ذكي، ويحصل على درجات جيدة في الامتحانات، وهو سريع الفهم.
أبي يشجعه للحصول على الدرجات العالية من خلال إعطائه مبلغا من المال لكل مادة يحصل فيها على درجة كاملة، ولكن لم يفد ذلك كثيرا في تشجيعه.
أمي وأبي احتاروا كثيرا في توجيهه وتغيره، فكيف نتعامل معه وكيف نحفزه، ونجعله يصبح أكثر اهتماما وحرصا؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا، وعلى السؤال.
من الواضح أن هذا الأخ الصغير ذكي، فيكفيه أنه يقضي الوقت في مشاهدة قناة ناشونال جيوغرافي، -واحمدوا الله على هذا-، وعززوا ذلك عنده، لأنه ليس كمن يقضي الساعات على القنوات السيئة والمضيعة للأوقات بلا فائدة، وما أكثرها.
وما هي المشكلة في تربية الأرانب، وأيضا -احمدوا لله تعالى- أن هذه الشاب الصغير يستفيد من وقته في عمل مفيد يتعلم من خلال عن الحياة.
إن الصفة التي تتعبنا في الطفل وهو صغير قد تكون هي نفسها الصفة التي ستكون وراء نجاحه وتفوقه في قابلات الأيام، فمن يدري قد يكبر هذا المراهق ليكون عالما من علماء الأحياء وعالم الحيوان أو طبيبا، فماذا نفعل مع الطفل؟
كل طفل صغير في هذا العمر يحتاج إلى حدود واضحة للسلوك، وأن يعرف وبكل وضوح ما هو مسموح، وما هو غير مسموح، ووضوح هذا الأمر، ومن دون أي التباس أو شك أو تردد، لا يعني بالعنف أو الضرب، وإنما أن يقال له وبهدوء ووضوح، أن بعض الأعمال غير مسموح بها أبدا، وأن يعلم وهو يستمع إليك أو إلى أحد والديه، ومن خلال نبرة الصوت ونظرة العينين، ومن دون ابتسام، أنكم جادون تماما فيما تقولون له.
وأفضل من المنع عن العمل السلبي الذي يزعجكم، هو أن تشجعوه على القيام ببعض الأعمال البديلة عن الأعمال التي لا تريدون أن يفعلها.
وسأشرح هنا شيئا أساسيا يمكن أن يكون نقطة تحول في سلوك هذا الطفل:
إن من أكثر أسباب السلوك المتعب عند الأطفال، وربما كثيرا مما ذكرته في سؤالك عن سلوك أخيك ينطبق عليه هذا، وهو الرغبة في جذب الانتباه لنفسه.
ومن المعروف أن الطفل يحتاج لانتباه من حوله، كما يحتاج للهواء والطعام والماء، وإذا لم يحصل الطفل هذا الانتباه على سلوكه الحسن، فإنه سيخترع طرقا سلوكية كثيرة لجذب هذا الانتباه، والغالب أن يكون عن طريق السلوكيات السلبية.
ولماذا السلوكيات السلبية؟
ببساطة لأننا نحن الآباء والأمهات لا ننتبه للسلوك الإيجابي، وكما قال أحدهم "عندما أحسن العمل، لا أحد ينتبه، وعندما أسيئ
العمل، لا أحد ينسى".
لماذا لا نعزز عنده أن يتابع قناة جيدة مفيدة كقناة ناشيونال جيوغرافي، وأنه لا يضيع وقته بأمور تافهة أخرى؟
لماذا لا نعزز عنده اهتمامه بالأرانب، والرسول الحبيب يقول لنا: "وفي كل كبد رطبة أجر"؟
قاعدة بسيطة في علم النفس والتربية، أن السلوك الذي نلاحظه وننتبه إليه ونعززه يتكرر ويستمر، بينما السلوك الذي لا نلاحظه ولا نعززه يقل ويختفي مع الوقت، فانظروا أي سلوك تريدون أن يتكرر عنده، وأي سلوك تريدونه أن ينتهي؟
وما يمكن أن تفعلوه مع هذا الطفل، عدة أمور منها:
1- أن تلاحظوا أي سلوك إيجابي يقوم به، وأن تـشعروه بأنكم قد لاحظتم هذا السلوك الإيجابي، ومن ثم تشكروه عليه.
2- أن تحاولوا تجاهل بعض السلوك السلبي الذي يمكن أن يقوم به، إلا السلوك الذي يعرض فيه نفسه أو غيره للخطر، فعندها من الواجب عدم تجاهل الأمر، وإنما العمل على تحقيق سلامته والآخرين مباشرة.
حفظ الله هذا الأخ الصغير.