السؤال
السلام عليكم ..
أعاني من مشكلة، وهي أني غير جريئة لتقديم النصح لأقرب الناس لي، مع أنهم يكونوا على خطأ.
السلام عليكم ..
أعاني من مشكلة، وهي أني غير جريئة لتقديم النصح لأقرب الناس لي، مع أنهم يكونوا على خطأ.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فنرحب بك -ابنتنا الفاضلة– ونشكر لك هذا الحرص على الخير، وهذه الرغبة في تقديم النصح، ونسأل الله أن ينفع بك البلاد والعباد، واعلمي أن الأقربين أولى بالمعروف، وأن أول دائرة للدعوة إلى الله هي دائرة الأقربين، قال الله في كتابه الكريم مخاطبا رسوله الأمين: {وأنذر عشيرتك الأقربين} فالإنسان ينبغي أن يعود نفسه قول الحق، وهذا الشعور منك جزيت خيرا عليه، ونحن نرى أن الإنسان قبل أن ينصح عليه أن يلتزم، والأفضل له أن يلتزم بهذا الدين العظيم؛ لأنه دعاية لإسلامه بسمته وأخلاقه، وهي دعاية إلى الله تبارك وتعالى، وأنت داعية إلى الله بأخلاقك وأفعالك وأحوالك، فنسأل الله أن يعينك على الثبات والسداد، وأن يلهمك الرشاد.
ثم بعد ذلك لا بد أن تتحيني الوقت المناسب، وتنتقي الألفاظ المناسبة، وتذكري هذا المنصوح بإيجابياته وبحسناته، وتقولي: (مثل هذا العمل لا يشبهك أنت يا فاطمة، وأنت ما شاء الله مشهورة بالخير، وأنا سمعت العلماء يقولون كذا – إذا كانت أكبر منك – والمشايخ والدعاة إلى الله ينبهون على هذا الأمر العظيم؛ ولأني أحبك أخيتي فأنا أريد لك الخير، وأتمنى من الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير) ونبدأ بالهدوء، بالتعليم، بإظهار الشفقة واللطف، بانتقاء الكلمات، بتذكير الإنسان بإيجابياته وحسناته، ويفضل أن تكون البداية نصيحة فردية بينك وبين هذه الأخت أو القريبة التي وقعت في الخطأ؛ لأن النصح بين الناس يجلب عداوة المنصوح، والشيطان حاضر، والأمور لا تفهم بوضعها الصحيح.
ولذلك تبدئين بدعوة هذه، وحبذا لو وضعت معها أرضية من العلاقة والابتسامة في وجهها، ثم بعد ذلك تقولين لها: (أريدك في موضوع خاص) ثم تنبهينها على خلل في حجابها أو خلل في صلاتها أو تقصير في طاعتها لربها، بعد أن تذكريها بإيجابياتها، وحتى وأنت تنصحينها وحدك لا بد أن يكون ذلك برفق ولطف، يقول قائل:
تعاهدني بنصحك في انفراد *** وجنبني النصيحة في الجماعة
فإن النصح بين الناس لون *** من التوبيخ لا أرضى استماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعة
ثم عليك أن تكوني متأكدة من المعلومة التي تريدين أن تنصحي بها، ثم عليك أن تبدئي بالأمور الكبيرة، ثم عليك أن تتذكري أن النصح له أجر عظيم؛ فلأن يهدي الله بك رجلا واحدا –أو امرأة– خير لك من حمر النعم.
ثم عليك أن تتذكري أن الله يسألنا لماذا لم تقل في كذا؟
فيقول الإنسان: أي رب مخافة الناس - خشية الناس، حياء من الناس، خوفا من الناس - فيقول رب العزة: فإياي كنت أحق أن تخاف.
إننا عندما ننصح فلأن هذا واجب علينا؛ ولأن هذا من حق إخواننا، أنت الآن إذا رأيت أي واحدة من قريباتك تريد أن تسقط في حفرة أو في ورطة أو في مكان خطأ فإنك تأخذين بيدها، فكيف نسمح لأقربائنا أن يقعوا في النار ونحن نشاهدهم دون أن نقدم لهم النصيحة، ونأخذ بأيديهم إلى الله تبارك وتعالى؟!
إذن أنت إذا تذكرت الدوافع، وتذكرت أن النصح واجب، وتذكرت أن ثوابه عظيم، وتذكرت أنه من حق هؤلاء، وتذكرت أنه لا بد أن يكون بأسلوب حسن، فإن هذا مما يعينك على كسر هذا الحاجز الوهمي، والمسألة مسألة نجاة، لا بد أن ندعو للآخرين وننصح لهم إذا وجدناهم على الخطأ، ولكن المهم هو الأسلوب، فإذا عجزت لكون هذه المنصوحة كبيرة المقام، كبيرة المكانة، كبيرة السن، فيمكن أن تبلغي من في سنها وتطلبي منها أن تنصحها، وبذلك أيضا تكونين قد أديت ما عليك، وإذا كانت في سنك أو من الممكن أن تقبل منك، فعند ذلك تقدمين لها النصيحة بآدابها وشروطها، بحكمة ولطف ورفق وشفقة.
نسأل الله أن يعينك على الخير، وأن ينفع بك بلاده والعباد.