السؤال
السلام عليكم.
أنا فتاة في 23 من عمري، أصبت بمرض الصرع قبل 9 سنوات، ومنذ ذلك الحين وإلى الآن أدعو الله يوميا بعد كل صلاة وقبل النوم أن يشفيني، أدعوه دائما، لم يمر علي يوم إلا ودعوته فيه، وكنت أقول في نفسي، حتى إن لم أشف فقد يكتب الله لي بها حسنات.
مع العلم أنني أتعالج، وأتناول أدوية الصرع، ولكن قبل أيام قرأت قصة أيوب عليه السلام، كيف صبر على ألمه ووجعه، وعلى كل ما ابتلاه الله به، ولم يشك أبدا، وعندما طلبت زوجته منه أن يدعو الله حتى يشفيه قال إني عشت 80 سنة في الرخاء و18 سنة في الألم، وسنوات الألم لم تبلغ سنوات الرخاء، لذلك أستحي أن أطلب من الله أن يشفيني.
عندما قرأت هذه القصة شعرت بالخجل الشديد من نفسي، فأنا أيضا لم تبلغ سنوات الألم عندي سنوات الرخاء، ولكني لم أصبر مثل أيوب عليه السلام، بل كنت أدعو الله يوميا، فهل كنت مخطئة في ذلك؟ وهل أستمر في الدعاء أم أتوقف؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
مرحبا بك – ابنتنا الكريمة – في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، وأن يعجل لك بالشفاء.
نحن نشكر لك علو همتك – أيتها البنت الكريمة – في طلبك الاقتداء بأنبياء الله تعالى في صبرهم على ما نزل بهم من البلاء، وهذا دليل على رجاحة في عقلك، وحسن في إسلامك.
نحن على ثقة من أنك بهذه النفسية التي تتلقين بها ما نزل بك من المصاب تتسببين في جلب سعادتك في الدنيا والآخرة، فإن البلاء – أيتها البنت الكريمة – قد يكون من نعم الله عز وجل العظيمة على الإنسان، إذ به يكفر الله عز وجل السيئات وبه يرفع الله عز وجل الدرجات، قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم) وقال: (لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - ونحن نبشرك أولا بثواب الله تعالى وجزائه إذا أنت صبرت واحتسبت، فإن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا.
أما طلب الشفاء – أيتها البنت الكريمة – فهو جائز، ولا حرج عليك فيه، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم – بالتداوي في قوله، (تداووا) وحث على ذلك بقوله: (ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء) فلا حرج عليك ولا إثم في أن تأخذي بالأسباب للتداوي مما أنت فيه، ومن أعظم الأسباب بلا شك التوجه إلى الله تعالى وسؤاله بصدق واضطرار، فإن الدعاء من أعظم الأسباب في تحصيل المقاصد، ومن ثم فلا حرج عليك أبدا في أن تسألي الله تعالى العافية والشفاء، وتكثري من سؤاله، فإن الله عز وجل يحب الملحين في الدعاء.
سؤال الله تعالى العافية أمر مطلوب، فقد حثنا النبي - صلى الله عليه وسلم – على ذلك في أحاديث كثيرة، ومن ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: (سلو الله العافية) وإذا كان الإنسان المؤمن على قدر من الصبر واليقين واختار أن يصبر على ما نزل به من البلاء ولم يأخذ بالأسباب لدفعه، فإن ذلك قد يكون أفضل في حقه، ولكن هذه المرتبة لا تصلح لجميع الناس، ومن ثم كان من رحمة الله تعالى وتيسيره ولطفه بعباده أن شرع لهم التداوي والأخذ بأسبابه وحثهم عليه، رحمة بهم ورفقا بهم.
أيتها البنت الكريمة، لا حرج عليك أبدا في أن تكثري من دعاء الله تعالى وسؤاله أن يشفيك، واستقبلي بعد ذلك قضاء الله تعالى وقدره بالرضا، فإن ما يختاره الله تعالى لك هو الخير، فإن اختار لك أن يشفيك مما أنت فيه فذلك خير ونعمة، وإن اختار سبحانه وتعالى البقاء على ما أنت عليه إلى زمن يعلمه الله تعالى فذلك أيضا هو الخير، فهو سبحانه وتعالى أعلم بمنافعك ومصالحك، وأنت لا تعلمين، وهو أرحم بك من نفسك، ولذلك يقول سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
نسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يكتب لك الخير حيث كان ويرضيك به، وأن يعجل لك بكل ما تحبين، ويصرف عنك كل سوء ومكروه.