السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
معلومات عني: أنا رجل، عمري 37 عاما، وزني 189، طولي 176، الحالة الصحية: حساسية في الشعب الهوائية (ضيق في التنفس) أحيانا، واستخدم البخاخ العادي، لا يوجد عندي ضغط أو سكر، أكون عصبيا أحيانا وقلقا أحيانا؛ مما يؤثر على القولون والانتفاخات، ناجح في عملي، وقد يعيقني عن التقدم والتطوير ما أعانيه في مشكلتي التالية.
مشكلتي: أعاني من الرهاب الاجتماعي وربما عدم الثقة بالنفس أحيانا، والخوف الشديد من النقد والقلق، وتظهر علي علامات الخجل الاجتماعي إذا تعرضت لموقف، فيحمر وجهي وأتصبب عرقا، ولا أستطيع إيصال فكرتي، وحالة من الدوامة أو الدوخة الخفيفة ...إلخ، أفضل عدم المناقشة، وربما أفضل التزام الصمت، ولا أحب أن أكون محور الحديث في مجموعة كبيرة؛ لكي لا يظهر علي الخجل أو النقد.
أحاول كثيرا جدا التغلب على هذه المشكلة بالحضور والاحتكاك بالناس، وأجد تحسنا، ولكن يبقى الخوف الشديد من الأعراض التي قد تأتي فجأة، ولم يعد يهمني إلا تلك الأعراض التي تلفت النظر، فأصبح خوفي منها بنسبة 90٪ ، هي كل همي تقريبا، وربما أعتذر عن الحضور للمناسبات بسبب خوفي من ظهورها علي، وإذا أجبرت على الحضور أشعر بالهم والخمول والرغبة في النوم، ربما هذا هروب.
عموما أنا لا أرغب في الذهاب إلى أي طبيب نفسي أبدا، وأريد دواء مناسبا للتغلب على تلك الأعراض، وقد قرأت عن دواء (الزيروكسات) بأنه الدواء الأول ربما، ولكن الخوف من الانتكاسة وما يشتكيه كثير من الذين استخدموه.
وقرأت عن (الزولفت) وعن (البروزاك) وقرأت عن (الاندرال)، أرغب في دواء استخدمه بشكل مؤقت، حتى ولو كان استخدامه قبل الخروج لاجتماع، أو الظهور للنقاش، أو إلقاء كلمة، أو إمامة في صلاة، وأتمنى أن يكون موجودا في السعودية، مع العلم أنني اشتريت (اندرال 10m) ولم أستخدمه إلى الآن؛ خوفا من مشكلة ضيق التنفس.
بارك الله فيكم، وشكرا من القلب على الموقع الرائع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمجمل أعراضك تشير إلى أنك تعاني من قلق المخاوف، والجزء الأكبر في مخاوفك يظهر في شكل مخاوف أو قلق اجتماعي من النوع البسيط، حتى وإن كثرت الجزئيات العرضية –أي الأعراض المتعددة من هنا وهناك– فهي لا تدل على وجود أمراض متعددة، الحالة واحدة، وهي -كما ذكرت لك– قلق المخاوف، وقلق المخاوف يجب أن يتعامل معه الإنسان من خلال التدبر والتفكر فيه، وحين يخضعه الإنسان للمنطق سوف يجد بالفعل أنه سخيف، ويجب ألا يهتم به، ولا يعتبره أبدا.
من المهم جدا أن يصحح الإنسان مفاهيمه؛ لأن معظم الذين يعانون من المخاوف –خاصة المخاوف الاجتماعية– تجد لديهم أفكارا وانطباعات خاطئة وسيئة جدا، فهم يعتقدون أنهم سوف يفشلون أمام الآخرين، أو أنهم سيكونون مصدرا للاستهزاء والسخرية، وهذا كله ليس صحيحا، وأهم شيء نسعى دائما أن نجعل الناس يتفهمونه وبدقة هو: أن الأعراض النفسوجسدية التي تكون مصاحبة للخوف الاجتماعي هي أعراض خاصة بالإنسان، يستشعرها هو بنفسه، وهنالك مبالغة في مشاعره، وأنه لا يتحسسها أو يلاحظها أحد، حتى احمرار الوجه الذي يشتكي منه الكثير من الناس؛ والذي ينتج من زيادة في ضخ في الدم، لا يكون بالمبالغة والشدة التي يتصورها الذي يعاني من هذه العلة.
فيا أخي الكريم: صحح مفاهيمك على هذه الأسس السلوكية المعرفية، وهذا سوف يفيدك كثيرا، وقطعا من اطلاعاتك الكثيرة حول هذه الحالات تكون قد عرفت أن أفضل وسيلة للعلاج هي: تحقير فكرة الخوف، والانهماك والإصرار على المواجهات، فالتجنب يزيد من الخوف.
هنالك نوع من المواجهات الاجتماعية الجيدة جدا، لا تكلف الإنسان كثيرا، ولا تتعبه من حيث أنها أداة قلق، وفي ذات الوقت يستفيد منها -إن شاء الله تعالى– كثيرا، فمثلا: الحرص على أداء الصلاة جماعة في المسجد، وممارسة أي رياضة جماعية، ومخالطة الناس في مناسباتهم، والانخراط في أي نشاط ثقافي أو اجتماعي أو خيري، هذا يحسن من الدافعية نحو المواجهة، ويجعل الإنسان يعيش المواجهة الحقيقية المفيدة، وهذا قطعا يجعل الخوف والرهاب يتلاشى، والرياضة ذات منفعة خاصة جدا لأعراض القولون العصبي، والتي غالبا تكون ناتجة من القلق المقنع.
بالنسبة للعلاجات الدوائية: بالطبع لها دور ولا شك في ذلك، وأنا قطعا لا أنصحك بتناول (الإندرال) ما دمت تعاني من حساسية في الصدر، ويعرف أن انقباض الشعب الهوائية يزداد بتناول (الإندرال)، لا أقول: إن (الإندرال) ممنوع منعا قاطعا، هناك بعض الحالات للربو البسيط يمكن استعماله، لكن هذا يجب أن يكون تحت الإشراف الطبي، فلا أنصحك أبدا أن تتناول الإندرال تحت أي ظرف من الظروف دون إرشاد طبي مباشر.
يبقى أمامك -أيها الأخ الكريم– تناول أدوية مثل (الفلوناكسول) مثلا، بجرعة نصف مليجرام، أيضا هو جيد في إزالة القلق، وعقار مثل (الزاناكس) وإن كنت لا أحبه كثيرا، لكن البعض يقول إنه جيد عند المواجهات، وإن كان يسبب استرخاء زائدا وشيئا من النعاس للبعض.
الأصلح والأنسب هو أن تتناول أحد الأدوية التي تعالج القلق والخوف، وحين تبني قاعدة علاجية سليمة وتحس أن أعراضك كلها قد انتهت، بعد ذلك سوف يكون لديك الدافع المعنوي الذي يساعدك في التخلص من الخوف والقلق، فأنا أرشح بل أؤيد بل أطلب منك -أخي الكريم- أن تتناول أحد الأدوية التي ذكرتها (الزولفت أو البروزاك) تناولها لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر وبانتظام، ثم بعد ذلك توقف عن تناولها؛ لأن بناء القاعدة العلاجية الرصينة وشعور الإنسان بالتحسن الحقيقي يمثل دافعا قويا للمزيد من التحسن.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.